"حياة أنديرا غاندي، المرأة الوحيدة في الهند التي شغلت منصب رئيس الوزراء، هي درس حول كيفية جعل المستحيل ممكنا" .. هذا ما قاله سياسي مخضرم كان قد عمل معها عن قرب في كلمة ألقاها العام الماضي. ويرجح محللون أن حفيد أنديرا، راهول غاندي، يمكن أن يتعلم دروسا منها في الوقت الذى يستعد فيه لتولي قيادة حزب المؤتمر الوطني الهندي، الذى يمكن القول إنه في أضعف مستوياته منذ حصول الهند على الاستقلال في عام 1947. وتعرض حزب المؤتمر الذي قاد الهند إلى التحرر من الحكم البريطاني وحكم البلاد على مدار 49 عاما من سنواتها السبعين بعد الاستقلال، لانتكاسات شديدة في الانتخابات العامة لعام 2014 حيث حصل على 44 مقعدا فقط في مجلس النواب (لوك سابها) الذي يضم 543 عضوا. وقاد ناريندرا مودي حزب بهاراتيا جاناتا إلى الفوز بأغلبية ساحقة بعد حملة سخرت من الحكومة الائتلافية بقيادة حزب المؤتمر التي كانن يرأسها مانموهان سينغ، حيث وصفت بأنها "حكومة تديرها أم وابنها"، في إشارة إلى سونيا و راهول غاندي. وأسرة نهرو-غاندي التي ينتمي إليها إنديرا وراهول غاندي هي مرادفة تقريبا للحزب. وكان جد راهول، جواهر لال نهرو، وجدته إنديرا ووالده راجيف غاندي، رؤساء وزراء. كما أنهم كانوا جميعا رؤساء لحزب المؤتمر، وهو منصب تشغله حاليا أرملة راجيف غاندي، المولودة في إيطاليا، سونيا غاندي. ومن المقرر ان يتولى راهول غاندي، نائب رئيس حزب المؤتمر حاليا، منصب رئيس الحزب ليقوده إلى الانتخابات العامة لعام 2019 حيث سيواجه منافسا كبيرا وهو مودي. وحتى قبل أن تدعمه سونيا غاندي كزعيم قادم، كافح راهول غاندي التصور بأنه لم يكن في مستوى المهمة. وقال نيلانجان موخوبادهياي، المحلل السياسي: "كان يُنظر إليه على أنه قائد متردد حيث قام بتوقيت العطلات بشكل غير مناسب، بالإضافة إلى أنه أدلى بشكل روتيني ببيانات غير ملائمة تبرر الاستخفاف والسخرية التي عصفت به من آلة الدعاية التابعة لحزب بهاراتيا جاناتا". ولكن في الأشهر الأخيرة، يبدو أن راهول غاندي قد تعلم دروسا قليلة من إنديرا غاندي، التي تعتبر حياتها المهنية درسا حول كيفية التعامل مع الشدائد والفشل والخروج منها بالفوز، وفقا لكاتب سيرة عائلة غاندي، رشيد كيدواي. وبدءا من اعتبارها "دمية غبية" أو "جونجي جودييا"، من قبل زمرة من كبار السن من قادة المؤتمر عندما انتخبت رئيسة له عام 1959، حولت إنديرا غاندي نفسها إلى "دورجا"، أو إلهة أم، مع انتصارها في الحرب ضد باكستان عام 1971. ومع ذلك، هزمت انديرا غاندي وحزب المؤتمر هزيمة مدوية في انتخابات عام 1977 بسبب تقويض الديمقراطية بإعلان حالة طوارئ صارمة تم خلالها الحد من الحريات. ويقول كيدواي: "فجأة لم يعد لديها منزل وفقدت حراس أمنها الشخصيين، ولم تعد نائبة في البرلمان، وتمت إزالة غطاءها الأمني، وساورها الخوف من إمكانية أن يتم سجنها". وعرفت إنديرا غاندي الفرق الذي تصنعه السلطة وخاضت بقوة معركة العودة بالصبر والمثابرة. وبالفعل عادت إلى مقعد رئيس الوزراء في عام 1980. ولم تؤثر هزائم الانتخابات على سونيا وراهول غاندي بنفس الطريقة - إذ أن لديهما منازل وأمن مالي وحرية السفر إلى الخارج. ويقول موخوبادهياي: "راهول غاندي ليس لديه الجوع إلى السلطة"، لكنه يضيف أن "هذا قد يتغير". وقد أسس غاندي حملته الانتخابية بشكل فعال حول قضايا من بينها إلغاء الأوراق المالية الكبيرة والضرائب الجديدة على السلع والخدمات، التي هددت الاقتصاد، فضلا عن التهديد الذي يمثله حزب بهاراتيا جاناتا للقيم الليبرالية العلمانية للهند. ويبدو راهول غاندي أكثر ثقة. وخلال جولته الصيفية في الولاياتالمتحدة، اعترف بأن "الأسرة الحاكمة مشكلة" وأضاف: "السؤال الحقيقي هو ما إذا كان الشخص فعلا قادرا وحساسا". وعلى الرغم من أن حزب المؤتمر أصبح على مر العقود منظمة ذات توجه شخصي، فإن "ثقافة الأسرة الحاكمة لا يبدو أنها تزعج الشعب كثيرا، ولاسيما أعضاء ومؤيدي حزب المؤتمر"، بحسب كيدواي. وإلى جانب أن راهول غاندي كان رده تجاه مودي وحزب بهاراتيا جاناتا فعالا، فإن التحدي الأكبر الذي سوف يواجهه هو كسب دعم الشخصيات الأكبر سنا في حزب المؤتمر الذين يشعرون بالقلق من التغييرات ولكن لديهم الخبرة التي يفتقر إليها العديد من الموالين له الأصغر سنا. وقال موخوبادهياي: "يجب على غاندي أن يستفيد من خبرة جدته، التي أعادت بناء الحزب بعد هزيمته في عام 1977 بإقصاء العناصر السياسية غير المرغوب فيها، ولكنها احتفظت بالأيدي الموثوق بها التي عملت جنبا إلى جنب مع السياسيين الجدد". ويقول محللون إن راهول غاندي، الذي غالبا ما يشار إليه باسم "بابو" (وهو الصبي الأحمق الطيب)، يمكن أن ينتقل إلى منصب رئيس الوزراء شريطة أن يظهر بعض المثابرة التي تميزت بها جدته. ويقول موخوبادهياي: "في وسط عاصفة سياسية، لا يستطيع أن يتوجه (راهول) إلى وجهة غريبة ... عليه أن يدرك أنه سيكون آخر أمل (لحزب) الموتمر.... وسوف تكون هذه مهمة لا يستطيع تحمل فشلها ". د.ب.أ