الشاب جدوان اسم لا يخفى على المغاربة، كيف لا وهو الذي أطربهم في سنوات الثمانينات والتسعينات ، بصوته الشجي وموهبته المتميزة، سيطر على الساحة الغنائية طويلا، وأصبح رائد الاغنية الشعبية بامتياز. قراره بالاعتزال الفني في قمة عطاءاته وتوجهه للاهتمام بالقرآن الكريم حفظا وترتيلا، أثار الكثير من الآراء والملاحظات المختلفة. التقيناه في مهرجان الامام الهبطي للقرآن الكريم بالعرائش، حيث ذكر الجمهور المغربي بصوته الرخيم عبر ترتيله لآيات من القرآن الكريم وأدائه لمواويل دينية، انتهزنا المناسبة لمحاورته التي رحب بها بتواضعه المعهود منه، وارتأينا نشره على حلقات عبر موقع هسبريس في شهر رمضان. الحلقة الثالثة: جدوان بعد الاعتزال ما الذي تغير في جدوان بعد الاعتزال؟ الحمد لله، من الصفات التي أحمد الله عز وجل عليها أنه وهبني صفة التواضع قبل وبعد الاعتزال، فالعبد الضعيف إلى الله متواضع وشعبي، وغير متكبر، في بعض الاوقات كان بعض موسيقيي الفرقة ينصحونني بشيء من البريستيج وبعض الشكليات، كنت أجيبهم دائما كلنا أولاد 9 أشهر و"الله يخلينا صباغتنا"، لا أعرف التصنع وعندما ألتقي بشخص متكبر لا أحبه، امتثالا لقزله تعالى "إن الله لا يحب المتكبرين" هناك البعض من كان يعتبرني غير شعبي واغير اجتماعي لأني كنت أرفض أن أكون نديمه في جلسة ما أو فتاة رفضت أن أكون رفيقها ذات ليلة، في مثل هذه المواقف كان يشرفني أن أكون متكبرا امتثالا لأوامر الله عز وجل. الحمد لله لم أزن يوما ولم أخن زوجتي على امتداد 23 سنة زواج، ورغم الوسط الفني الممتلئ بالإغراءات والابتلاءات فإني كنت أترفع عن كل هذا وأعتبر هذا تكبرا إيجابيا واجبا ومحمودا. بعد الاعتزال لا زلت بنفس التواضع وحسن المعاملة مع الجميع غنيهم وفقيرهم على حد سواء فالله سبحانه وتعالى هو من خلق الخلق وفرق عليهم الارزاق، ونحن في دار بلاء واختبار، نؤدي واجباتنا ونسأل الله عز وجل قبول الاعمال، أركز في معاملتي على صفاء القلب والروح، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال "إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا الى صوركم ولكن ينظر الى قلوبكم" والقلب تلك المضغة التي إذا صلحت صلح سائر الجسد . لا زلت أحتفظ بعلاقات طيبة مع جميع الفنانين ألتقي بهم وأدعو الله عز وجل أن يعفو عنهم كما عفا عني، وأن يبدلهم جميعا رزقا خيرا من هذا. ونسأل لهم الخير في الدنيا والآخرة. فقد اتصل بي صديق فنان من مدينة الناضور يفكر في الاعتزال، وآخر من إيطاليا، وآخرون ألتقي بهم يهنؤونني عن القرار الشجاع الذي اتخذته ونتحدث عن الاعتزال وإيجابياته والبدائل الشرعية الممكنة. ماذا كان رد عائلة جدوان بعد الاعتزال؟ بصفة عامة، العائلة تقبلت الفكرة خصوصا وأني كنت أحدثهم عن رغبتي في الاعتزال في سن الاربعين. كان تقبلهم للقرار طيبا، أصدقائي الفنانون كما ذكرت سابقا هنئوني على هذا القرار، هناك من استوعب القرار خصوصا الذين يعرفون مجالس اللهو والمجون وما يقع فيها من معاصي، ويقارنونها مع مجالس الذكر التي تحفها الملائكة ويذكر الله اهلها في من عنده. وهناك من لا يستوعب قرار التوبة والعودة إلى الله لأنه لا يستطيع أن يتخلى عن بيئة الفن والمعجبين. لا يمكن أن تقارن جمهور الغناء والسمر بملائكة الرحمان الذين يحضرون مجالس الذكر، أو الذين يطوفون في البيت المعمور حيث أزيد من سبعين ألف ملك يؤدون طوافهم ولا يكررونه، شتان شتان، الفنان التائب يرغب في جمهور ملائكي أو في جمهور مؤمن يدعو الله له. ألا تفكر في مشروع فني ملتزم؟ خصوصا أن الحقل الفني المغربي بحاجة إلى فنانين ملتزمين أكثر منه إلى اعتزال الفنانين. بصراحة، هذه فكرة طيبة، وتراودني دائما غير أني منشغل بأعمال أخرى، مؤخرا قمت في نفس الاطار بتسجيل أغنية للقناة السادسة بمناسبة ذكرى عيد المولد النبوي وسجلت أخرى تلبية لمناسك الحج، ودائما أفكر في أنه لو أتاني كاتب كلمات بأغنية ملتزمة تحتوي على قيم ونصائح وأخلاق وأعجبتني أنا مستعد لتسجيلها وأدائها، لست ضد الفكرة أو أحرم الانشاد، فأنا مستعد لإنشاد الكلمة الطيبة، ولا مانع لدي. في الحلقة الرابعة تتمة مشاريع الفنان جدوان بعد الاعتزال