في ما يعتبر مراجعة فكرية للأكاديمي الأميركي الشهير نعوم تشومسكي، شنّ الأخير هجومًا حادًّا على صديقه الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، مؤكدًا أنه يعتدي على الديمقراطية في بلاده. وأكد المفكر الشهير في رسالة نشرها عبر صحيفة "الأوبزرفر" الأسبوع الماضي أن تشافيز يركز السلطة التنفيذية بين يديه، وهو ما يعتبر اعتداء على الديمقراطية، إذ لا يجوز احتكار السلطات التنفيذية بهذا الشكل إلا في أوقات الحروب على سبيل المثال. واتهم أستاذ اللسانيات في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا الزعيم الفنزويلي، والذي يعالج من ورم سرطاني في كوبا، السلطات الفنزويلية بالقسوة لسماحها بسجن أحد القضاة. وأوضح المفكر الاشتراكي التحرري، كما يصف نفسه، محنة سجن القاضية ماريا لورديس أفيوني، بأنها اعتداء صارخ على الحريات في الوقت الذي يخرج فيه العالم أجمع مطالبًا بتلك الحريات، داعيًا تشافيز إلى إطلاق سراحها وأن يكون هذا القرار بمثابة بادرة للرأفة من أجل العدالة واحترام حقوق المواطنين. وغضب تشافيز على القاضية بعد إطلاقها سراح أحد المصرفيين البارزين ويدعى إيليخيو سيدينيو في أيلول/سبتمبر 2009، وهروبه من البلاد بسرعة بعد هذا الحكم. ويكشف تشومسكي في رسالته أنه مارس ضغوطًا خفيّة على حكومة تشافيز منذ أواخر العام الماضي لصالح مركز كار لدراسات حقوق الإنسان في جامعة هارفارد ليتمكن من دراسة حالة القاضية. وفي رسالة أسبوعية يبثها التلفزيون الفنزويلي قال تشافيز إن هذه القاضية يجب أن تدفع ثمن ما فعلت، تعليقًا منه على إصدار حكم بسجنها لمدة 30 عامًا. وتقضي أفيوني، 47 عامًا، وهي أم وحيدة مصابة بالسرطان، حكماً السجن منذ عام وتعرضت لاعتداء على يد سجناء آخرين في كانون الثاني/يناير الفائت، مما حدا بالسلطات الفنزويلية إلى تحديد إقامتها في منزلها في انتظار محاكمتها بتهمة الفساد، وهو ما تنفيه أفيوني. وقال تشومسكي تعليقًا على ذلك "أشك في أن تنال القاضية محاكمة نزيهة نظرًا للرعب والتخويف الذي تمارسه السلطات على عمل القضاة، وأنه لا بد من الحذر من تركيز السلطات التنفيذية في يد الرئيس، لأن ذلك يعتبر تطورًا غير صحي في النظام". وأعرب تشومسكي في الرسالة عن أمنياته بالشفاء العاجل لتشافيز الذي ربطت بينهما صداقة عميقة إثر خطاب الرئيس الفنزويلي في الأممالمتحدة العام 2006 وقوله إن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش يجسد الشيطان. وعن حالة القاضية، قال منسق مبادرات أميركا اللاتينية في مركز كار ليوناردو فيفاس "تجسد حالة أفيوني المثال الأبرز لتآكل نظام العدالة في العديد من بلدان أميركا اللاتينية، معربًا عن أمنياته أن يسمع زعيم كراكاس نداء صديقه تشومسكي. ووصلت الصداقة بينهما إلى طلب تشافيز من الإدراة الأميركية تعيين تشومسكي سفيرًا للولايات المتحدة في بلاده، إلا أن هذا الطلب فيما يبدو أصبح محل نظر من الرجلين. ويقول تشومسكي في الرسالة "أود أن أعرب هنا عن دعمي المفتوح للقاضية ماريا لورديس أفيوني المعتقلة في فنزويلا منذ كانون الأول/ديمسبر العام 2009، وفي تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي أبلغت تفاصيل حالتها من مركز كار لحقوق الإنسان في جامعة هارفارد ومنذ ذلك الحين دخلت في وساطات مع النظام الفنزويلي بهدف إطلاق سراحها من السجن في لفتة رؤوفة من الرئيس تشافيز. واكتسبت القاضية تعاطفي عند معرفتي بالطريقة التي استخدمت في احتجازها وظروف سجنها غير الملائمة والمعاملة المهينة التي تعرضت لها الأمر الذي ساهم في إنهاكها صحيًّا، وكل ذلك موثق بالأدلة. وهذه الأسباب التي رأيتها في التقرير هو ما دفعني في كانون الأول/ديسمبر 2010 إلى طلب العفو عنها من الرئيس تشافيز بمساعدة من مركز كار، وفي كانون الثاني/يناير الماضي تلقيت بارتياح خبر اقتراح النائب العام الفنزويلي وضع أفيوني قيد الإقامة الجبرية في منزلها نظرًا لحالتها الصحية الصعبة والتي انتهت بإجرائها عملية جراحية". وعانت أفيوني بما فيه الكفاية من أعمال تحرش وانتهاكات كفيلة بأن تكون حاليًا مطلقة السراح، ليس فقط بسبب طروفها الصحية والبدنية والنفسية وإنما بسبب ضرورة احترام كرامة الإنسان وتجنب تعريض الثورة البوليفية إلى هجمات شرسة تتهمها بأنها تعادي الحريات وحقوق الإنسان.