من المنتظر أن يدخل المغرب مرحلة الأداء بواسطة الهاتف المحمول السنة المقبلة، حسب ما كشفه عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، خلال ندوة صحافية أعقبت آخر مجلس إداري للبنك المركزي خلال السنة الجارية. وأشار الجواهري، في الندوة الصحافية التي نظمها بمقر البنك المركزي بالرباط أمس الثلاثاء، إلى أن هذا الورش حقق تقدماً إيجابياً، مبدياً تفاؤله بتفعيله السنة المقبلة بعد الموافقة على العمل بالعمليات البينية بين البنوك المغربية. وعمل البنك المركزي على هذا الورش المندرج ضمن أهداف مشروع الرقمنة بمشاركة الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، والبنوك الرئيسية والشركات الثلاث الفاعلة في مجال الاتصالات، التي ستصبح منخرطة هي الأخرى في هذا الورش لتصبح مؤسسات أداء. وبفضل تقنية الأداء بواسطة الهاتف المحمول للمستهلكين، يمكن أداء ثمن المشتريات انطلاقاً من الهاتف النقال. وسيتم احتساب قيمة هذه المعاملة سواء على البطاقة البنكية، أو على فاتورة الفاعل أو على محفظة إلكترونية، وهي تقنية أصبحت متاحة في عدد من دول العالم. وفي حديثه عن الجدل الذي رافق العملة الرقمية "بيتكوين" بالمغرب، اعتبر والي البنك المركزي أن هذه الأخيرة ليست عملة، باستحضار النظرية الاقتصادية، مشيراً إلى أن العملة يجب أن تستجيب لثلاثة معايير، أولها أن تكون وسيلة للأداء، إضافة إلى توفرها على احتياطي للقيمة، وأن تكون أداة ادخار. وأوضح الجواهري أن "البيتكوين"، وهي من العملات الافتراضية المشهورة، أصل مالي أكثر مما هي عملة، وحذر من كونها تمثل أداة مضاربة وتعرف تقلبات ويمكن أن توظف في أهداف مجرمة من قبيل تمويل الإرهاب. وقال الجواهري إن والي البنك المركزي الفرنسي طلب إدراج قضية "البيتكوين" في قمة مجموعة العشرين المزمع عقدها في أبريل المقبل، وأضاف: "وأنا شخصياً طلبتُ من مديرة صندوق النقد الدولي التدخل من أجل تأطير هذه العملات الافتراضية من قبل المؤسسات الدولية. هناك بعض الدول التي منعتها بشكل كلي، مثل الصين وروسيا وكوريا الجنوبية واليابان، وهناك دول متساهلة مثل أمريكا، لكن تقبلها كمنصة أداء تستوجب الترخيص وليس كعملة". وأشار الجواهري إلى أن هناك "مخاطر في استعمال هذه العملات الافتراضية، أولها غياب المعلومات وإمكانية تمويل الإرهاب"، وأضاف: "لا يمكن اعتبارها عملة مرخصا لها بالمغرب، لأنها أصل مالي يخضع للمضاربة ولا تستجيب لمعايير العملة كما هي متعارف عليها عالمياً". وأوضح الجواهري أنه اجتمع مع مكتب الصرف ووزارة المالية وهيئة سوق الرساميل لإعلان أخطار هذه العملة، مشيراً إلى أن قوانين البنك المركزي لا تمنح إمكانية اعتبارها عملة أو لا، لكنه أشار إلى أن مكتب الصرف وجد قاعدة قانونية بالقول بعدم الاعتراف إلا بالعملات القانونية المعروفة. وقال الجواهري إنه يسعى إلى إقناع عدد من البنوك المركزية والمؤسسات المعنية عبر العالم لإيجاد تأطير دولي بخصوص هذه العملات الافتراضية التي باتت تنتشر بشكل كبير وتحت مسميات عدة. وكان بيان مشترك صادر عن بنك المغرب، ووزارة الاقتصاد والمالية، والهيئة المغربية لسوق الرساميل، في شهر نونبر الماضي، حذر العموم من المخاطر التي تحيط باستعمال العملات الافتراضية كوسيلة للأداء، بعد إعلان شركة مغربية قبول استعمالها، قبل أن تتراجع عن ذلك. واعتبر البيان آنذاك أن العملات الافتراضية أو العملات المشفرة تعد وحدة حساب لامركزية، لا يتم إصدارها من طرف دولة أو اتحاد نقدي، بل من قبل مجموعة من الأشخاص (ذاتيين أو معنويين)، استناداً إلى سجل يضم كافة المعاملات ويتم تحيينه على مستوى جميع وحدات الشبكة. ويتم تبادل العملات الافتراضية على الإنترنت فقط، وبالتالي فلا وجود لها في شكل قطع أو أوراق نقدية. ويوجد في الوقت الراهن أزيد من خمسة آلاف من هذه العملات، و"بيتكوين" هي الأكثر بروزاً، وقد تجاوزت قيمتها في الأيام الماضية حاجز 18 ألف دولار.