في الوقت الذي سبق فيه لجماعة العدل والإحسان أن كشفت ارتفاع عدد نشطائها ممن جرى إعفاؤهم من مهامهم بالوظيفة العمومية في مختلف القطاعات من 105 أعضاء إلى 125 عضوا، نفى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، محمد حصاد، أن يكون هناك استهداف لأي طرف من قبل وزارته. وجوابا على سؤال لفريق العدالة والتنمية، الذي وصف الحملة التي طالت أُطر الجماعة، وخصوصا في مجال التربية الوطنية، بالممنهجة التي تستهدف تيارا معينا، في إشارة إلى جماعة العدل والإحسان، قال الوزير حصاد: "هناك تهويل في هذه القضية"، نافيا وجود "أي فصل لأي إطار أو أي عملية طرد". وبرر حصاد إبعاد أطر الجماعة عن مناصبهم بالقول: "ليس هناك مؤهلات إدارية وغيرها من المؤهلات التي تجعل من استمرارهم في مهامهم ممكنا"، مسجلا أن "هذا الأمر ليس جديدا، بل تم خلال سنة 2014 إبعاد 214 إطارا دون أن تتم إثاره أي شيء بسبب عدم انتمائهم لأي طرف". وفي الوقت الذي يرى فيه المسؤول الحكومي أن المسؤولية قائمة على مبدأ "أنك إذا لَم تعد صالحا أقول الله يهنيك"، سبق لمجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان أن أصدر بلاغا يضم رد فعله وموقفه من الحملة التي طالت أعضاءها وبعض قيادييها عبر الإعفاء من الوظائف في القطاعات العمومية؛ حيث وصفها بأنها "عملية كبرى لا يمكن وصفها بالقرارات الإدارية غير القانونية أو الانحراف والشطط في استعمال السلطة فحسب، بل هي حملة مخابراتية موغلة في التخلف، وموجة جديدة من أمواج الاستبداد". وشدد المصدر ذاته على أن رد فعل الجماعة سيبقى سلميا؛ حيث قالت الهيئة ذاتها: "لن تستفزنا الهجمة الحالية، ولن تلفتنا عن مبادئنا، ولن يغلب العنف المسلط علينا ما نكنه ونريده لهذا الوطن من رفق وسلم وحب"، فيما أعلنت أن "قيم التعاون والحوار والبناء المشترك أهم سبيل". جدل التربية الإسلامية وفي نفس الجلسة حسم حصاد الجدل المثار حول مناهج ومقررات مادة "التربية الإسلامية"، بعد الانتقادات الحادة والاتهامات التي وجهتها الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة إلى فرق تأليف الكتب المدرسية، التي عملت على مراجعة تلك المقررات وفق توجهات جديدة لمنهاج التربية الإسلامية في الأسلاك التعليمية. وفيما قالت جمعية أساتذة الفلسفة إن مقررات التربية الإسلامية مسيئة إلى مادة الفلسفة والعلوم الإنسانية والعلوم الحقة والطبيعية، لما تضمنته من مس وتشويه وتحريف للمقاصد النبيلة للفلسفة والعلوم، أفاد حصاد في نوع من الانتصار لتوجه مدرسي الفلسفة: "إن هذه الأسطر التي تضمنت كلمات حول الفلسفة أظن ربما أن فيها نوع من العنف". وبخصوص النقاش الذي رافق مراجعة المضامين التي اعتبرت مسيئة للفلسفة في مناهج التربية الوطنية، سجل حصاد أنه لا يمكنه بحكم عدم اختصاصه، أن يعتبر أن ما جاء في هده المناهج مسيء للفلسفة، لكنه يحمل عنفا، مسجلا أن مراجعة الكتب المدرسية وإعادة النظر فيها تتم كل ما دعت الضرورة إلى ذلك. وفي هذا الصدد أكد حصاد أن "كتب التربية الاسلامية في المستويات التعليمية تضم 29 كتابا، ضمنها كتاب فيه ثلاثة أسطر اعتبرت مسيئة للفلسفة"، مشددا على حرصه على أن يقوم ما يتم تدريسه في المناهج على مبدأ التسامح، ونبذ العنف الذي لا يمكن قبوله من قبلنا كسياسيين". جواب حصاد جاء بعد ما أكد فريق العدالة والتنمية أنه "لا يمكن مراجعة التربية الاسلامية جزئيا استجابة لمجموعة مارست ضغوطا إعلامية وإيديولوجية"، مؤكدا على ضرورة اعتماد مقاربة تشاركية، وإبعاد الموضوع عن منطق التقاطبات. وسبق أن نعت بيان لمدرسي الفلسفة الكتب المدرسية الجديدة الخاصة بهذه المادة ب"المتزمتة"، و"التي تدعو إلى التعصب والجمود والتطرف"، و"لا تمت بصلة إلى التقاليد المغربية الراسخة في الثقافة الفلسفية، التي تعتبر مكونا من المكونات الأساسية لهوية الأمة المغربية"، كما أنها "تشكل تراجعا عن المكاسب الديمقراطية والحقوقية والحداثية".