قال الداعية الإسلامي عمرو خالد إنه على الرغم من الحصار الذي فرضته قريش على النبي وأصحابه في شعاب بني طالب، لمدة 3 سنوات، عانوا فيها من آلام العزلة والجوع، لم يفكر المسلمون في العنف أو يلجؤوا إليه ثأرًا وانتقامًا منها، ولم يضعوا قوائم اغتيالات لمن وضعوا وثيقة الحصار، أو يفكروا في إنهاء الحصار بالقوة، بل ضحوا لئلا يحدث صراع في بلدهم. وأضاف خالد، في الحلقة الخامس عشرة من برنامجه الرمضاني "نبي الرحمة والتسامح"، الذي يذاع على قناة "إم بي سي"، أنه بعد أن فشلت كل الوسائل التي لجأت إليها قريش للقضاء على الإسلام في مهده، اجتمع 40 من كبارها وقادتها وكتبوا وثيقة، وقعوا جميعًا عليها، كانت تتضمن فرض حصار اقتصادي: لا نشتري منهم ولا نبيع لهم، حصار اجتماعي: لا نتزوج منهم ولا يتزوجوا منا، وحصار معنوي: لا نتكلم معهم ولا نجلس معهم. وتابع خالد: "الإقامة كانت في الشعب مسألة في منتهى القسوة، حيث بيوت ضيقة، ومكان ضيق بين جبلين، إلا أن المسلمين لم يقاوموا القرار الصعب، على الرغم من أن بينهم اثنيان يشتهران بالقوة: عمر بن الخطاب، وحمزة بن عبدالمطلب؛ فضلاً عن بني هاشم، وهي قبيلة كبيرة، تجنبًا لسفك الدماء إن اندلعت حرب أهلية، ففضل النبي أن يخضع للحصار ومن معه على أن يدفع ببلده إلى الاقتتال والاحتراب". واستطرد عمرو: "فرضت قريش الحصار حتى لا يدخل الطعام إلى الشعب. وظل المسلمون على هذه الحال 3 سنوات، إلا ما كان يتم تهريبه. وكان الصحابة يأكلون ورق الشجر.. لهذا السبب توفيت السيدة خديجة وأبوطالب بعد الخروج من الشعب، لأن صحتهما تدهورت بشدة نتيجة الحصار". وأوضح خالد أن "أبا طالب كان يخشى على حياة النبي، خاصة بعد أن اتخذت قريش قرارًا بقتله، فكلف سيدنا حمزة بن عبدالمطلب وعمر بن الخطاب وعلى بن أبي طالب بأن يقفوا على مداخل الشعب حتى لا يتسلل أحد لقتل النبي، وكان يأمره بأن يغير مكان نومه كل فترة"، وزاد: "كل ذلك ولم تقع حادثة عنف واحدة". وذكر الداعية الإسلامي أنه "رغم آلام وقسوة الحصار كانت هناك مميزات؛ الميزة الأولى أن المسلمين لما حوصروا في شعب بني طالب مع كفار بني هاشم تعايشوا مع بعضهم البعض، وكانوا يأكلون معًا، فكانت النتيجة أن تضاعف عددهم من 100 إلى 200 لأن الصحابة كانوا متعايشين مع كفار قريش، ولم ينعزلوا عنهم، وكانوا كلهم يتحلون برقي وأخلاق عالية". وأردف خالد: "الميزة الثانية أنه رغم الحملة والدعاية التي قامت بها قريش، إلا أن العرب يتعاطفون مع المظلوم، فأحسوا بوقوع الظلم على المسلمين، خاصة أنهم لم يتورطوا في أعمال عنف، فأحبوهم.. وانتشرت الدعاية لهذا الدين المؤمن بالسلام في أرجاء الجزيرة العربية؛ لذلك عندما حصل صلح الحديبية، وفتح مكة، أسلم كل العرب، ووصل عدد المسلمين إلى ما يتراوح ما بين 200 و300 ألف". ومضى خالد يقول: "الميزة الثالثة أن تواجد النبي في الشعب وفر له الحماية أكثر من عمه أبي طالب، ولو كان خارجها، وفي ظل كل هذا الغضب الذي يعتري قريش، لكان يمكن لأي شاب متهور أن يقدم على قتله"، واعتبر أن "حصار المسلمين في شعب بني طالب هو أكبر دليل على أن الإسلام دين للسلام والتسامح والرحمة وليس دين العنف، فعندما خرجوا من الشعب، خرجوا مرفوعي الرأس وأكثر نجاحًا". ولفت خالد الانتباه إلى سؤال قد يسأله سائل: هل دعا النبي الله إلى فك الحصار؟..ليجيب: "نعم دعا كثيرًا.. لكن لماذا تأخرت الإجابة من الله 3 سنوات؟..ليعطينا الدرس: وعد الله عباده بالإجابة؛ فلا تشك في وعد الله إذا تأخر الموعود..اختبار لثقتك ويقينك في الإجابة.. ادعوا ولا تستعجلوا".