لمْ تمض سوى أيام قليلة على عرْض البرنامج الحكومي في البرلمان من لدن سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، حتى سارعت الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة "أزطا" إلى إعلانها رفْض مضمون البرنامج الحكومي لحكومة العثماني، في الشقِّ المتعلق بالأمازيغية. استياء عبّر عنه عماد بولكيجة، عضو "أزطا" في ندوة يوم أمس بالرباط، بقوله "نعبّر عن استيائنا من البرنامج الحكومي، الذي لن نقبَل به أبدا"، مضيفا "إذا لم تتمّ الاستجابة لمطالبنا العالقة سنسلُك مسارا آخر، وهو استعادة شعاراتنا التاريخية التي سنظلُّ متمسكين بها إلى حين تحقيق مطالبنا". وأعلنت الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة عن إطلاق حملة ترافعية تحتن شعار "الحياة للأمازيغية والأمازيغية للحياة"، ترمي إلى الدفع بالفرق البرلمانية إلى إدخال تعديلات على مشروعي القانونين التنظيميين المتعلقين بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية. وتتضمّن المذكرة الترافعية التي أعدّتها "أزطا" سبْع ملاحظات رئيسية، إذ تَعتبر أنَّ مشروع القانون التنظيمي المتعلق بترسيم الأمازيغية "اعتمدَ مقوّمات الترسيم الشكلي للغة"؛ لأنَّ المذكرة الأولية لمشروع القانون، وإنْ أكّدت أنّ الحكومة استأنست بالتجارب الدولية في مجال ترسيم اللغات، "إلا أنّ المشروع بعيد كلّ البُعد عمّا حققته وانتهت إليه تلك التجارب الدولية". الملاحظة الثانية، التي تضمّنتها المذكرة الترافعية ل"أزطا"، تتعلق بإدماج الأمازيغية في الفعل العمومي، حيث ترى أنّ الحديث عن شمولية الإدماج لا يعني الترسيم؛ ذلك أنّ ربْط الأمازيغية بوظيفة محددة فقط في تواصُل المتحدثين بها مع المرفق العمومي، إذا ما طلبوا ذلك، دون باقي الوظائف المتعلقة بالخدمات العمومية، بدءًا بالإجراءات وانتهاء بالوثائق والمستندات... لا يرقى لها إلى مستوى لغة رسمية للدولة. وسجّلتْ "أزطا" ملاحظات أخرى تعلق باستعمال اللغة الأمازيغية في الإدارة، حيث ترى أنّ رهْن ذلك بتقديم طلبٍ مُسبق من المواطنين، "يجعل دور الدولة في تنمية اللغة الأمازيغية واستعمالها دورا حياديا، لا بل دورا سلبيا، ما دام يرهن مصير تداول اللغة الأمازيغية داخل المرفق العمومي بإرادة المرتفقين لا بالقوانين المُلزمة". واعتبرت "أزطا" أنّ الموادَّ الواردة في مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، في الشقِّ المتعلق باستعمال اللغة الأمازيغية في الإدارة وفي القضاء، يجعل استعمالها محصورا في نطاق ضيّق جدا، ويجعل منها، بالتالي، لغةَ تواصُل شفهي بالأساس. وبخصوص الاستعمال الكتابي للغة الأمازيغية، اعتبرت الشبكة الأمازيغية للمواطنة أنه "رمزيّ جدّا"، لافتة إلى أنّ ما جاء في القانون التنظيمي "لا يسعى سوى إلى تكريس شفهية اللغة الأمازيغية، لكونه لم يعمل بشكلي جدّي على المساهمة في تطويرها كلغة عصرية مكتوبة". ملاحظة أخرى أثارتها "أزطا"، وتتعلق بإدماج الأمازيغية في المنظومة التربوية، إذ ترى أنَّ محدودية تعليمها لا يناسب مشروع الترسيم الشامل. وبالرغم من التفاؤل الحذر الذي عبّرت عنه بعض مكونات الحركة الأمازيغية، بعد تولّي سعد الدين العثماني رئاسة الحكومة، نظرا لمواقفه الإيجابية إزاء القضية الأمازيغية، فإنّ عبد الله بادو، رئيس الشبكة الأمازيغية للمواطنة، اعتبر أنّ الحكومة الحالية "يُمكن أن تسير على النهج نفسه الذي سلكتْه الحكومة السابقة، باعتبارها تتشكّل من الأحزاب نفسها مع إضافة حزبيْن جديدين". وفيما باشرت "أزطا" حملتها الترافعية الجديدة، حيث ستقدّم مذكرتها إلى مختلف القطاعات الحكومية المعنية والأحزاب السياسية والفرق البرلمانية والمؤسسات الوطنية... قال بادو إنَّ الشبكة تراهنُ بالأساس على البرلمان بغرفتيْه، مضيفا "الحملة الترافعية التي باشَرناها اليوم قد تثمر نتائج، وإذا لم يتحقّق ذلك فهذا سيفتح الباب أمام حملة ترافعية جديدة".