الجزائر و"الريف المغربي" .. عمل استفزازي إضافي أم تكتيك دفاعي؟    حقوقيون مغاربيون يحملون الجزائر مسؤولية الانتهاكات في مخيمات تندوف        لفتيت يستعرض التدابير الاستباقية لمواجهة الآثار السلبية لموجات البرد    الاتحاد الأوروبي يمنح المغرب 190 مليون أورو لإعادة بناء المناطق المتضررة من زلزال الحوز    تعزيز وتقوية التعاون الأمني يجمع الحموشي بالمديرة العامة لأمن الدولة البلجيكية    الرجاء والجيش يلتقيان تحت الضغط    في سابقة له.. طواف المسيرة الخضراء للدراجات النارية يعبر صحراء الربع الخالي    الوالي التازي يترأس لجنة تتبع إنجاز مشروع مدينة محمد السادس "طنجة تيك"    السكوري يلتقي الفرق البرلمانية بخصوص تعديلات مشروع قانون الإضراب    الإنترنت.. معدل انتشار قياسي بلغ 112,7 في المائة عند متم شتنبر    المدعو ولد الشنوية يعجز عن إيجاد محامي يترافع عنه.. تفاصيل مثيرة عن أولى جلسات المحاكمة    ارتفاع كمية مفرغات الصيد البحري بميناء الحسيمة    لاعبتان من الجيش في تشكيل العصبة    تكريم منظمة مغربية في مؤتمر دولي    ليبيا: مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي يجدد التأكيد على أهمية مسلسلي الصخيرات وبوزنيقة    "البيجيدي": الشرعي تجاوز الخطوط الحمراء بمقاله المتماهي مع الصهاينة وينبغي متابعته قانونيا    غرق مركب سياحي في مصر يحمل 45 شخصاً مع استمرار البحث عن المفقودين    حموشي يستقبل المديرة العامة لأمن الدولة البلجيكية بالرباط    المغرب يفقد 12 مركزاً في مؤشر السياحة.. هل يحتاج إلى خارطة طريق جديدة؟    ريال مدريد يعلن غياب فينسيوس بسبب الإصابة    «الأيام الرمادية» يفوز بالجائزة الكبرى للمسابقة الوطنية بالدورة 13 لمهرجان طنجة للفيلم    في لقاء عرف تفاعلا كبيرا .. «المجتمع» محور لقاء استضافت خلاله ثانوية بدر التأهيلية بأكادير الكاتب والروائي عبد القادر الشاوي    تكريم الكاتب والاعلامي عبد الرحيم عاشر بالمهرجان الدولي للفيلم القصير بطنجة    بعد رفض المحامين الدفاع عنه.. تأجيل محاكمة "ولد الشينوية"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    استئنافية فاس تؤجل محاكمة حامي الدين إلى يناير المقبل    نقابة تنبه إلى تفشي العنف الاقتصادي ضد النساء العاملات وتطالب بسياسات عمومية تضمن الحماية لهن    العالم يخلد اليوم الأممي لمناهضة العنف ضد النساء 25 نونبر    بورصة البيضاء تفتتح تداولات بالأخضر    صنصال يمثل أمام النيابة العامة بالجزائر    أرملة محمد رحيم: وفاة زوجي طبيعية والبعض استغل الخبر من أجل "التريند"    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء    "الكاف" يقرر معاقبة مولودية الجزائر باللعب بدون جمهور لأربع مباريات على خلفية أحداث مباراتها ضد الاتحاد المنستيري التونسي        إيرادات فيلمي "ويكد" و"غلادييتور 2″ تفوق 270 مليون دولار في دور العرض العالمية    أسعار الذهب تقترب من أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع    تقرير: جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل عشر دقائق في العالم    مدرب مانشيستر يونايتد يشيد بأداء نصير مزراوي بعد التعادل أمام إيبسويتش تاون        استيراد الأبقار والأغنام في المغرب يتجاوز 1.5 مليون رأس خلال عامين    تقرير : على دول إفريقيا أن تعزز أمنها السيبراني لصد التحكم الخارجي    مهرجان الزربية الواوزكيتية يختتم دورته السابعة بتوافد قياسي بلغ 60 ألف زائر    6 قتلى في هجوم مسلح على حانة في المكسيك    أونسا يوضح إجراءات استيراد الأبقار والأغنام    تحالف دول الساحل يقرر توحيد جواز السفر والهوية..    تصريحات حول حكيم زياش تضع محللة هولندية في مرمى الانتقادات والتهديدات    الإمارات تلقي القبض على 3 مشتبه بهم في مقتل "حاخام" إسرائيلي    جدعون ليفي: نتنياهو وغالانت يمثلان أمام محاكمة الشعوب لأن العالم رأى مافعلوه في غزة ولم يكن بإمكانه الصمت    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة        كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقومات وركائز التربية والتعليم: أين يكمن الخلل؟
نشر في هسبريس يوم 05 - 12 - 2017

The foundations and pillars of education: Where lies the imbalance?
ظل موضوع إصلاح منظومة التربية والتعليم في بلادنا الغالية موضوع الساعة وحديث الكل، ويبدو أن ذلك أخد زمناً طويلا. فلا حديث اليوم إلا على مخرجات المدارس والمؤسسات التربوية والتعليمية، ولا حديث إلا على ظاهرة الهدر المدرسي والاكتضاض في حجرات الدرس وتراجع مستوى التلاميذ والطلاب فيما يخص استيعاب المعلومة واتقان العلوم واللغة سواء العربية أو الفرنسية ناهيك عن اللغات الأجنبية الأخرى كالإنجليزية والإسبانية والألمانية في المستوى الثانوي والمستويات العليا؛ ولا حديث أيضاً إلا على عدم توفر الشغل للخريجين وتدهور المستوى الأخلاقي بين بعض التلاميذ والطلاب وبزوغ ظاهرة غريبة ألا وهي ظاهرة العنف في المؤسسات التربوية والتعليمية والتعدي على بعض المدرسين من طرف طلابهم!!!
وبما أن لكل بنيان متين ركائز تدعم بقائه واستمراره وصموده في وجه كل نوائب الدهر وأحداث الطبيعة، فالتربية والتعليم هي أيضاً لها ركائز لابد من أن تكون صلبة ومتينة ومتماسكة لتضمن سيرورة ونجاعة ذلك الكيان. ومثَل هذه المنظومة مثل البنيان، إن حصل تلف أو تصدع أو خلل بإحدى أعمدتها أو ركائزها، فلا شك أن البنيان يكون مهدداً بالإنهيار أو السقوط طال الأمد أم قصُر. وتبعاً لذلك، فإن لمنظومة التربية والتعليم ركائز مهمة لا يمكن أن تقوم بدونها، وإن حصل خلل في أحدها أو نقص، فإن الأهداف لن تتحقق ولن تقوم لتلك المنظومة قائمة، بل سيدب في جسدها التصدع والشقوق والإختلالات مما يحكُم عليها لامحالة بالفشل، ولعل الجميع يسأل نفسه دائما عن مَكمن الخلل وعن كيفية المعالجة. وكما أشرنا سابقاً فهنالك ركائز في غاية الأهمية، وتبقى عملية التنسيق بينها أعظم من أجل إنجاح العملية التعليمية وضمان نجاعة مردوديتها، وتلك الركائز الأساسية هي:
- التلميذ أو الطالب
- الأسرة
- المدرسة
- المناهج والمقررات المدرسية
- الفضاء المدرسي ومدى جاذبيته
-الإدارة: الإدارة المدرسية والوزارة المعنية
- الجودة الشاملة
- الشارع (أو المجتمع).
التلميذ أو الطالب:
من الملاحظ أننا في ترتيبنا لتلك الركائز المهمة والتي تستند إليها العملية التربوية والتعليمية قد تعمدنا البدء بالتلميذ أو الطالب وذلك لأنه لا أحد يُنكر بأن هذا الأخير هو في صلب تلك العملية (العملية التربوية والتعليمية) ، إذ يجب أن لا ننسى أو نتناسى أبدا أن المتعلم هو محور العملية التربوية والتعليمية، فهو بالإضافة إلى ذلك "الغاية والوسيلة" لعملية التربية والتعليم، وهو بالأحرى المقصد أو المنتوج النهائي الذي تتوخاه المؤسسة التعليمية، ومن هنا يجب أن يكون بؤرة اهتمام الوزارة المعنية وكذلك المصمم والمنفذ لمنهاج التربية والتعليم على حد سواء. ومن هنا أيضاَ يمكن القول بأننا إذا لم نتوصل إلى فهم هذا المخلوق (أي التلميذ أو الطالب) من الناحية العقلية وميوله الشخصي ورغباته، وكذلك معرفة دقيقة لمراحل النمو الطبيعية لذيه سواء الجسمية أو العقلية أو العاطفية، فإننا سنسقط في فخ التعميم ونحاول فرض أساليب تربوية وتعليمية قد لا تتماشى مع كل تلميذ أو طالب في الفصل، وبالتالي تأتي النتائج عكسية. ولذلك، نجد بأن معظم الدراسات والبحوث تركز على سيكولوجية المتعلم ومحاولة معرفة واكتشاف ميوله وقدراته في سن مبكرة بغية تفادي هدر طاقاته أو إغفال إمكانياته في التعبير عن شخصيته. فللحصول على لباس جميل وأنيق ومواتي لصاحبه، لا بد للخياط من أن يأخذ جميع المقاييس ومن كل الزوايا كي تكتمل عنده الصورة والتصور، ولذلك تجدنا أحياناً نحاول أن نلبس الصغار قمصاناً أكبر من أحجامهم أو أصغر منها، ونحاول جزافاً أن يظهروا بمظهر جميل ومنمق ومهذب، ونحن في حقيقة الأمر نتغافل على أن مظهرهم ما هو إلا مظهر بهلوان !!! وكمثال آخر، إذا لم يفهم الطبيب طبيعة وسيكولوجية ونفسية المريض، فما الفائدة من وصف الدواء إذاً؟
الأسرة:
يمكن القول أو الجزم بأن الأسرة هي الركيزة الأساسية في العملية التربوية والتعليمية، إذ هي من يعول عليها (بعد الله) في عملية التنشئة العلمية الصحيحة لدى الأفراد، ولذلك لا يمكن إنكار أن الأسرة يقع عليها العبء الأكبر في تنمية قدرات الطفل منذ نعومة أظافيره، مما له تأثير كبير في رفع مستوى التعليم، وفي هذا الصدد يمكن أن نطرح السؤال التالي: ما هو دور الأسرة في صناعة العقل المبدع؟ وهذا يجرنا إلى سؤال آخر: ما هي أهم الواجبات التي تقع على الأسرة ككل تجاه الاهتمام بواجبات الطفل، وعملية التنشئة العلمية له في مراحله الأولى؟
وربما بالإجابة العفوية على تلك الأسئلة، يمكن المراهنة على أن المسؤولية تقع على الأسرة مع المدرسة في عملية التنشئة العلمية للطفل؛ حيث تقوم الأسرة مع المجتمع بوضعه على الطريق الصحيح وتوجهه التوجيه الصحيح؛ لكي يتخذ القرارات الصائبة التي تتعلق بحياته وفي الوقت المناسب، ومن الممكن أن ينجح من خلالها، أو أن يُخسف به الأرض، وبالتالي فدور الأسرة في تنشئة الطفل علميًّا يتوازى مع دور المدرسة في ذلك الوقت أو تلك الفترات من نمو الطفل، بل يكون دور الأسرة أهم وأعظم في ذلك الوقت نظراً لقضاء الطفل جل أوقاته بقربها، ولذلك يتم التركيز على دور الأم بالدرجة الأولى نظراً لإرتباط الطفل بها، وكونها "المدرسة الأولى" للطفل. وهكذا نرى بأن صلاح الفتى من صلاح الأم ثم صلاح الأب، فكلاهما له تأثير مباشر عليه، فإن لم يوفر هذا الوسط الأسري للطفل سبل العيش والراحة والطمأنينة، فلا يمكن أن نتوقع نتائج حسنة (إلا من رحم ربي). غير أن الوضع الإقتصادي للأسرة هو أيضاً له تأثير، لكن لا يأخذ كقاعدة: أي أن الأسر الميسورة هي التي تنجب "العلماء" بل كثيراً ما نجد أن العكس صحيح وأن كثيراً من عباقرة العالم خرجوا من رحم أمهات فقيرات وعاشوا ظروفاً صعبة، بل أحياناً بئيسة ومروا بمعاناة وطفولة صعبة للغاية.
فبالتأكيد الوضع الاقتصادي للأسرة يؤثِّر جدًّا على حياة الفرد ونظام تعليمه؛ لأن من الممكن جدا القول بأن الطفل الذي يُولد في وضع اقتصادي مريح يكون أكثر علمًا وذكاء من غيره، وذلك من خلال أن وضع الأسرة المرتفع يجعل الطفل محاطًا بأمور تساعده في عملية التنشئة العلمية كأن تتوفر له الأشياء التي يحتاجها وفي أي وقت؛ مما يعود عليه بالنفع، وعلى عكس ذلك فالأسرة ذات الإمكانيات المحدودة أو التي تعيش مشاكل اقتصادية أو اجتماعية مزرية، فهي تُحجم عن المستوى التعليمي للطفل، وتجعله كأي شخص عادي يعاني ذلك النقص المادي والمعنوي مع أسرته، وتَحُد من تفوقه العلمي. وفي حقيقة الأمر أنه لا يجب إلقاء اللوم على وضع الأسرة المادي بقدر ما نحملها مسؤولية التنشئة الحسنة وتشبتها بمبادئ الدين الحنيف والحث على الأخلاق الفضيلة، فالمبادئ والقيم هي رأس المال الحقيقي الذي يجب أن نورِّثه للأجيال وما نراه من فتور في سلوك أبنائنا وبناتنا ما هو إلا نتيجة لتقاعسنا في تربيتهم التربية الصحيحة والسليمة والعفيفة وعدم تلقينهم الأخلاق الفضيلة.
المدرسة:
لم يتغير مفهوم "المدرسة" في جوهره منذ القدم رغم التغيير الذي طرأ على ملامحها وشكلها الهندسي، أي أن جوهر ما بُنيت من أجله أو القصد من بناءها وتأسيسها هو "كسب المعرفة والخروج من عالم الأمية إلى نور المعرفة"، إلا أن أساليب كسب تلك المعرفة قد تغيرت وظلت تتجاذبها نظريات وفلسفات التعليم والتعلم وذلك منذ أبد بعيد. وهكذا وبعد أن أصبح التعليم إلزامياً في معظم المجتمعات سواء في المدن أو البوادي، وأصبح إكتساب المعرفة مقروناً بكسب المهارات والكفايات (Skills & Competencies) من أجل ولوج سوق العمل، أصبح إذاً إلزاماً على المؤسسات التربوية والتعليمية البحث عن سبل وطرق تعليم متطورة مع إمكانية الاستفادة من عالم التكنولوجيا الحديثة ومحاولة استخدامها وملائمتها مع طبيعة وثقافة المجتمع كوسائط تعليمية قصد مسايرة العصر وإعداد الأجيال لولوج سوق العمل بمهارات وكفاءات عالية تخول لهم أداء مهامهم بثقة ومهنية وتفتح لهم مجالاً للتطور.
إذاً، وكما نرى، فقد خرجت المدرسة من دورها التقليدي في كسب المعرفة وتعلم القراءة والكتابة، إلى دور إعداد الفرد وتكوينه جسمياً وفكرياً ومهنياً وحتى عاطفياً لتكون له شخصية متكاملة وقوية تتيح له التنافس على الحصول على وظيفة ولقمة عيش بكرامة. وهكذا تطورت المدرسة حتى في شكلها الهندسي واتسع فضائها وتطورت حجرات الدرس فيها لتكون مهيئة لإستقبال هذا النوع من التلاميذ والطلاب، وتكون منشأة محببة لديهم متشبعين فيها بروح الوطنية والهوية والأخلاق الفاضلة. فهل مدارسنا اليوم تتوفر فيها تلك الشروط؟ وهل تم تشييدها والسهر على تدبيرها وتسييرها لتحقق تلك الأهداف؟ لا شك أننا في بعض مؤسساتنا التربوية والتعليمية لا زلنا لم نحقق بعد بنية تحتية ترقى بالمدرسة المغربية إلى مستويات أعلى، بل لازال هنالك خصاص فيما يخص المرافق والمعدات والدعم المادي والمعنوي والموارد البشرية، وكذلك التدريب المصاحب الذي يطور المعلم والإداري ويطلعهما على المستجدات والتطورات الحاصلة في هذا المجال ليتمكنا من مسايرة الركب بخطى ثابتة.
المناهج والمقررات المدرسية:
يقوم المنهج الحديث على أسس متعددة من أهمها الأساس النفسي الذي يُراعى من خلاله حاجات وخبرات المتعلم وما تتطلبه كل مرحلة من مراحل النمو لدى الطفل والتي يعيشها بكل أحاسيسه. فملاحظاته الشخصية التي يبديها هي في حد ذاتها رصيد ذو قيمة كبيرة إذ تمكننا من معرفة ما يفضله وما يتناسب مع احتياجاته واستعداداته واهتماماته ومستواه وما هو خلاف ذلك. وبناء على تلك الملاحظات طبعا يُبنى المنهج بتنظيمه السيكولوجي والتربوي والتعليمي. وخلال عملية التصميم والإعداد لتلك المناهج، لابد من النظر إلى جانبين مهمين لا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض وهما الجانب التربوي بجميع متطلباته، والجانب المعرفي بكل أهدافه. وعند الحديث عن المناهج، لابد من مراعاة مكونات المجتمع الذي يعيش فيه المتعلم: أي لابد من مراعاة الخلفية الدينية والقيمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية واللغوية وكذلك الخلفية السياسية للبلد. ولذلك لابد من تطويع المناهج التي يتم استيرادها أحياناً كي تراعي تلك الخلفيات وتتماشى مع أعراف المجتمع.
فعن أي منهج نتحدث ونحن نرى بأن التركيز أصبح على "الكم" وليس على "الكيف"! أي منهج ونحن نرى التيارات والإيديولوجيات تتجاذب مناهجنا ومقرراتنا المدرسية، بل حتى الأحزاب السياسية أصبح كل واحد منها يمتطي عباب أسطورة الإصلاح! فأين أصحاب التخصص من هذا المشروع؟ أين خبرائنا من أبناء الجالية المغربية في الخارج؟
عن أي منهج وأي مقررات نتكلم ونحن نرى حقائب أبنائنا المدرسية قد قوَّست ظهورهم وعمودهم الفقري وفي سن مبكرة نظراً لثقل حمولتها! رحم الله أيام زمان يوم كان كتاب ودفتر يكفيان، وأيام كانت الكتب تتوارثها الأجيال ويستخدمها كل أفراد العائلة بالتتالي، يوم كان المعلم يعطي ما في ضميره وقلبه ويربي قبل أن يعلم وكان المتعلم يقوم له إجلالً واحتراماً وتقديراً، يوم كانت المناهج والكتب يفوح منها عبق الأخلاق الفضيلة والمبادئ القويمة وتهذب الروح والنفوس لتنعكس على الجوارح فترى الفتيان والفتيات يتسابقون في فعل الخيرات وتقديم المعروف والاحسان، فنشأ عن ذلك جيل متربي قبل أن يكون متعلم، جيل استطاع بناء هذا الوطن بكل فخر واعتزاز وتشبت بالهوية والوطنية والسلوك السوي.
الفضاء المدرسي ومدى جاذبيته:
لا يختلف اثنان بأن الفضاء المدرسي قد أصبح أكثر من ذي قبل جزءاً لا يتجزأ من العملية التربوية والتعليمة، بل يعتبر مكونا أساسيا من مكونات الفعل التربوي والتعليمي. كما يمكن القول بأن الفضاء المدرسي له ارتباط عضوي لصيق بالشروط الضرورية اللازمة لإنجاح العملية التربوية والتعليمية داخل المدارس أو المؤسسات التربوية. ويرى الباحث عبد العزيز قريش (2007)، على سبيل المثال، بأن "الفضاء المدرسي ببنياته وتجهيزاته ووسائله، يلعب دورا حاسما في إنجاح أو فشل الفعل التعليمي".
وبما ان الفضاء المدرسي ينقسم إلى جزأين أساسيين وهما: الفضاء "الداخلي" للمدرسة، والفضاء "الخارجي" بما في ذلك المحيط الخارجي للمدرسة، فإن لكل منهما خصوصيات ومتطلبات تساهم في سيرورة العملية التربوية والتعليمية لكي تتمكن المدرسة من تحقيق متطلباتها وتحصل على رضى المجتمع. وكما أشرنا سابقاً، فلا يمكن أن نتوقع من مدرسة أن توفي بالغرض المطلوب وبالمردودية المتوخاة وسقفها تبللُ قطراتُه دفاتر التلاميذ، أو يكاد يخر فوق رؤوس هؤلاء الصغار الأبرياء، أو لا تتوفر حجراتها على أبسط وسائل تدفئة في البوادي الباردة أو في أعالي الجبال المكسوة بالثلوج، أو التكييف اللازم في المناطق الحارة صيفاً والتي تكاد تخنق تنفس الصغار. كما أن للفضاء المدرسي أثر بالغ على نفسية التلاميذ والمدرسين أو الموظفين بشكل عام. فالفضاء المدرسي إما أن يكون جذاباً بجماله ونقاء أجوائه ومرافقه، فتقع محبته في قلب التلاميذ، أو يكون مبعثراً ومتّسخاً يدعو شكله إلى النفور والاشمئزاز ويزرع في قلوب الصغار الخمول والكسل، بل وحتى الرعب والخوف والنفور. والفضاء المدرسي ذو أهمية قصوى لأنه المكان الذي يحتضن جزءاً كبيراً من الحياة التي يعيشها المتعلمون في جميع الأوقات والأماكن المدرسية بما في ذلك أوقات الدرس والاستراحة والإطعام والساحة والأقسام والملاعب الرياضية ومواقع الزيارات التربوية أو التعليمية، قصد التبادل الفكري والمعرفي. وتعتبر تلك الزيارات فضاءً يجب اختياره بكل دقة ومهنية تراعى فيه جوانب السلامة خلال عملية النقل أو التجول ويروم إلى تربية التلاميذ أو الطلاب من خلال جميع الأنشطة المبرمجة التي تراعي الجوانب المعرفية والوجدانية والحس بغية صقل مهاراتهم وشخصياتهم، ولن تكون تلك الزيارات فضاءً نافعاً إلا إذا كان هنالك ضمان المشاركة الفعلية والفعالة لكافة الشركاء المعنيين بما فيهم المتعلمون والمدرسون والإدارة التربوية والأطر التي تهتم بالتوجيه التربوي وآباء وأمهات وأولياء أمور التلاميذ، وكذلك شركاء المؤسسة.
أما الفضاء الداخلي فيشمل أكثر من جزء، إذ يضم حجرات الدراسة بكل مكوناتها، وممرات الفصول الدراسية والمختبرات والمكتبة والمسرح والساحة والملاعب والقاعات الرياضية (إن وجدت). ولا ننسى بأن هنالك معايير ومقاييس عالمية ووطنية يجب اعتمادها ومن أهمها تلك المتعلقة بمكونات وعناصر البناء والشكل الهندسي، وكذلك معايير السلامة (وهي الأهم إذ هي شرط أساسي قبل الترخيص للمؤسسة بمزاولة مهامها). كما يجب أن تعطى الفرصة للتلاميذ بأن يقوموا هم أنفسهم بتزيين حجرتهم الدراسية حسب ذوقهم وإبداعاتهم. والحث على ضرورة الحفاظ على محيط مدرسي خارجي خالي من جميع أشكال السرقة والجريمة والعنف اللفظي والجسدي وذلك بتعزيز الحضور الأمني (ولو عن بعد) ووضع كاميرات مراقبة ترصد كل ما يجري حول المدرسة، والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه بالعبث بسلامة أبنائنا وإخواننا وأخواتنا في قطاع التدريس وجميع أطر المؤسسة التعليمية، ووضع مسابقة لأفضل مدرسة من حيث الحفاظ على جمالها وحسن خلق مرتاديها.
الإدارة: الإدارة المدرسية والوزارة المعنية:
ربما يمكن القول بأن الإدارة المدرسية تشبه -إلى حد ما- إدارة الوزارة المعنية بقطاع التربية والتعليم من حيث اشتراكهما في بعض القضايا أو الاجراءات وكذلك الأهداف فكلا الإدارتين لابد وأن تسعى إلى:
- الحرص على تطبيق الأهداف التعليمية العامة.
-تطوير الطلاب علمياً، ومعرفياً، ودراسياً.
- المحافظة على تعزيز النشاطات اللامنهجية، مثل: الإذاعة المدرسية.
- العمل على النهوض بالمدرسة، نهوضاً مميزاً.
- المساعدة في توفير الكُتب الدراسية للطلاب.
- تقوية العلاقات بين المعلمين، والطلاب، وأولياء الأمور.
غير أن الواضح حالياً هو أن مفهوم الإدارة نفسه قد تغير وأصبح يعتمد على المقاربة التشاركية إذ أن هنالك قناعة الآن (وأكثر من ذي قبل) بأن مسؤولية التربية والتعليم هي مسؤولية مشتركة يتقاسمها المجتمع والمدرسة والوزارة المعنية، وبالتالي لابد من سن قوانين تعزز هذا المفهوم وتنظم تدخل كل طرف وتوجهه من أجل تحقيق الأهداف المرسومة أو المتوخاة. وبما أن الأمر كذلك فلا بأس من إشراك جمعيات المجتمع المدني وجمعيات آباء وأولياء أمور التلاميذ من أجل المساهمة وفي نطاق القانون وبما يسمح به النظام.
وبما أن القطاع هو قطاع يسعى إلى الرفع من مستوى المعرفة وتطوير المهارات لدى أبناء وبنات المجتمع، فمن العار أن يسمح لأي نوع من التلاعب أو الفساد الإداري والمالي وأن تعطى الفرصة لمن يريد أن يعبث بخيرات البلد وميزانية هذا القطاع. وفي نفس الوقت، لابد من السعي إلى تكافؤ الفرص بين أبناء وبنات الوطن سواء في المدن أو الحضر حتى تكون لدينا إدارة مدرسية متزنة مبنية على عدالة اجتماعية وديمقراطية شفافة تعطي المنح الدراسية والمساعدات لكل من يستحقها، ووزارة توفي بوعودها وتضم تحت أجنحتها خبراء من خيرة أبناء وبنات الوطن وتحترم جميع معايير الجودة الشاملة، وزارة تكرم منسوبيها وتقدر مجهوداتهم مادياً ومعنوياً.
الجودة الشاملة:
من أجل ضمان نتائج حميدة لأي مشروع إصلاح حقيقي وواقعي فلا بُدَّ من إعادة النظر في معايير الجودة (Quality Standards) لتكون من أبرز الدعامات لذلك المشروع، ومن دونها، تبقى تلك المشاريع والمقترحات حبراً على ورق وعقيمة الفاعلية. وبما أن مفهوم الجودة الشاملة يُعنى بشمولية عملية إخراج المنتج إلى الوجود مع الحفاظ على حقوق المستهلك، فمن المنطقي جداً اعتماد معايير الجودة الشاملة العالمية في قطاع التربية والتعليم لضمان جودة مخرجات المنظومة التربوية والتعليمية وحماية حقوق التلميذ أو الطالب (المُعنى بالخدمة). وللإشارة فإن مفهوم الجودة الشاملة (Total Quality) يؤكد على أن جودة المنتج أو الخدمة ترتكز أيضاً على أبعاد بحيث يكون المنتج قد حقّق الجودة بتلبيته متطلبات المستهلك، ويمكن تحديدها وتطويعها لتخدم مصالح منظومة التربية والتعليم وفقاً للأبعاد المتفق عليها. وبما أن الأمر كذلك، فقد حان الوقت للرجوع إلى إمكانية تطبيق مفهوم الجودة الشاملة على هذا القطاع الحيوي، والبحث في إمكانية الاستفادة من معايير الجودة العالمية كمعايير الأيزو (ISO) على سبيل المثال. وقد ورد عن الكاتب أحمد السيد كردي في مقاله حول شهادة الأيزو العالمية للجودة أن "حصول المنشأة على شهادة الجودة العالمية لا يعني الكمال، إنما يعني أن جميع الأعمال والإجراءات التي تؤدي في نهاية المطاف إلى إنتاج سلعة أو خدمة ما، هي إجراءات مكتوبة ومُراقَبة ومطبَّقة بشكل فعّال .وبالتالي فإن مراجعتها باستمرار يساعد على تطوير الأنشطة والعمليات المؤثرة على جودة المنتج النهائية مما يؤدي إلى تحسينه وتطويره". ويمكن القول أنه قد أصبحت الحاجة مُلحة وقبل أي وقت مضى إلى وجود معايير الجودة في أي مؤسسة أو منشأة تلافياً للفوضى وانتهاك حقوق المستهلك. والتعليم بجميع هياكله ومكوناته ومؤسساته هو أحوج من أي قطاع آخر إلى تطبيق تلك المعايير وخاصة تلك المتعلقة بمعايير الجودة الشاملة لأنه المسئول المباشر عن إعداد الأجيال وتهيئتهم بالشكل السليم والصحيح لولوج سوق الشغل.
وتبعاً لما ذُكر، فإن نجاح العملية التربوية والتعليمية أو مشروع إصلاحهما رهين بمدى قدرة الوزارة المعنية على تطبيق وتنزيل معايير الجودة الشاملة على جميع مكونات هذا القطاع آخذة في عين الاعتبار الموارد المالية والبشرية المتاحة، وبدون ذلك أو بدون تنزيل لنظام محاسبة يضرب بيد من حديد على كل متلاعب أو متهاون، وبدون استدعاء خبرائنا من أبناء الوطن في الداخل والخارج، فربما لن يُكتب النجاح لهذا المشروع الجبار بهذا القطاع الحيوي.
الشارع (أو المجتمع):
يمكن القول بأن "الشارع" هو مرآة للمدرسة (أو العكس صحيح)، إذ يقول البعض بأن ما نراه في الشارع اليوم من تصرفات وسلوك ما هو إلا نتاج هذه المدارس التي صرفت عليها الدولة أموالا طائلة!!! فأي منتوج هذا ونحن نرى أخلاق البعض قد تدنَّت وحتى حرية الناس في الشارع قد قُيِّدت!. لم يعد الشارع كما عاهدناه بالأمس القريب يوم كان الشارع مدرسة في حد ذاته: كانت الأم والأب يثقان تماماً بأن لا خوف على فتيانهم أو فتياتهم للخروج إلى الشارع لأنهم آمنين وأن الناس بهم رحماء. وهم أيضاً واثقون بأن الأطفال كلهم (وبدون استثناء) يلعبون بكل حرية وعفوية، إذ يخترعون ألعابهم بأنفسهم ويتسابقون ويتنافسون بكل احترام.
بالأمس القريب كان صغارنا يتسابقون في تقبيل أيدي من هم أكبر منهم سنّاً ويهرعون إلى من هو بحاجة إلى عون أو مساعدة، كان الشارع مدرسة في حد ذاته وبمعنى الكلمة إذ منه يغترف الناس جميع دروب المعرفة والفنون: فهو الذي ينسج خيوط الحكايات وفيه تحكى القصص والأحداث وفيه يجد المرء الحل للمشكلات وفيه يتعلم دقة الملاحظة والبداهة في الرد على السؤال، وفيه أيضاً يتعلم المرء محاسن حسن الخُلق والعفاف واحترام الملك العام واحترام حقوق الناس، وباختصار شديد كان الشارع نقيا من معظم الشوائب ومرتعاً للأدباء والشعراء وحتى من يبحث عن عمل شريف، أما اليوم فقد أصبح مكتظا بالباعة المتجولين الذين احتلوا أرصفة الشارع وضايقوا المارة.
ويتساءل البعض اليوم: ما الذي جرى؟ وما الذي غير الناس؟ وهل الشارع هو الذي تغير أم نحن؟ ولا شك أن كل هذه الأسئلة وغيرها هي في مخيلة الكثير منا اليوم. فالشارع هو هو لا زال يعتبر طريق وممر للناس يعبر منه الفقير والغني والسعيد والحزين والصغير والكبير رغم مضايقة الباعة، ولكن مفهومه كمدرسة قد تغير، إذ لم يعد الشارع آمناً كالأمس، بل أصبح مرتعاً للجرائم وبكل أنواعها بعد أن كان مرتعاً للأدباء كما قلنا. وهكذا نلاحظ أنه قد تفنن عابروا الشارع من هذا الجيل بقصات شعر مقززة ومثيرة للسخرية، وتدلَّت سراويل بعضهم بشكل مخزي وتقطعت على ركبهم، وتلملموا في زواياه على شرب المحرمات وتدخين سجائر وغيرها أتلفت أدمغتهم، وتلملموا في زوايا الأزقة وحتى أمام المدارس حول هواتف ذكية أساءوا استخدامها.
لم يعد الشارع مدرسة في حد ذاته كما كان، ولن يكون كذلك إلا إذا راهن الجميع على العودة بأجيالنا إلى الأخلاق الحميدة وركزت أسرنا ومدارسنا ومساجدنا على السلوك السوي والتحلي بمكارم الأخلاق والسعي إلى نشر المبادئ السوية واحترام الرأي الآخر والتآخي ومحبة السلم وكراهية ونبذ العنف والفتن ما ظهر منها وما بطن، وتعليم أبنائنا وبناتنا القيم الفاضلة والتسابق في الإحسان وفعل الخيرات والاعتزاز بهويتهم ووطنيتهم وموروثهم الديني واللغوي والثقافي. ويبقى الدور الكبير على جمعيات المجتمع المدني في تثقيف وتحسيس الشارع وحث المواطنين على الابتعاد عن الكلام الفاحش والساقط والابتعاد أيضاً عن الشتم والقذف بكلمات نابية تخدش الحياء وتذهب ماء الوجه في الأماكن العامة.
خلاصة:
كما سبق وأشرنا فقطاع التربية والتعليم هو بمثابة بنيان لابد وأن يُأسس على ركائز متينة ومن لذن خبراء في المجال نفسه. ومن أجل سلامة ذلك البنيان لابد من التأكد من تصاميم البناء نفسه ومن المهندسين ومن المشيدين ومعرفة طبيعة من سيلجون ذلك المبنى حفاظاً على نجاتهم وسلامة عقولهم وأبدانهم. كما يجب التأكد من أن هنالك تنسيق وتناغم بين كل تلك الركائز لتكون حلقة واحدة ويكون التلميذ أو الطالب هو نواتها. ولكي يحقق هذا الأخير النتائج المتوخاة ويكون مؤهلا وذا آفاق معرفية واسعة، فلابد من تهييئ الجو المناسب والبيئة التعليمية المناسبة له ولابد أن تكون أسرته واعية بمسؤوليتها اتجاهه، وأن يكون الشارع الذي يخطو فيه بمثابة مدرسة ثانية: شارع خالي من السلوك المنحرف ومن الإجرام والمخدرات وخالي من الكلمات النابية والألفاظ الساقطة وخالي من الشتم والعنف ولا تحفه الأزبال والمهملات. شارع يمشي فيه الناس بأمن وأمان ويحترم بعضهم البعض ويتمتع فيه الأديب برواياته والفنان بأنغامه والبهلواني برقصاته والرياضي بحركاته والمتنزه بنظراته بكل حرية وطمأنينة وإيخاء وسلم ومحبة. شارع يهرع فيه الناس إلى دور العبادة إذا نودي للصلاة دون خوف عن بضاعتهم لأن الناس مقتنعون بأن مد اليد إلى ما هو للغير مُحرم في كل الشرائع والأديان. هذا ويجب على وزارة الداخلية السعي حثيثةً في إحداث حملات تحسيسية هدفها إصلاح الشارع وتنظيفه من الكلام الفاحش وجميع مظاهر الجريمة والعنف والسلوك المنحرف والعودة به إلى نقائه وصفاء جوه وطمأنينة رواده؛ وعلى وزارة التربية والتعليم السعي إلى إحداث حملات (ومن خلال جمعيات المجتمع المدني) هدفها إصلاح وترميم البنية التحتية للمدرسة العمومية في مدننا وقرانا بما في ذلك تصحيح وتجميل وتزيين الفضاء والمحيط المدرسي بكافة المدارس العمومية، ولتجعل من هذا المشروع حملة تشاركية وتكافلية لترميم كل مدرسة تحتاج إلى سقف جديد أو نوافذ أو سور خارجي أو مرافق أو معدات أو أجهزة إلكترونية أو قاعات أو مرافق رياضية أو مكتبة أو قاعة للصلاة. ولتجعلها "حملة نبيلة من أجل مدرسة جميلة"، يتسابق ويتفانى في تنفيذها الساهرون على شؤون الجماعات المحلية وأصحاب الشركات الكبرى والمحسنون والجمعيات المدنية وكل من يسعى إلى فعل الخيرات والإحسان. وكما قلنا سابقاً لابد من نهج مقاربة تشاركية تساهم فيها كل مقومات وشرائح المجتمع وبشكل قانوني لا يشوبه فساد، مقاربة تحترم معايير الجودة الشاملة وواعية بمكونات ومقومات كل ركيزة من تلك الركائز التي يعتمد عليها قطاع التربية والتعليم، وترمي إلى الرفع من جودة هذا القطاع وتعيد لمنسوبيه كرامتهم ومجدهم وتزيد من مدى حب واحترام التلاميذ والطلاب لمعلميهم وأساتذتهم والعكس صحيح.
"أكعاون ربي"
والله ولي التوفيق،،،
*خبير دولي في مجال التربية والتعليم ، مستشار
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.