لا شيء يقلق الإنسان، ويصيبه بالصداع الرهيب ،وقد ينغص عليه حياته كلها،مثلُ التشكيك في بعض يقينياته ووضعها على المحك،ليتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود فعلا،وليس جعل الأمر تمويها وتمنيا فقط.ولذلك يفضل الكثير من الناس البقاء على يقينهم ،ولو كان خاطئا ، آمنين مطمئنين بدل أن يصطلوا بنار الشك، ومواجهة ريح التغيير التي تهب قوية عنيفة تهدم أعمدة خيمتهم التي ألفوا أن يتفيؤوا ظلالها سالمين من صداع السؤال،غانمين برودة اليقين.. ولو ثبت أنه يقين كاذب. بل يصل الأمر أحيانا إلى درجة التكذيب بكل خبر أو معلومة عكس القناعة الشخصية.لقد ظل العرب يخدعون أنفسهم زمنا طويلا أن الصهاينة مجرد شرذمة قليلة وشذاذ آفاق، لن يصمدوا في مواجهة الجيوش العربية التي ستدك حصونهم، وتشتت شملهم ،وتيتم أطفالهم، وترمل نساءهم ،وتجعلهم وأموالهم غنيمة للفلسطينيين. وللأسف الشديد ،وهم يغزوننا كل مرة في عقر دارنا،لم نملَّ نحنُ من ترديد تلك الأسطوانة المشروخة،بأنهم جبناء ..وأن الجبن فطرة أصيلة لن تفارق شخصيتهم الموسومة بالخوف والمطبوعة بالهلع.وفي كل معركة يكسبون أرضا جديدة،ويحققون مكاسب سياسية على حسابنا،ومع ذلك لا نتوقف عن ترديد نفس القناعات. إنها مشكلة العقل الإنساني بصفة عامة،وربما يتفوق العقل العربي أكثر من غيره، في الاستماتة والدفاع عن قناعاته ومسلماته وإن أثبت الواقع بطلانها،وبرهنت التجارب على عدم صدقيتها.لا لشيء سوى لإرضاء غرور الإنسان العربي، وإشباع رغبته في الظهور بمظهر المتفوق والمتميز.وكأنه في حاجة إلى مئات الصدمات الصاعقة كي يوقن فعلا أنه على خطإ،وأن الأمر يقتضي تغيير الخطة واعتماد أوراق جديدة إذا هو أراد الاستمرار في المواجهة بل إذا أراد الاستمرار هكذا مجردة. ************************************* إن بعض الناس يستغرب الآن كيف أصر كفار قريش على كفرهم رغم أن الإسلام دين يخاطب العقل والفطرة النقية.فلم يكن القوم أغبياء ولم يكن نصيبهم من الذكاء قليلا،كما أن بداوتهم وارتباطهم الطويل بالصحراء لم يفسد فطرتهم ولم يشوش عليهم وضوح الرؤية و''البراءة'' في النظر لكثير من الظواهر وحملها على الأسهل والأيسر والأبلغ أيضا. فمما يؤثر عن عربي سئل عن وجود الله،فكان جوابه: إن البعرة تدل على البعير،وخط السير يدل على المسير،فكيف بسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج أفلا يدل ذلك على العلي الكبير؟ ففي السذاجة عمق و روية،وفي البساطة وضوح ومزية. ومع ذلك،لم يستسغ هؤلاء العرب أن يأتيهم الرسول ص بدين جديد ،أول أساس فيه توحيد الخالق عز وجل وتنزيهه عن الند والشبيه،وإلغاء تعدد الآلهة... استغربوا اختزال الآلهة في إله واحد،وتعجبوا غاية العجب،وهو رد الفعل الذي عبر عنه القرآن في قوله تعالى :( وَعَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ،أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) سورة ص ،آية 4 و5 فبداية عجبهم أن يأتيهم رسول منذر منهم،أي من قومهم،يتحدث لغتهم ويأكل طعامهم،ويلبس لباسهم.فالأصل أن كل هذه العوامل تساعد على تواصل أفضل،وتفاهم أسرع.ولكنهم جعلوها عوامل تصد عن الاقتناع وتدعو إلى الكفر والتشكيك.ثم تضاعف عجبهم وتضخم أكثر حين دعاهم إلى التوحيد،وهم الذين تعودوا أن يعبدوا آلهة كثيرة.فأصبح في حكم المستحيل أن يقتنعوا بفكرة الإله الواحد الأحد. ************************************* نفس الشيء يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن إمكانية تلاقي الإسلام والعلمانية لإعطاء نتائج إيجابية في المجال السياسي والاجتماعي والاقتصادي.ففي تصور الكثيرين لا بديل عن الحرب بين المفهومين،وفي أحسن الأحوال فهو التوجس والريبة والتصادم.أما التلاقح والتزاوج فغير وارد بالمرة.إنه العجب العجاب نفسه. وهو التصادم الذي كان يصر عليه أعداء وخصوم الديمقراطية زمنا طويلا،ومازال بعضهم لم يستسغ إمكانية أن تكون الديمقراطية آلية لتنظيم الحكم في بلد دينه الإسلام.لأن الديمقراطية،حسب هذا الفريق،تعني حكم الشعب من طرف الشعب لصالح الشعب.والإسلام يعني أن الحاكمية لله .فكيف يلتقي منهجان أحدهما يقر بحكم الشعب نفسه بنفسه،والآخر يرد الحكم لله وحده.؟ بل هناك من لا يتردد في كل من طالب بالديمقراطية بالكفر والخروج عن الإسلام.ويمكن الرجوع إلى الأدبيات السلفية والأصولية المتطرفة للوقوف على كثير من هذه الاجتهادات. لكن يبدو أن جل الشعوب العربية،بطلائعها ونخبها السياسية والمثقفة،أصبح لها مطلب واحد يجمع بينها،يمكن تلخيصه في جعل الحكم وفق المنهجية الديمقراطية،التي تعني إرجاع السيادة للشعب فعلا،وفسح المجال لمختلف مكونات الأمة دون قيد أو شرط،على أن يكون الفاصل هي صناديق الاقتراع،بشرط توفر الضمانات الضرورية لنزاهة الانتخابات وشفافيتها،كي تكون معبرة فعلا عن الإرادة الشعبية الحقيقية. وطبعا،فإن تقاسم هذه القناعة بين قطاعات واسعة من النخب السياسية والمثقفة،وبين مختلف شرائح الشعب،لم يكن وليد اللحظة الراهنة.بل هو الخلاص الذي تنتظره الشعوب العربية وشعوب العالم الثالث منذ وقت طويل.وفي عالمنا العربي والإسلامي،ذاقت الشعوب الويلات وتجرعت مرارة القهر والتسلط،مرة باسم القومية العربية ،وأخرى باسم الإسلام السياسي،وثالثة باسم الاشتراكية الاجتماعية.لكن ثبت بالممارسة وعبر تجارب طويلة،أن هذه الشعارات البراقة التي تحكم باسمها أنظمة إيديولوجية متسلطة،ليس لها من هدف إلا المد في عمر القهر وخنق القوى الشعبية الحقيقية التي بإمكانها أن تعبر عن تطلعات الشعب. بل هناك أنظمة عربية استغلت نبل القضية الفلسطينية كي تجعل ذلك مدخلها ''القومي'' لحصار شعوبها في الداخل وتسليط القمع والإرهاب عليها.وكل من تسول له نفسه المطالبة بالحقوق الأساسية والحريات وكل ما من شأنه تحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية للمواطن العربي،كان مصيره السجن أو النفي.لأن أكبر بدعة سوقتها الأنظمة العربية تمثلت في ذلك الشعار الخالد : لا صوت يعلو فوق صوت المعركة. ورغم أن هذه الأنظمة خسرت كل المعارك العسكرية،وخسرت أيضا معارك التقدم والازدهار والتنمية ،فإنها لم تراجع سياساتها.بل بقي القمع والتسلط قرينا بالممارسة السياسية لهذه الأنظمة.وقد أبدع نظام البعث في سوريا بدعة الممانعة، والتي باسمها ينكل اليوم بالشعب السوري،ويقتل الشيوخ والنساء والأطفال. أعتقد أن تجربتنا مع العلمانية ستكون مشابهة لتجربتنا مع الديمقراطية.ومع ذلك أتمنى أن نكون هذه المرة قادرين على استثمار تجربتنا السابقة ،وبالتالي الاستفادة مما تتيحه العلمانية من حريات ومن فرص وشروط للوقوف بعيدا عن استغلال الدين في معارك سياسية تضر بالدين ولا تنقد السياسية من ورطتها،ومن تجاوز للخلافات المذهبية والطائفية وغيرها.وذلك في أقرب فرصة ممكنة لكي لا نضيع مزيدا من الوقت ونهدر مزيدا من الجهود والطاقات. ************************************* لقد شق الساسة الأتراك ،المحسوبون على التيار "الإسلامي" مسارا مختلفا.حيث حاولوا تجاوز الشعارات والخطابات القومية الحماسية الفارغة من كل مضمون،وانصب تفكيرهم على كيفية استثمار الهامش الذي تتيحه العلمانية،باعتبارها ركنا أصيلا من أركان الحكم في تركيا. فبعد تجارب مريرة للتيارات الدينية السابقة ( عدنان مندريس ،نجم الدين أربكان ) والتي كُتب عليها ،ليس رغبة من أصحابها،التصادم والمواجهة مع المؤسسة العسكرية باعتبارها القوة الخشنة الحامية للعلمانية الأتاتوركية ،وسندها في ذلك القوة الناعمة الممثلة في السلطة القضائية.طبعا دون إغفال دور المؤسسة التعليمية،والصحافة وباقي هيئات المجتمع المدني التي كانت نصيرا للعلمانية المتطرفة ...بعد هذه التجارب،استطاع قادة حزب العدالة والتنمية نزع فتيل المواجهة مع هذه المؤسسات،لأنهم يعرفون نتيجة المواجهة مسبقا.لن تكون في صالحهم بأي حال من الأحوال. فبدل التمسك بالإيديولوجيا والشعارات الراديكالية،اختاروا المواجهة من داخل نفس المنظومة القانونية والدستورية والسياسية التي تحكم النظام الحاكم في تركيا،منذ أن ألغى أتاتورك نظام الخلافة الإسلامية وتبنى خيار الجمهورية العلمانية.فبدل أن يزجوا بالإسلام في مواجهة العلمانية،انحازوا إلى منطق أكثر براغماتية وواقعية،والمتمثل في استثمار المساحات والفضاءات التي توفرها العلمانية ،وما توفره أيضا من ضمانات وحريات لتحقيق ما هو أهم،أي النهوض بالأحوال الاقتصادية والتنموية للشعب التركي. لقد اختار حزب العدالة والتنمية الرهان على صوت الشعب التركي بدل إشعال فتيل المواجهة الخاسرة مع النخب الحاكمة،وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية المعروفة بتطرفها العلماني،لكن المعروفة أيضا بوطنيتها وولائها القومي.وهو ما نفتقده في كثير من الجيوش العربية.كما نفتقد أيضا في نخبنا السياسية و"الإسلامية ،نضجَ حزب العدالة والتنمية وقدرته على استثمار الواقع بتشابكاته وتداخلاته لصالح مشروعه السياسي ومشروعه الاستراتيجي. في فبراير/ شباط 2000، قال رجب طيب أردوغان، القيادي البارز في حزب الفضيلة، "إن من الخطأ أن نساوي الحزب بالدين والدين بالسياسة. إننا لا نهدف إلى تأسيس دولة إسلامية، ولسنا حزبا ثيوقراطيا، أما في حال انخراط الناس الأتقياء في الحياة السياسية، مع امتناعهم عن اعتبار المعايير الدينية مرجعا لهم، فلا يمكننا الحديث عن إسلام سياسي" أنظر بشير موسى نافع، الحركة الإسلامية في تركيا: أزمة العلمانية الشاملة على الجزيرة نت. وهو ما يركز عليه باقي قادة حزب العدالة والتنمية في تصريحاتهم.فهم لم يلعبوا تلك " التقية السياسية" التي لن تنفعهم في شيء.خاصة وأن تركيا كانت تواجه تحديات اقتصادية وسياسية واجتماعية تتطلب الانخراط الكلي في العمل لمواجهة هذه التحديات.لقد حاول غلاة العلمانيين إشعال معركة الحجاب ،والتي مازالت مشتعلة عندنا وستشتعل بوقود اللحى الملتهب أكثر ،لصرف حزب العدالة والتنمية عن معركة البناء الكبيرة،لكن الحزب كان أذكى وأكبر من هذه المعارك الهامشية التي كثيرا ما تستنزف قوانا وتهدر أوقاتنا ،لنجد أنفسنا في نهاية المطاف نفسر الماء بالماء.ونواجه طواحين الهواء. وليس معنى هذا أن حزب العدالة والتنمية، العلماني بقوة القانون والدستور التركيين، لا يمتح من المرجعية الإسلامية.فالمؤكد أنه يولي هذا الجانب أهمية خاصة،لكن لا يستغل الإسلام في معاركه السياسية تجاه خصومه بما فيهم العلمانيون واليساريون.وإنما يستثمر الإسلام ،معتقدات وقيما وأخلاقا،في الجانب الاجتماعي.بعبارة أخرى،وبحكم أن العلمانية تمنع قيام أحزاب على أساس ديني ،فإن حزب العدالة والتنمية منسجم ومقتنع بهذا المبدإ.فهو يواجه خصومه السياسيين بأدوات وبرامج واختيارات سياسية.لكن ثقته في الشعب التركي ،وهو الحامي لقيم المجتمع بما في ذلك الإسلامي،تجعله مطمئنا إلى خياراته التي تنسجم مع الهوية الوطنية والثقافة الشعبية وتخاطب في الإنسان التركي ذاكرته وطموحه وحاجته إلى التغيير.وهو ما يشير إليه تصريح رجب طيب أردوغان أعلاه. وفي كل تجربة سياسية أو إنسانية بصفة عامة،فإن العبرة بالخواتيم كما يقال أو بالنتائج المتحققة على أرض الواقع.لأن الآمال والوعود في البداية،دائما تكون وردية وواعدة بالكثير. أستسمح القاريء الكريم ،أولا لأنني مضطر لنقل قرابة صفحة كاملة تبين بوضوح مدى نجاح حزب العدالة والتنمية في النهوض بأوضاع تركيا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أيضا. وثانيا،هي أرقام تعود لسنة 2007 ،حين كان الحزب يستعد لدخول الانتخابات من جديد ، وهي الانتخابات نفسها التي نال فيها ثقة الشعب التركي مرة أخرى ،وواصل تنزيل برامجه وسياساته دائما في انسجام تام مع انتظارات الشعب وثقافته،ونظام تركيا السياسي المتمثل في العلمانية ركنا أصيلا لا رجعة عنه. ففي العدد 23 من مجلة منبرالشرق ،ينشرها المركز العربى للدراسات بمصر ،وفي دراسة بعنوان : ماذا يريد أردوغان وحزبه ؟ يؤكد الكاتب التركي أورخان محمد عَلِي ما يلي : ( وقد نجح أردوغان ورفاقه فى تحقيق نسبة لا بأس بها من هذه الأهداف المنشودة، ولا يزال الطريق أمامهم طويلا، وفيما يلى ذكر لبعض ما أنجزوه: 1- تخفيض نسبة التضخم من 37% إلى 9% تقريبا. 2- تخفيض نسبة الفائدة الحقيقية من 65% إلى 15% تقريبا، ولا تزال هذه النسبة مرتفعة ولكنها ستنخفض أكثر.. لقد كانت الحكومات السابقة مضطرة للاقتراض من البنوك ومن الأغنياء وكانت تدفع لهم تلك النسبة العالية من الفائدة, أي أن ثروة البلد كانت تصب فى جيوب قلة قليلة من الأغنياء، أما اليوم فإن ثروة البلد تذهب لتحقيق المشاريع العمرانية والصحية والتعليمية. 3- كانت الليرة التركية قد فقدت قيمتها, فقامت حكومة حزب العدالة والتنمية بحذف ستة أصفار من الليرة التركية التى أصبحت الآن قريبة من الدولار الأمريكي (الدولار الأمريكي يعادل حاليا ليرة ونصف الليرة التركية)، بينما فشلت جميع الحكومات السابقة في تحقيق هذه الخطوة الجبارة التي ادعت جميع الأحزاب الأخرى وجميع الصحف المساندة لها أن حزب العدالة لن ينجح فى تحقيقها، ولكنه نجح. 4- قام بتوزيع الكتب والدفاتر والقراطيس على جميع طلاب المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية (يبلغ عدد هؤلاء الطلاب عشرة ملايين طالب تقريبا) مجانا. فرفع بذلك عن كاهل الطبقات الفقيرة عبئا كبيرا، كما خصص رواتب للطلاب الفقراء. 5- حدث في سالف الأيام أن قام العديد من السياسيين ومن رجال الأعمال بنهب البنوك الرسمية الحكومية, وبلغ ما تم نهبه ما يزيد على 46 مليار دولار, هرب معظمها للخارج, فجاء أردوغان ووضع يد الدولة على أملاك هؤلاء, وعلى بيوتهم ومصانعهم ويخوتهم وسياراتهم الفارهة وقدمهم للمحاكمة، فخلص البلد من معظم اللصوص, ولا تزال عمليات التطهير جارية. 6- قام بتوزيع 1.5 مليون طن من الفحم سنويا مجانا على العائلات الفقيرة، ولاسيما في المناطق الباردة, حيث كانت هذه العوائل تقضى الشتاء من دون تدفئة كافية، وقد استفاد من هذه المعونة 4 ملايين شخص سنويا. ولا تزال هذه المساعدات المجانية مستمرة. 7- قام ببناء 280 ألف شقة خصصها للعوائل الفقيرة بأقساط سهلة وميسرة، وهى أقل من الإيجار الشهري. ولا تدفع هذه العوائل التقسيط إلا بعد انتقالها للشقة. وأمد التقسيط يتراوح بين 15 و20 سنة، وقد تم توزيع 140 ألفا منها، والباقي في مرحلة البناء. وخطة الحكومة هي رفع هذا العدد إلى 500 ألف شقة. 8- قام بتنفيذ مشاريع عمرانية جبارة لا يمكن تعدادها، منها تنفيذ 6500 كيلو متر من الطرق، بينما كان مجموع الطرق المنفذة منذ قيام الجمهورية حتى تولى حزب العدالة والتنمية ناصية الحكم 4500 كيلو متر فقط. 9- نفذ 65% من الطريق الاستراتيجي المهم على طول شريط البحر الأسود، بينما لم تستطع الحكومات السابقة منذ 12 سنة تنفيذ سوى 35% منه فقط. 10- كان متوسط دخل الفرد التركي عند مجيء الحزب إلى السلطة 2500 دولار تقريبا، وارتفع نتيجة التحسن الاقتصادي إلى 5500 دولار تقريبا، أي إلى أكثر من الضعف. 11- زادت الصادرات التركية من 36 مليار دولار عند تسلمه الحكم إلى 95 مليارا. 12- بالنسبة لصندوق النقد الدولي عندما جاء أردوغان للحكم كانت ديون تركيا لهذا الصندوق تبلغ 23 مليار دولار، وانخفضت إلى 9 مليارات فقط، أي أن حكومة حزب العدالة والتنمية قامت بدفع الديون وتخليص تركيا من قبضة صندوق النقد الدولي. وقد صرح رئيس البنك المركزي التركي مؤخرا بأن تركيا لم تعد بحاجة إلى صندوق النقد الدولي. 13- نجح عام 2005 في إقناع دول الاتحاد الأوربي ببدء المفاوضات مع تركيا للانضمام إلى الاتحاد. ويعد هذا كسبا كبيرا لتركيا. 14- قام بخطوات كبيرة وجبارة في ميدان الصحة والتعليم؛ إذ فتح أبواب جميع المستشفيات أمام جماهير الشعب حتى المستشفيات الخاصة, حيث يقوم المريض بدفع نسبة قليلة من تكلفة العلاج وتتولى الحكومة دفع الباقي. كما أنشأ 39 جامعة جديدة. 15- سن العديد من القوانين التي تزيد من مساحة الحرية الفردية وكرامة الإنسان, فمثلا تم تحريم التعذيب في السجون وفى مخافر الشرطة، وعوقب كل من لم يلتزم بذلك، وزادت حرية التجمع الجماهيري والمظاهرة وحرية إبداء الرأي, وسن قانون حق الفرد في الحصول على المعلومات، وحق الأقليات في التعلم بلغاتها، فأصبح في مقدور الأكراد البث التلفزيوني وإصدار المجلات والصحف باللغة الكردية. أي أن هذا الحزب المتهم بالرجعية كان أكثر تقدمية وعصرية وأكثر التصاقا بالشعب وبمصالحه الحيوية من جميع الأحزاب الأخرى اليمينية منها واليسارية. 16- قام بتحجيم هيمنة العسكر على سياسة تركيا، وكانت هذه الهيمنة تتضح في دور العسكر في اللجنة العليا للأمن القومي التي كان العسكر يشكلون نصفها الأهم، والمدنيون من الوزراء نصفها الآخر. 17- سعى لتصفية وتنقية الأجواء السياسية مع جميع جيرانه، ولاسيما مع الدول العربية. كما قوى علاقاته مع الجمهوريات التركية في آسيا الوسطى، وزاد من نشاطه في المؤتمر الإسلامي. وهذا موضوع طويل لا نملك هنا التفصيل حوله. هذه خطوط عامة من الخدمات التي أنجزها أردوغان وحزبه. وهى كما هو واضح خدمات لم يقم بها أي حزب آخر لا في تركيا ولا أية حكومة في أي بلد عربي.) إنها أرقام بحد ذاتها ناطقة بكل شيء،والمؤكد أن هذه الأرقام قد ارتفعت في الولاية الثانية لحزب العدالة والتنمية.وهو ما ينتظره الشعب التركي من قادة حزب عقدوا عليهم الأمل. لكن في الوقت الذي يقع فيه هذا التزاوج بين الإسلام والعلمانية في تركيا ،فيحصد الشعب النتائج والإنجازات الكبيرة أرقاما صارخة ومدوية،نستمر نحن في الجدل والنقاش.أيهما سبب الاستبداد،العلمانية أم الإسلام ؟ وفي نفس الوقت نخلق كثيرا من الحجج والمبررات الواهية للإبقاء على التعارض بينهما . يا سادة إن مشكلتنا في جماجمنا. فمتى تؤدي هذه الجماجم بعضا من وظيفتها ؟. ولنا عودة للموضوع نفسه. [email protected]