جلالة الملك يهنئ الرئيس الفلسطيني بمناسبة العيد الوطني لبلاده و جدد دعم المغرب الثابت لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة    هذه اسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    المركز 76 عالميًا.. مؤشر إتقان اللغة الإنجليزية يصنف المغرب ضمن خانة "الدول الضعيفة"    قتلى في حريق بدار للمسنين في إسبانيا    كارثة غذائية..وجبات ماكدونالدز تسبب حالات تسمم غذائي في 14 ولاية أمريكية    الطبيب معتز يقدم نصائحا لتخليص طلفك من التبول الليلي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    التوقيت والقنوات الناقلة لمواجهة الأسود والغابون    "خطير".. هل صحيح تم خفض رسوم استيراد العسل لصالح أحد البرلمانيين؟    وكالة الأدوية الأوروبية توافق على علاج ضد ألزهايمر بعد أشهر من منعه    المغرب يترقب اللحظة المواتية لخروج الخزينة إلى السوق الدولية    مدينة بنسليمان تحتضن الدورة 12 للمهرجان الوطني الوتار        بمعسكر بنسليمان.. الوداد يواصل استعداداته لمواجهة الرجاء في الديربي    الرباط.. اختتام أشغال مؤتمر دولي حول الزراعة البيولوجية والإيكولوجية    ارتفاع كبير في الإصابات بالحصبة حول العالم في 2023    رصاصة تقتل مُخترق حاجز أمني بكلميمة    وليد الركراكي: مواجهة المغرب والغابون ستكون هجومية ومفتوحة    ترامب يواصل تعييناته المثيرة للجدل مع ترشيح مشكك في اللقاحات وزيرا للصحة    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على الجزء الأول من مشروع قانون المالية 2025    رئيس الكونفدرالية المغربية: الحكومة تهمش المقاولات الصغيرة وتضاعف أعباءها الضريبية    نفق طنجة-طريفة .. هذه تفاصيل خطة ربط افريقيا واوروبا عبر مضيق جبل طارق    التحاق 707 أساتذة متدربين بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بدرعة-تافيلالت    كيوسك الجمعة | المغرب يسجل 8800 إصابة بسرطان الرئة سنويا    الأردن تخصص استقبالا رائعا لطواف المسيرة الخضراء للدراجات النارية    فيضانات إسبانيا.. طبقا للتعليمات الملكية المغرب يعبئ جهازا لوجستيا مهما تضامنا مع الشعب الإسباني    تصريح صادم لمبابي: ريال مدريد أهم من المنتخب            زيارة المسؤول الإيراني للمغرب.. هل هي خطوة نحو فتح باب التفاوض لإعادة العلاقات بين البلدين؟    النيابة العامة وتطبيق القانون    حرب إسرائيل على حزب الله كبدت لبنان 5 مليارات دولار من الخسائر الاقتصادية    10 قتلى جراء حريق بدار مسنين في إسبانيا    وفاة الأميرة اليابانية يوريكو عن عمر 101 عاما    أسعار النفط تتراجع وتتجه لخسارة أسبوعية    محكمة استئناف أمريكية تعلق الإجراءات ضد ترامب في قضية حجب وثائق سرية    "الأمم المتحدة" و"هيومن رايتس ووتش": إسرائيل ارتكبت جرائم حرب ضد الإنسانية وجرائم تطهير عرقي    جدعون ليفي يكتب: مع تسلم ترامب ووزرائه الحكم ستحصل إسرائيل على إذن بالقتل والتطهير والترحيل    اكادير تحتضن كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي    صحيفة إيطالية: المغرب فرض نفسه كفاعل رئيسي في إفريقيا بفضل "موثوقيته" و"تأثيره"    عامل إقليم الجديدة يزور جماعة أزمور للاطلاع على الملفات العالقة    بوريطة: المغرب شريك استراتيجي لأوروبا .. والموقف ثابت من قضية فلسطين    مثل الهواتف والتلفزيونات.. المقلاة الهوائية "جاسوس" بالمنزل    ‬المنافسة ‬وضيق ‬التنفس ‬الديموقراطي    حوالي 5 مليون مغربي مصابون بالسكري أو في مرحلة ما قبل الإصابة    ملتقى الزجل والفنون التراثية يحتفي بالتراث المغربي بطنجة    الروائي والمسرحي عبد الإله السماع في إصدار جديد    الإعلان عن العروض المنتقاة للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح    تمديد آجال إيداع ملفات الترشيح للاستفادة من دعم الجولات المسرحية    حفل توزيع جوائز صنّاع الترفيه "JOY AWARDS" يستعد للإحتفاء بنجوم السينماوالموسيقى والرياضة من قلب الرياض    أكاديمية المملكة تفكر في تحسين "الترجمة الآلية" بالخبرات البشرية والتقنية    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"كوك-ستوديو"... وانتهاكات حقوق المؤلفين
نشر في هسبريس يوم 30 - 10 - 2017

مسلسل لتذويب الهوية، وطمس الثقافة ومحو الآثار:نسخ ومسخ وفسخ... فإفلاس حضاري واندثار
أيهما أحق بحماية حقوق التأليف: إبداع الفرد؟ أم "سيلفي القرد"؟
"القرد: كائن ذكي قادر على التفكير... يستحق حيازة حقوق الملكية الفكرية"
تحت هذا العنوان، نقلت جريدة النهار يوم 13 شتنبر 2017 خبر "المعركة القضائية التي استمرت منذ سنتين، وانتهت بين مؤلف (مصوّر) بريطاني سلايتر وقرد إندونيسي "ناروتو" التقط صورة ذاتية (سيلفي) لنفسه، بمنح المؤلف هذه الحقوق مع ترك حصّة من الأرباح المتأتية من هذه الصورة (الضاحكة) الشهيرة لجمعيات تهتم بالقردة".
وكان سلايتر قد نشر كتاباً تضمن مثل هذه الصور، لكن "جمعية "بيتا" التي تعنى بالدفاع عن الحيوانات احتكمت إلى القضاء [مطالبة بجعل حقوق هذه الصور من ملكية القرد ناروتو"؛ مشيرة إلى أن "ناروتو" وصورة "سيلفي القرد" الشهيرة التي التقطها، تظهر أنه والقردة الأخرى "كائنات ذكية قادرة على التفكير ولها تكوين معقّد، وتستحق حيازة حقوق ملكية فكرية"].
غير أن المصور البريطاني سلايتر كان يعتبر من ناحيته أنّه المالك الشرعي لحقوق المؤلف على تلك الصور. وبحسب الاتفاق الذي تم بموجبه حل القضية، "وافق سلايتر على إعطاء 25 % من كل الأرباح المستقبلية المتأتية من استخدام أو بيع صور السيلفي للقرد إلى هيئات تحمي الموطن الطبيعي لهذا الحيوان "ناروتو" وأشباهه في إندونيسيا".
حق المؤلف يؤخذ ولا يعطى
هذه الصورة "الضاحكة" هي ملكية "ناروتو" الذاتية، تميزه عن غيره من بني جنسه، وتخوله حقوق استئثارية تمنحه:
التكريم المادي والدعم المالي: حيث تشكل صورة "ناروتو" مصدرا لمصالح اقتصادية. والقانون يخول له الحق المطلق في القيام بمنع استعمال صورته أو الترخيص باستغلالها. فهو صاحب مصلحة اقتصادية في نشر صورته وعرضها على الجمهور وتوصيلها إليه أو استنساخها بأي طريقة كانت وبأي شكل كان...(طبقا للقانون).
التكريم المعنوي و"الشرفي": وهو حق "الفنان ناروتو" في ذكر أو وضع اسمه على جميع نسخ هذه الصورة... وهو الحق في أن تنسب إلى شخصه... والقانون يخوله سلطة الرقابة بعد نشر صورته. وله كذلك كامل الحق في مراقبة سلامتها. "وقد أطلق على هذا الحق "حق الاحترام" الواجب لهذه الصورة (وغيرها من المصنفات) ولأصالتها أو خصائصها الجوهرية.
"القرد يربح على المؤلف... ويحصد 25% من الأرباح المستقبلية ل"سلفياته"
هكذا يكون التشجيع والاحترام والدعم والتكريم للمؤلفين والفنانين من بني.. القردة. وهكذا يتم حملهم في البر والبحر، وحتى في الفضاء الرقمي والأزرق، عبر الشبكة العنكبوتية وشبكة الهاتف المحمول أو النقال، ومواقع التواصل الاجتماعي، بما فيها فيسبوك... حيث يمكن شراء الصورة الذاتية (سيلفي) للفنان "ناروتو"، وأداء الحقوق الواجبة له عبر الانترنت، وبالعملة الصعبة (يورو، دولار أمريكي، جنيه استرليني...) لينعم القرد "ناروتو" وأشباهه بالطيبات من الرزق...
"قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق"؟
هذا حلال على القرد وأشباهه، ف "كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم"... "كلوا واشربوا هنيئا لكم بما كنتم تعملون" (من سلفيات).
وهو حرام على "الفرد المبدع"، المحسوب على "خير أمة أخرجت للناس"، الذي احتلت حقوقه الفكرية مكانها "كحق أساسي من حقوق الانسان" في القرآن الكريم، وفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث نصت المادة 27 (2) منه على أن: "لكل فرد الحق في حماية المصالح الأدبية والمادية المترتبة عن إنتاجه العلمي أو الأدبي أو الفني".
لكل فرد الحق في الحصول على حقوق ملكية إنتاجه الذهني.
لكل فرد (أديب، عالم، ناشر، مصور، رسام، صحافي، إعلامي أو قائم على وسائل إعلام أخرى...) الحق في حيازة حقوقه المترتبة عن عرض أعماله في مكان عام، أو استنساخها داخل أي مؤسسة عمومية أو مصلحة من المصالح التابعة للدولة.
ويفترض في الجهات الوصية على حقوق المؤلفين السهر على حماية تلك الأعمال واستخلاص حقوقها وتوزيعها على أصحابها: كحق مادي "يمكن المؤلفين والفنانين من العيش الكريم"، وكعامل معنوي يشجع على الإبداع وتنمية رأس المال الفكري؛ حيث من "السمات الأساسية في قوانين حقوق المؤلف أنها تعتبر هذه الحقوق حقوقا استئثارية تلزم الحصول على موافقة المؤلف بالنسبة لكل استخدام يتصل بكل حق". (راجع القانون المغربي).
وزارة الثقافة والاتصال: خرق القانون ونزع ملكية حقوق المؤلف الاستئثارية
القانون لا يبخس المؤلفين (الأدباء والعلماء والصحافيين...) أشياءهم. وقد نظم دور "السلطة الحكومية المكلفة بالاتصال والسلطة الحكومية المكلفة بالشؤون الثقافية"، وحدد مهمتهما بدقة وحصر دورهما-فقط-في "حماية الأعمال التي تكتسي صبغة استثنائية ولها قيمة ثقافية، من غير الإضرار بحق المؤلف في الحصول على تعويض عادل". (راجع القانون المغربي).
كما أن المشرع لم يفصح عن اسم "السلطة المعهود إليها بالوصاية على المكتب...". ولو تمت قراءة القانون قراءة صحيحة، لظهر للعيان أن القرارات الصادرة عن الوزير الحالي، والوزراء الذين تعاقبوا (خلال الحقبة الأخيرة) على حقيبة الاتصال، باطلة، غير قانونية ومطعون في شرعيتها، مما لا يمكن تصنيفه الا في خانة "التجاوزات والاختلالات والانتهاكات"، والشطط في استعمال السلطة، واستغلال النفوذ، وهدر أموال الدولة، وتبديد رأس المال الفكري، وتبذير الثروة الوطنية اللامادية...
وكذلك، لو تمت قراءة مرسوم 8 مارس 1965 بعيون خبيرة، لتبين للسيد الوزير (المسؤول الأول على القطاع) أنه قد وقع في فخ... وقد يكون ضحية سوء فهم أو استغفال... حيث لا يمكن الاستناد إلى مرسوم لم يكن يخول وزير الأنباء (سابقا) والمكتب المغربي لحقوق المؤلف (المتوفى شرعا) إلا "ممارسة الاختصاصات المخولة سابقا للمكتب الإفريقي لحقوق المؤلف": المحدث عام 1943 بمقتضى ظهير شريف (قانون تأسيسي) كان يقضي بتنفيذ مقتضيات الظهير الشريف الصادر عام 1916 بشأن حماية المؤلفات الأدبية والفنية. وقد تم إلغاء جميع هذه "المقتضيات السابقة المنافية لمقتضيات هذا الظهير".
متى كان الأصل يتبع الفرع في مجال حقوق التأليف؟ ومتى كان المرسوم يعلو على الظهير الشريف؟
هل من سلطة حكومية، أو جهة غير حكومية، تدافع عن شرف الأمجاد؟ أو كرامة الأجداد؟ أو سمعة البلاد؟
حيث لكل فرد (مبدع) الحق في أن يستفيد من الحقوق المعنوية المبينة في القانون (ولو تخلى المؤلف عن حقوقه المادية). وبعد وفاته، وحتى بعد انقضاء المدة المقررة لحماية هذه الحقوق، تنقل حقوق المؤلف "الروحية" إلى ذوي حقوقه الذين يمكنهم "الاعتراض على كل تحريف أو بتر أو أي تغيير لمصنفه أو كل مس به من شأنه أن يلحق ضررا بشرفه أو بسمعته".
وأكثر ما يحز في نفسنا، ويستفز مشاعرنا، هو تمادي المسؤولين في جهل حقوق الملكية الفكرية، بعدم رعاية حقوق المؤلف الاقتصادية، واحترام حقوقه الأخلاقية، وما يمكن أن يكون لذلك من انعكاس سلبي وإحباطي على شعوره؛ بحيث يصاب بخيبة الأمل، فلا يبقى أمامنا سوى الارتماء في أحضان شركات أجنبية، من قبيل "كوك-ستوديو" للنسخ والمسخ والفسخ، وإفساد وتمييع الذوق...مما نتج عنه:
تهميش وإقصاء فئات عريضة من مؤلفي "المصنفات التي هي إبداعات فكرية أصلية في مجالات الأدب والعلم" (اللائحة طويلة).
تهميش وإقصاء فئات عريضة من الفنانين وفناني الأداء (وعددهم لا يعد ولا يحصى).
تفويت التراث الفكري والثقافي بالمجان (للأجانب).
تشويه الابداعات الفكرية الأصلية.
تحريف التراث الثقافي والإرث الحضاري.
طمس الهوية الوطنية.
محو آثار الأعلام الأمجاد، والتفريط في الثروة اللامادية للآباء والأجداد...
فماذا بقي، إذن، للمغرب من ملكية ثروته الفكرية اللا مادية؟ وماذا بقي من صلاحيات واختصاصات لوزير الثقافة والاتصال؟ وما معنى وجود "المكتب المغربي لحقوق المؤلفين" (بدون حقوق وبدون مؤلفين)؟ وما الفائدة أصلا من استصدار أو صدور قوانين تشريعية غير مفهومة أساسا (معقدة ومكتوبة بالحبر السري) صوت عليها وصفق لها البرلمان بغرفتيه ولجانه.. وبالإجماع؟
وإلى متى السكوت عن حقوق جيل من الشباب أصيب بالتيه والتغريب... نظرا لكون بعض "الانتاجات" لا تستجيب لمكتسباتنا الحضارية وهويتنا الوطنية المبنية على الخلق القويم.. وقد جاءت غاية في الرداءة والسوء والاسفاف (المقصود)؛ بحيث تشكل آثارا سلبية على ثقافتنا، وتنبئ بالإفلاس الإبداعي، والانتحار الجماعي... فالانقراض الحضاري. مما سبق أن أخبرنا به، ونبهنا إليه، ودققنا ناقوس خطره في حينه؟
"للقرد، الكائن الذكي القادر على التفكير، ملكية فكرية يستحق حيازة حقوقها"
وكما ل"سيلفي القرد"، وخرير المياه، وزقزقة العصافير، وأصوات الحمير، وفنون السيرك -حقوق مستحقة، فللإبداعات الفكرية الأخرى، كذلك، حقوق اقتصادية وثروة لا مادية، ننتظر (كمؤلفين ومستثمرين) توزيعها توزيعا عادلا على مستحقيها...
- هل يعقل، بعد كل ما تقدم، أن يكون الحيوان أذكى من الإنسان؟
- وهل من الانصاف في شيء أن يكون "للقرد ملكية فكرية يستحق حيازة حقوقها"، ولا يكون للمالكين الأصليين من أولي الألباب أي نصيب من حقوق المؤلفين؟ أم إن المؤلف المغربي ما زال قاصرا، لم يبلغ سن الرشد ومستوى ذكاء القرد؟
- وهل من أمل في أن يتساوى في الحقوق: جنس الفنانين من سلالة الإنسان (العربي) وباقي الكائنات من فصيلة الحيوان (الغربي)؟
- فما أحوجنا اليوم إلى إحداث مكتب أو جمعية ك"جمعية بيتا" (للحيوانات): للدفاع عن حقوق الكائنات الذكية".
*خبير قضائي وسيط وحكم دولي معتمد في حقوق الملكية الفكرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.