تستعد المصارف المغربية لمنع تداول وتبادل الأوراق المالية من فئة "500 أورو" خلال الشهور الستة المقبلة في قنوات الصرف القانونية المرخص بها من طرف السلطات المالية المغربية، من أجل قطع الطريق أمام تجار العملات والمهربين الذين يحاولون رفع رقم معاملاتهم بالتوازي مع انطلاق العمل بنظام تعويم الدرهم الذي سينطلق العمل به انطلاقا من صباح يوم غد. ووفق معطيات حصلت عليها هسبريس من مهنيين عاملين في القطاع، فإن صرف ومبادلة العملات الأجنبية في مراكز الصرف المعتمدة سيقتصر على الأوراق المالية التي تبتدئ قيمتها من 100 أورو فما تحت. وأكدت مصادر هسبريس أن هذه الخطوة من شأنها تقليص عدد الأوراق المالية من الفئات النقدية الكبيرة التي يمكن نقلها والعبور بها من الحدود نحو الخارج، بعيدا عن أعين المراقبين الجمركيين. وتتزامن هذه الاستعدادات لتطبيق هذه الخطوات مع رصد حركة غير عادية في السوق السوداء لصرف العملات في مدينة الدارالبيضاء والعاصمة الرباط، حيث فضلت مجموعة كبيرة من تجار هذه العملات وقف عرضها في السوق السوداء في انتظار الشروع في العمل بنظام التحرير المرن للدرهم، في الوقت الذي سجل ارتفاع في مستوى الإقبال على شراء العملات الأمريكية والأوربية في السوق غير القانونية ذاتها. وقال مصرفيون إن رد فعل السوق السوداء كان منتظرا بسبب عقلية المضاربة السائدة في مثل هذه الأسواق غير القانونية، وأضافوا أن معظم هؤلاء المضاربين لا يحيطون بالنظام الذي اعتمده المغرب في تحرير عملته الوطنية، كما ربطوا هذا الارتفاع الذي سجل اليوم في سعر صرف الأورو والدولار بالزيادة التي طبقتها المصارف على أسعار صرف العملات الأجنبية، وهو ما أكده الخبير الاقتصادي عزيز لحلو. وقال الخبير لحلو في تصريح لهسبريس: "فوجئنا كخبراء بارتفاع سعر صرف الأورو في المصارف، حيث بلغ 11.28 بعدما كان سعره لا يتجاوز 10.80 قبل 48 ساعة فقط. وهذا أمر لا يعقل، أثر بشكل تلقائي على الأسعار المطبقة في السوق السوداء". وأضاف عزيز لحلو: "ارتفع سعر صرف الأورو في السوق السوداء إلى 11.80 درهما صبيحة اليوم، وأنا أعتبر أن تجار السوق فضلوا اللجوء إلى المضاربات، التي بدأت تستعر إلى درجة أن البعض أطلق شائعات بأن سعر الأورو سيصل إلى 15 درهما، وهذا أمر غير ممكن نظرا لأن بنك المغرب شرع في تطبيق تحرير مرن لصرف الدرهم". يشار إلى أن بنك للمغرب ربط الشروع في التعويم التدريجي للدرهم بالتحولات التي يمر منها الاقتصاد المغربي، والتي حتّمت اللجوء إلى إدخال تعديلات هيكلية على نظام صرف العملة المحلية من أجل المحافظة على تنافسية الاقتصاد المغربي. واعتبر مسؤولو البنك المركزي المغربي أن "جميع الشروط اجتمعت من أجل الانتقال صوب نظام الصرف المرن للدرهم، بعدما كشفت الأزمة المالية العالمية بعض نقط الضعف التي تعتري نظام الصرف المعتمد حاليا"، مشيرين إلى أن "اقتصاد المغرب ليس في منأى عن الهزات الاقتصادية التي يشهدها العالم، سواء تعلق الأمر بالطلب العالمي أو أسعار المواد الأولية التي يكون لها انعكاس على التوازنات الداخلية والخارجي، وهو ما حتم تفعيل نظام تعويم الدرهم".