عن سن تناهز 75 سنة، ووري الثرى، ظهر اليوم الأحد بمقبرة الشهداء بالرباط، جثمان وزير الأوقاف السابق مولاي عبد الكبير العلوي المدغري، بعد مسيرة سياسية فارقة في تاريخ المغرب؛ أبرز محطاتها تقلده لمنصب وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية لمدة 19 عشر عاماً (1984-2002). وشُيِّع قارئ خطاب بيعة الملك محمد السادس إلى مثواه الأخير بحضور أفراد من عائلته، ولفيف من الوزراء والسياسيين والشخصيات العمومية من مختلف المجالات، من ضمنهم سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، وعبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وامحند لعنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، ومصطفى الباكوري، رئيس جهة الدارالبيضاءسطات، وحسن أوريد، كاتب مغربي، وعبد السلام أحيزون، المدير العام لشركة اتصالات المغرب، ومولاي حفيظ بنهاشم، المندوب السابق للسجون، ومصطفى الكثيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير. وأجمع الفاعلون السياسيون والمثقفون الذين حضروا تشييع الراحل مولاي عبد الكبير العلوي المدغوي على مساهمته الفعالة في تجديد الحقل الديني، وتبحره في العلوم الشرعية، ما أهله لنيل الثقة الكبيرة في عهد حكم الملك الراحل الحسن الثاني وبداية حكم الملك محمد السادس، بالإضافة إلى شغله لمنصب المدير العام لوكالة بيت مال القدس الشريف. وفي هذا الصدد، قال محمد سالم الشرقاوي، المدير المكلف بتسيير الأمور الجارية لوكالة بيت مال القدس: "اليوم نودع شخصية وطنية من طراز خاص، لقد أوفى رحمه الله العهد في جميع المهام التي تقلدها، سواء على رأس وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أو على رأس وكالة بيت مال القدس الشريف". وأشار الشرقاوي، ضمن تصريح لهسبريس، إلى أن ما أنجزه الفقيد مشهود له به داخل المغرب وخارجه. من جهته، وصفه عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ب"الرجل العالم"، و"الفقيه المتنور" الذي خالط الحياة والدراسات العصرية، مشيرا إلى أنه جاء إلى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بعدما انتبه المرحوم الحسن الثاني إلى ذكائه بعد درس واحد قدمه بين يدي جلالته. وأوضح بنكيران، في تصريح لهسبريس، أن العلوي المدغري لعب دوراً كبيراً في وقت كان فيه المغرب محتاجا إلى رجل مثله، مضيفا: "لقد صالح بين الفكر الذي يريد أن يحافظ على أصالتنا وهويتنا المغربية، وبين الفكر الذي يعيش المرحلة التي نعيشها الآن بحداثتها؛ وهو ما سمح له بأن يعتلي كرسي وزارة الأوقاف لمدة 19 سنة". بدوره، قال امحند العنصر: "إنه رجل ذو أخلاق عالية، كان يحب ملكه ووطنه"، لافتا إلى أنه في مواقف جد صعبة من تاريخ المغرب، كانت للمدغري بصمته في الحياة السياسية المغربية. وكان الملك محمد السادس قد قال في برقية تعزية بالمناسبة، إن "المغرب فقد بوفاة عبد الكبير العلوي المدغري أحد أبناءه البررة، المشهود له بالغيرة الوطنية الصادقة، والتشبث المكين بمقدسات الأمة، والتفاني ونكران الذات في خدمة المصالح العليا للوطن، في مختلف المناصب والمسؤوليات السامية التي تقلدها، ولاسيما كوزير للأوقاف والشؤون الإسلامية أو كمدير عام لوكالة بيت مال القدس الشريف". يُشار إلى أن الراحل اشتغل كذلك أستاذا للتعليم العالي باحثا بكلية الشريعة بجامعة القرويين بفاس، وأستاذا محاضرا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس، وأستاذا بالمعهد المولوي بالرباط. ومارس أيضا مهنة المحاماة، وله مؤلفات عدة؛ من بينها "الحكومة الملتحية" الذي تنبأ فيه بوصول الإسلاميين إلى الحكم.