اكتشف علماء فرنسيون في علم الأركيولوجيا أكثر من ألفي قطعة نقدية قديمة تعود إلى القرن الثاني عشر ميلادي، يرجع أصلها إلى المغرب وإسبانيا. ويتزامن أصل هذه القطع النقدية مع قيام الدولة الموحدية في المغرب، التي حكمت دول شمال إفريقيا إضافة إلى الأندلس بإسبانيا، ما بين سنتي 1121 و1269 ميلادية. وبحسب ما نقلته الصحافة الفرنسية، فالاكتشاف جرى في منطقة كلوني، الواقعة وسط شرق فرنسا، من طرف أساتذة وطلبة في شعبة الأركيولوجيا التابعة لجامعة ليون 1 و2. وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسية إن منطقة كلوني، التي وجدت فيها القطع النقدية القديمة، كانت تضم ديراً مشهوراً في أوروبا الغربية في العصور الوسطى. وكانت هذه المنطقة موضوع عمليات حفريات أثرية مستمرة، إلى حين اكتشاف الفريق العلمي لبقايا حقيبة قماش تحتوي على أكثر من 2200 عملة نقدية فضية، منتصف شتنبر الماضي. كما عثر فريق الحفريات ضمن هذه الحقيبة على 21 ديناراً ذهبياً يعود تاريخها إلى القرن الثاني عشر، ويرجع أصلها إلى المغرب وإسبانيا، إضافة إلى ورقة ذهبية من 24 غراماً، وخاتماً مزيناً بحجز كريم أحمر كتب عليها اسم "الله"، وقد حفظت في هذا المكان لمدة ثمانية قرون ونصف. وأكد فريق علماء الآثار على الطبيعة الاستثنائية لهذا الاكتشاف، سواء من حيث قيمة العملات النقدية أو عددها، وهو الأمر الذي يجعل أسئلة كثيرة تطرح حول صاحبها وما إذا كانت لأحد المسؤولين داخل الكنيسة أو شخص من عامة الناس. كما تساءلت الصحافة الفرنسية، التي تطرقت لهذا الموضوع بالتفصيل، عن مكان سك هذه العملات وكيفية وصولها إلى هذا المكان قادمة من المغرب وإسبانيا، وعن حاملها والظروف التي وصلت فيها إلى هذه المنطقة. المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي أوضح، في بيان له، أن هذا الاكتشاف "استثنائي وغير مسبوق سيفتح آفاقاً جديدة للبحث في تاريخ دير كلوني التي تعتبر أشهر الكنائس في العصور الوسطى". ويرى سعيد مقداد، أستاذ بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، أن عودة أصل هذه النقود إلى القرن الثاني عشر يعتبر أمراً مهماً، وقال: "هذا يتزامن مع العهد الموحدي، هو اكتشاف مهم، سيبقى السؤال هو كيف وصلت إلى فرنسا؟ وما إذا كان ذلك في عهد الحماية". جدير بالذكر أن المتحف الأثري بالرباط يحتوي على مخزون هام من النقود القديمة التي تعود إلى عقود وقرون مضت، وستبقى المرحلة المقبلة بخصوص الاكتشاف الذي تم بفرنسا هي معرفة أصل الدنانير المغربية لمواصلة البحث أكثر. ويرجع إحداث المتحف الأثري بالرباط إلى العشرينات من القرن الماضي، ويحتضن اللقى الأثرية التي عثر عليها في مختلف المواقع الأثرية، وخاصة تلك التي تنتمي لموقع وليلي وبناصا وتموسيدا. كما يقدم متحف الآثار بالرباط للزائر تاريخ المغرب مند ما قبل التاريخ حتى الفترة الإسلامية؛ وذلك بواسطة قطع مختلفة، منها أدوات الإنسان القديم، وأدوات العصر الحجري الحديث، وقطع خزفية إسلامية.