بالرغم من التعبئة الكبيرة التي سبقت مسيرة النقابات ضد التقاعد؛ فإن المسيرة، التي انطلقت من باب الحد بالرباط صباح اليوم الأحد، لم تكن بذلك الوهج الذي عرفته المسيرة السابقة التي نظمت منذ أسبوعين ضد الإعفاءات التي طالت عددا من الأطر التابعة لجماعة العدل والإحسان. أول ضربة وجهت إلى مسيرة اليوم تمثلت في إعلان التنسيقية الوطنية لإسقاط خطة التقاعد عن عدم مشاركتها في المسيرة التي انطلقت من باب الحد إلى جانب النقابات، وقرارها بأن تنظم في البداية وقفة احتجاجية أمام البرلمان، لتجوب بعد ذلك عددا من شوارع الرباط. في المقابل، برزت بشكل كبير عدد من النقابات الفرعية القطاعية التي شاركت بقوة في مسيرة الخامس من مارس، بالإضافة إلى الحضور المكثف للاتحاد المغربي للشغل والنقابة الوطنية للتعليم، في الوقت الذي أعلن فيه الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب عن عدم مشاركته في هذه المسيرة، بسبب خلافات من نقابات أخرى، بعد أن كان قد شارك في مسيرة التاسع عشر من فبراير الماضي. وقال عبد الحميد أمين، النقابي في الاتحاد المغربي للشغل، إن هذه المسيرة هي مسيرة من أجل الكرامة، وترفع عددا من المطالب الأساسية بالنسبة إلى الموظفين والمستخدمين والعمال، ولعل أبرزها هو مطلب "إسقاط الخطة التخريبية للتقاعد التي صادق عليها البرلمان"، على حد تعبيره، مضيفا "لدينا القدرة على أن نفشل هذا المخطط، بالرغم من مصادقة البرلمان؛ لأن القوانين تتغير". وأوضح أمين، في تصريح لهسبريس، أن المحتجين في هذه المسيرة يدافعون أيضا عن الاستقرار في العمل بالوظيفة العمومية؛ "فأبرز ما كان يميز الوظيفة العمومية هو الاستقرار في العمل، فإذا به الآن من خلال المرسوم تنقيل الموظفين من إدارة إلى أخرى ومن منطقة إلى أخرى اليوم أنت في الرباط وغدا في فكيك"، منددا في الوقت ذاته بمسألة العمل بالعقدة، "وهذا لم نشهده في الوظيفة العمومية إلا نادرا في بعض الحالات الاستثنائية، والآن هناك رغبة لتعميمه وبالتالي فإن الموظفين سيكونون موظفين كما لو أنهم يشتغلون في الموقف"، على حد تعبيره. وتحضر إلى جانب هذه المطالب مسألة أجور الموظفين، حيث يقول الفاعل الحقوقي ذاته إن القدرة الشرائية للموظفين تآكلت، ولا بد من الزيادة في الأجور، وتطبيق اتفاق 26 أبريل 2011 الذي يضمن المساواة في الأجور بين عمال الفلاحة ونظرائهم المشتغلين في القطاع الصناعي. وعن الانقسام الذي يعرفه الجسم النقابي، اعترف عبد الحميد أمين بوجود صعوبات؛ "ولكن الناس العقلاء الذين يتشبثون بالوحدة الشعبية ووحدة العمل النقابي يستطيعون دائما تجاوز هذا النوع من "فرق تسد" الذي يستفيد منها المخزن"، مشددا على ضرورة العمل على أن لا يستمر هذا الشنآن لا داخل النقابات من خلال الوحدة النقابية، ولا ما بين النقابات والمجتمع المدني.