عرف المعبر الحدودي ل"باب مليلية" بني إنصار، خلال الآونة الأخيرة، إغلاقات عديدة ومتكررة بين الفينة والأخرى؛ وهو ما نتجت عنها احتجاجات عارمة في صفوف المواطنين الناظوريين وتجار التهريب المعيشي، خصوصا بعد القرار الأخير الذي يقضي بإغلاق المعبر الحدودي في وجه جميع المغاربة ما عدا الذين يملكون تأشيرة "شينغن" وأوراق الإقامة بإسبانيا ومليلية. ويأتي هذا القرار، الذي اتخذته سلطات الثغر المحتل، من أجل التخفيف من الازدحام والاكتظاظ الذي تعرفه النقطة الحدودية من أصحاب التهريب المعيشي وعامة المواطنين القاصدين الأسواق والمحلات التجارية بمليلية المحتلة وكذا المسافرين عبر مينائها، معلنة في الوقت ذاته أنه سيتم تخصيص العبور من معبر "باريتشينو"، وفرخانة بشكل رسمي. القرار لم يقبله المواطنون، خصوصا ممتهنو التهريب المعيشي، باعتبار أن المعابر الحدودية بكل من فرخانة وباريتشينو لا تستطيع استيعاب الأعداد الهائلة من المزاولين لمهنة التهريب المعيشي، خصوصا أن المعابر الحدودية الصغرى غير مهيأة لتنظيم حركة السير والعبور ولا توجد بها طوابير وغيرها كما هو بالمعبر الحدودي لباب مليلة ببني إنصار؛ وهو ما أثار استياء وسخط الوافدين على الثغر المحتل وتنظيم احتجاجات طيلة أيام الأسبوع المنصرم. ولم يقتصر الحال على السلطات الإسبانية فقط، بل تطالب كذلك شرطة الحدود المغربية بالمدخل كل المواطنين الراغبين في الدخول لمليلية المحتلة بجواز سفر يحمل تأشيرة شينغن أو بطاقة الإقامة الإسبانية للعبور إلى الثغر المحتل؛ وهو ما اعتبره المواطنون إهانة لكرامتهم ومساً بالسيادة الوطنية وغير قانوني، وفق ما عاينته عدسة هسبريس من خلال الروبورتاج المصور بالصوت والصورة ووفق تصريحات مواطنين وممتهني التهريب المعيشي. واستغرب جل المواطنين بإقليم الناظور من القرار الأخير الذي اتخذته السلطات المحلية المتمثلة في شرطة الحدود ببوابة مليلية، خصوصا عند طلب تأشيرة العبور من المغاربة وأوراق الإقامة بمليلية، لا سيما أن ساكنة الناظور اعتادت الدخول يوميا إلى المدينةالمحتلة. وصادفت هسبريس بعض النساء من ممتهني التهريب المعيشي، حيث أدلين بتصريحات مؤلمة وحزينة حول المعاناة اليومية التي يعيشنها، تقول إحداهن: "أعيل عائلة متكونة من خمسة أفراد كلهم طلبة ولا منحة لهم، وأبوهم كفيف، وأنا أشتغل هنا منذ أزيد من إحدى وثلاثين سنة، نعيش هنا بذل ومهانة ونطالب بعيش كريم وكرامة، خصوصا أنه لا بديل لنا في الشغل". وطالبت المتحدثة، من خلال تصريحها لهسبريس، المسؤولين المغاربة بإيجاد حل فوري وعاجل لهؤلاء النساء، من أجل إخراجهن من حياة الذل والمهانة؛ وذلك من خلال توفير المصانع والمعامل وفرص عمل للساكنة. أشكال المعاناة مع السلطات الإسبانية متعددة، حيث يتم تمزيق الجواز المغربي للعديد من المواطنين إلى جانب الاعتداءات اليومية التي تطالهم من قبل الشرطة الإسبانية. وندد الكثير من ممتهني التهريب المعيشي بشكل عام، والناظوريين بشكل خاص، بالقرار المتخذ في حقهم، حيث لم يراع الآلاف من المواطنين والأسر التي تعيش من هذا النشاط، خصوصا أن آثاره بدأت تظهر على الرواج الاقتصادي جد المتدني بالناظور والنواحي وبالجهة الشرقية عموما، معتبرين التهريب المعيشي له ارتباطات كثيرة مع مجموعة من المتداخلين في الشأن التجاري من صيادلة ومطاعم ومقاه.. بالإضافة إلى مجموعة من القطاعات، خصوصا منها النقل على اعتبار مجموعة من الشاحنات المحملة بالسلع والبضائع تدخل يوميا إلى الثغر المحتل، بالإضافة إلى الرواج الذي تعرف الحافلات وسيارات الأجرة وغيرها. ونبه العديد من الفاعلين الجمعويين بالمنطقة إلى خطورة تضييق الخناق على العاملين في التهريب المعيشي، وما سيحمل من احتجاجات وتظاهرات خلال الأيام المقبلة إذا بقيت الأمور كما عليها، علما أن الولوج والخروج إلى الثغر المحتل حق مشروع لكل مواطن مغربي، خصوصا من يحمل جواز السفر تحت رقم "س" كما كان متعاهد خلال السنوات السابقة، معتبرين القضاء على التهريب يقتضي التفكير في خلق فرص العمل وخلق مناصب العمل من خلال معامل وشركات من أجل القضاء على البطالة والفقر وغيرها.