مباشرة بعد الغضبة الملكية على وزراء حكومة سعد الدين العثماني بشأن مشروع "الحسيمة منارة المتوسط"، ودعوة الأخير سكان الريف إلى التهدئة، خرجت الأحزاب السياسية المشاركة في الائتلاف الحكومي بعد صمت طويل لتدعو هي الأخرى المحتجين إلى التحلي بالهدوء و"تغليب المصلحة الوطنية" وأيضا "التشبث بالمقدسات الوطنية"، مشيدين بالتعليمات الملكية الداعية إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة. وفي هذا الإطار، وجّه حزب التقدم والاشتراكية دعوته إلى الفاعلين في الحركة الاحتجاجية بالريف، من "أجل تغليب المصلحة الوطنية، واستحضار دقة المرحلة التاريخية التي تجتازها بلادنا وشعبنا، والإسهام في خلق الأجواء المناسبة لتجاوز الوضع الحالي". وعبّر حزب "الكتاب"، ضمن بلاغ له، عن "أسفه وحزنه" لما عرفته المنطقة من أحداث يوم الاثنين المنصرم، داعيا إلى "التقيد بضوابط دولة الحق والقانون والمؤسسات في ممارسة حق الاحتجاج، كما في كل التدابير المتعلقة بحفظ الاستقرار وسلامة الممتلكات العامة والخاصة، والحفاظ على الأمن، باحترام تام لحقوق الإنسان، وصون كامل للحريات التي يكفلها الدستور للمواطنات والمواطنين". ودعا رفاق محمد نبيل بنعبد الله الحكومة إلى تحمل كامل مسؤوليتها في التدبير الجدي والفعال لهذا الملف، خاصة من خلال "الانكباب على تسريع وتائر إنجاز الأوراش المفتوحة، وتفعيل مختلف قنوات التواصل المتاحة مع ساكنة إقليمالحسيمة، بما يمكن من التوصل، في أقرب الآجال، إلى مخرجات ملموسة تعيد الثقة وتوفر أجواء التهدئة التي تمكن من إنجاز المشاريع المبرمجة؛ وذلك في إطار من التعاون والحوار والتشارك، وفي جو من الاستقرار والسكينة، بإسهام من كل الأطراف". واعتبر التقدم والاشتراكية أن "إنجاز الإصلاحات المطلوبة يبقى نجاحها رهينا بتوفير أجواء الاستقرار والهدوء"، بعيدا عن أي "استغلال سياسوي ضيق وغير مجدي". من جانبه، أعرب حزب الحركة الشعبية عن انشغاله لاستمرار الحركات الاحتجاجية قائلا، في بلاغ له، إنها "تحول دون تفعيل آليات الوساطة والحوار"، داعيا كافة القوى الحية من أحزاب سياسية ونقابات ومجتمع مدني إلى "التعبئة من أجل رفع اللبس والاسهام في تجاوز هذا الوضع بعيدا عن كل المزايدات أو استغلال سياسوي أيا كان مصدره". حزب "السنبلة" وجه دعوته أيضا إلى ساكنة إقليمالحسيمة من أجل "التحلي بالهدوء وتغليب منطق الحوار؛ حتى يتسنى لكل المبادرات الجادة أن تترجم على أرض الواقع وإيجاد الحلول المنصفة المناسبة"، مؤكدا تخوفه "من تفاقم الأوضاع بالمنطقة وتضرر الساكنة بفعل استمرار الاحتجاجات وأثرها السلبي على النشاطين الاقتصادي والاجتماعي". حزب الاتحاد الدستوري هو الآخر أعرب عن انشغاله بالتفاعلات التي تثيرها أحداث الحسيمة، و"ما يمثله استمرارها من تعطيل لآليات الحوار وتأخر في النشاط الاقتصادي والتنموي بهذه المنطقة"، حسب تعبيره. ووجّه حزب "الحصان"، في بيان له، الدعوة إلى ساكنة هذا الإقليم إلى "التحلي بما هو معهود فيها من تشبث بالمقدسات الوطنية وتغليب للمصلحة العامة، وأن يبادروا إلى الانخراط في هذه الدينامية الجديدة التي يرعاها الملك، وأن يحافظوا على أجواء التهدئة والأمن والاستقرار". ويواصل إخوان محمد ساجد قائلا: "المغرب اختار عن طواعية طريق الحرية والديمقراطية والتنمية، واختار إلى جانب ذلك، طريق دولة المؤسسات وسيادة القانون، وهذا هو الإطار الذي يجب أن يحتضن آمالنا وطموحاتنا جميعا". ولم يفت الأحزاب الثلاثة، التي تعد من مكونات حكومة سعد الدين العثماني، الإشادة بالتعليمات الملكية الصادرة إبان المجلس الوزاري الأخير، معتبرين أنها "تشكل تفعيلا للمبدأ الدستوري المتمثل في ربط المسؤولية بالمحاسبة، بما يمكن من الوقوف على حصيلة تنفيذ المشاريع المبرمجة في إطار اتفاقية الحسيمة منارة المتوسط، ورصد ما يمكن أن يكون قد شاب هذا التنفيذ من اختلالات، وترتيب المسؤوليات تبعا لذلك".