أفرج المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أخيرا مطلع شهر شتنبر الجاري، عن تقريره السنوي لسنة 2016؛ وهو تقرير حمل مؤشرات قاتمة، بالرغم من مرونته، على المستوى الاقتصادي والمستوى الاجتماعي والمستوى البيئي للمغرب. وإذا كنا بصدد استعراض بعض نقطه على المستويات الثلاثة سالفة الذكر فلا بد في البداية الإشارة إلى ملاحظة مهمة حول تأخر تاريخ إصدار هذا التقرير الذي جاء بعد المذكرة التوجيهية لرئيس الحكومة بخصوص مشروع قانون المالية لسنة 2018، ربما كان الأفضل خروج هذا التقرير إلى حيز الوجود في الثلاثة أشهر الأولى من السنة الحالية.. التقرير حمل مؤشرات جد قاتمة حول الوضع العام بالمغرب والذي يجعلنا نطرح أكثر من سؤال، خصوصا أن بعض هذه المؤشرات على المستويين الاجتماعي والاقتصادي عرفت تراجعا كبيرا بين سنتي 2015 و2016. على المستوى الاقتصادي سنة 2016 تميزت بفقدان اقتصادنا المغربي 37.000 منصب شغل، وهذا مؤشر على أن نسبة النمو لنفس السنة %1.2 انعكست سلبا على سوق الشغل. وهنا، تجب الإشارة إلى معطى مهم، ودائما حسب التقرير نفسه، فمعدلات النمو وعلاقتها في خلق فرص جديدة للتشغيل أصبحت تكتسي طابعا بنويا خصوصا إذا قارنا بين معدلات النمو في علاقتها بسوق الشغل إذ ما بين سنة 2003-2006 كل نقطة نمو إضافية تمكن من خلق 38.000 منصب شغل، وما بين 2007-2011 انخفض الأداء لكل نقطة نمو إلى 25.000 منصب شغل، ليصل إلى الفترة ما بين 2012-2015 إلى 12.000 منصب شغل عن كل نقطة نمو إيجابية. على المستوى الاجتماعي التقرير سجل على مستوى التعليم آفة الهدر المدرسي التي عرفت، بالرغم من انخفاضها، 350.000 حالة. وإذا افترضنا أن هذه الوضعية لن تتم معالجتها فسنكون على مدى ثلاث سنوات مقبلة وصلنا إلى أكثر من مليون تلميذ دون أي تحصيل علمي أو تربوي. التقرير كان يجب أن يشير في توصياته إلى أن الهدر المدرسي هو قنبلة موقوتة تهدد السلم الاجتماعي للمغرب. إنها رسالة إلى الحكومة، وقبلها إلى المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي الذي يسهر على تدبيره عمر عزيمان، من أجل التفكير مليا في منظومة تربوية وتعليمية جادة ومواطنة. التقرير نفسه سجل للأسف ارتفاع نسبة الإضرابات بالمغرب برسم سنة 2016 لتصل إلى %86، إذ انتقل عدد أيام الإضراب من 267.656 يوما سنة 2015 إلى 497.484 يوما سنة 2016. هل حقا مقاولاتنا المغربية تعيش حقا حالة من الإفلاس نتيجة الوضع الاقتصادي بالمغرب أم أن الأمر مرتبط أساسا بسوء التسيير لهذه الأخيرة؟ قطاع الصحة ليس كذلك في أحسن حاله، خصوصا أن معدلات الأسرة بالمؤسسات الاستشفائية أصبحت بمعدل سرير لكل 1586 عوض سرير لكل 1551 سنة 2015، فعن أي وضع صحي نتحدث عنه خصوصا وحسب التقرير نفسه أن الميزانية المرصودة للصحة تبلغ %5.6 من ميزانية الدولة بينما المعدل العالمي يوصي بتخصيص %10 من الميزانية لهذا القطاع. على المستوى البيئي التقرير بعد تتمينه لنجاح كوب 22 وانطلاق العمل بمحطة "نور1" للطاقة الشمسية حذر من الخطر الذي يهدد المغرب فيما يتعلق بالموارد المائية، خصوصا أن تصنيف المعهد العامي للموارد صنف المغرب ضمن 33 بلدا أكثر تهديدا في العام بالإجهاد المائي الحاد في أفق سنة 2040. حجم المياه المتجددة للفرد الواحد تصل إلى 700 متر مكعب، والتي ستعرف انخفاضا يصل إلى 500 متر مكعب بحلول سنة 2030. فماذا أعدت وزارة المعنية لهذا التهديد في الموارد المائية من حملات تحسيسية لترشيد استعمال المياه. في الأخير، يجب التنبيه إلى أن التقرير السنوي 2016 لمجلس نزار بركة يلزم الجميع، من مجتمع مدني وأحزاب سياسية وحكومة وفاعلين اقتصاديين وجمعويين، من أجل تعبئة مواطنة للخروج من وضع لا يطمئن بل يرعب..