ارتفاع أسعار الإنتاج الصناعي بالمغرب خلال نونبر 2025 رغم تراجع بعض القطاعات    كأس الأمم الأفريقية.. مباراة شكلية للجزائر ضد غينيا الإستوائية ومواجهة مصيرية للسودان    الجديدة 10 أشهر حبسا نافذا في حق يوتوبر بالجديدة    أجواء ممطرة وباردة في توقعات طقس الأربعاء    قطارات "يوروستار" تستأنف الخدمة    أنفوغرافيك | لأول مرة تتجاوز حاجز 300 مليون دولار.. مداخيل المغرب من صادرات الأفوكادو    ألمانيا وفرنسا تؤجلان القتال الجوي    إسرائيل تهدّد بتعليق عمل منظمات    صنع في المغرب .. من شعار رمزي إلى قوة اقتصادية عالمية    قتيل وثلاثة جرحى في حادث إطلاق نار وسط كندا    إطلاق حملة واسعة لتشجير المؤسسات التعليمية بإقليم الفحص-أنجرة    أسود الأطلس يتعرفون على منافسهم في موقعة يوم الأحد برسم ثمن نهائي الكان    الحماس يغمر تدريبات "أسود الأطلس"    دياز يتصدر العناوين في الصحف الإسبانية    السنغال تتصدر والكونغو الديمقراطية وبنين تعبران إلى ثمن نهائي "الكان"    وفاة مهاجر سري من دول إفريقيا جنوب الصحراء غرقا قرب سواحل سبتة المحتلة،            أمطار جديدة تغرق خيام النازحين في غزة وتفاقم الأزمة الإنسانية        15 قتيلا و2559 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    قانون التعليم العالي الجديد: بين فقدان الاستقلالية، وتهميش الأستاذ، وتسليع المعرفة    في آخر مباريات الدور الأول .. السودان يرصد فوزه الثاني تواليا وصراع إيفواري – كاميروني على الصدارة    ‬السيادة الديموقراطية…. ‬بين التدخل الخارجي ‬والفساد الداخلي!‬‬‬‬‬    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري تعلن افتتاح الموسم الشتوي لصيد الأخطبوط    كان المغرب 2025 : تشيكينيو كوندي يدعو إلى الهدوء والانضباط قبل مواجهة الكاميرون    تخفيضات في أسعار المحروقات بالمغرب قبيل دخول السنة الميلادية الجديدة    الأطالس تجذب القر اء بتركيزها على جمالية الخرائط ومحتواها التعليمي    الإمارات تعلن سحب "ما تبقى" من قواتها في اليمن "بمحض إرادتها"    باحثون فلسطينيون ومغاربة يقاربون الأبعاد الروحية والإنسانية لأوقاف أهل المغرب في القدس    21 فنانا مغربيا يعرضون مشاعرهم وذاكرتهم في «ذبذبات داخلية» بالدار البيضاء    ميتا تستحوذ على أداة الذكاء الاصطناعي مانوس المطورة في الصين    من أشقاء إلى خصوم.. محطات رئيسية في العلاقات السعودية الإماراتية    تسجيل ما مجموعه 1770 مليون متر مكعب من الواردات المائية منذ فاتح شتنبر 2025    الاستهلاك المعتدل للقهوة والشاي يحسن وظائف الرئة ويقلل خطر الأمراض التنفسية        أثمان الصناعات التحويلية تزيد في نونبر    المعرض الوطني الكبير 60 سنة من الفن التشكيلي بالمغرب    فعاليات برنامج مسرح رياض السلطان لشهر يناير تجمع بين الجرأة الإبداعية ونزعة الاكتشاف    ثلاث نقابات بوزارة التجهيز ترفض "تجميد" النظام الأساسي بدعوى الأولويات    تأسيس المكتب المحلي للأطر المساعدة بمدينة سلا    لجنة العدل تشرع في مناقشة مشروع قانون المسطرة المدنية    توقعات أحوال الطقس لليوم الثلاثاء    المغنية الأمريكية بيونسي على قائمة المليارديرات    رسالة تهنئة من السفيرة الصينية يو جينسونغ إلى المغاربة بمناسبة عام 2026    وفاة أيقونة السينما الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاما    اتباتو يتتبع "تمرحل الفيلم الأمازيغي"        علماء روس يبتكرون مادة مسامية لتسريع شفاء العظام    علماء يبتكرون جهازا يكشف السرطان بدقة عالية    الحق في المعلومة حق في القدسية!    وفق دراسة جديدة.. اضطراب الساعة البيولوجية قد يسرّع تطور مرض الزهايمر    جائزة الملك فيصل بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء تنظمان محاضرة علمية بعنوان: "أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس"    رهبة الكون تسحق غرور البشر    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصبات النقوب .. صرحٌ تاريخيٌّ ينتظر اليونسكو لتعيد إليه الروح

بين عبق الماضي وذكريات الزمن، ما زالت بلدة النقوب، بقصباتها الساحرة المنتشرة هنا وهناك، تأخذك شغفا وحنينا لاكتشاف أسرار المنطقة التي تنام على وقع الآثار والتاريخ، بالرغم من اهتراء جدران بعضها وتأثير الأيام عليها.
لعل الزائر لبلدة النقوب التابعة للنفوذ الترابي لإقليم زاكورة يلاحظ أن بعض القصبات التي تتميز بها المنطقة تصارع من أجل البقاء وتتشبث بجذورها، لعلها تقاوم الزمن والطبيعة للحفاظ على وجودها من الزوال الذي أصابها، بالرغم من بعض الترميمات العشوائية التي لم تُجد نفعا لإزالة آثار الإهمال.
القصبات الخمس والأربعون الشامخة والمترابطة وسط بلدة النقوب ترسم صورة جميلة وتسافر بك من الحاضر إلى الماضي، بالرغم من أن بعضها يعاني الإهمال الذي بدأ في طمس معالمها. كما أن التقلبات المناخية من بين أهم الأمراض التي تنخر جسد هذه القصبات التي قاومت عقود من الزمن.
وتعود تسمية بلدة النقوب إلى ذلك "الغار" الذي يوجد بالمنطقة؛ وهو غار مفتوح من جهتين، كان يعد نقطة توقف القوافل التجارية التي كانت تنتقل من جهة الشمال (جبال صاغرو) نحو الجنوب (واحة درعة).
اعتمد أهل منطقة النقوب، في مرحلة سابقة، على الفلاحة كمصدر لكسب العيش؛ لكن الاعتماد أصبح، مع بداية سنوات الثمانينيات من القرن الماضي التي عرفت خلاله المنطقة جفافا استمر لمدة طويلة وأدى إلى تقلص التساقطات المطرية، على عائدات الجالية المقيمة بالمهجر وعلى السياحة والتجارة لكسب القوت وضمان مصاريف الحياة.
الخطارة شاهدة العصر
في سنة 1896 ميلادية، حلت أول عائلة بمنطقة النقوب واتخذت خيمة مسكنا لها. وحسب محمد فكري، الباحث في تاريخ المنطقة وتراثها؛ فقد كانت هذه العائلة تعتمد على الفلاحة والرعي في ضمان مصدر عيشها. وقد عملت العائلة ذاتها، بمساعدة الوافدين الآخرين، على إقامة "الخطارة" التي وصفها الباحث سالف الذكر بالكنز التاريخي، مشيرا إلى أن تلك المعلمة ما زالت شاهدة على ذلك العصر الذهبي.
وتمتد الخطارة، التي تستفيد منها ساكنة النقوب المنتمية إلى قبيلة أيت عطا "عظم" آيت أونير، على مسافة ثلاثة كيلومترات وبعمق يقدر بحوالي مترين.
وكان أهل المنطقة الأوائل يستعملون ماء هذه الخطارة في سقي الحقول الفلاحية والحيوانات والبشر أيضا، وللبعض ذكريات جميلة معها والعكس للبعض الآخر.
القصبات من الطين
وتعدّ القصبات التي شيدت بالطين ذاكرة أهل المنطقة، حيث يسترجعون ذكريات ماضيهم ومجد أجدادهم وبطولات آبائهم، ويشدهم الحنين إلى الماضي وذكريات الزمن الجميل الذي رسموا معالمه الأولى في تلك القصبات التي ترعرعوا وتزوجوا فيها.
وهنا، يقول محمد فكري، الباحث في تاريخ المنطقة وتراثها، في حديثه مع هسبريس، إن "هذه القصبات كنز تاريخي، نسترجع من خلالها ذكريات شبابنا"، وزاد: "أملنا الوحيد، الذي نسعى إلى تحقيقه، هو ترميم جميع القصبات مترامية الأطراف ببلدة النقوب بدون استثناء، واستغلالها في الترويج السياحي".
وقال المتحدث إن مشروع الترميم الخاص بالقصبات بدأ منذ سنة 1998، مشيرا إلى أن الراحل إبراهيم الورزازي المعروف ب"بها بها" هو من أعطى الانطلاقة لهذا المشروع وبدأه في قصبته "BAHA BAHA". ووفق المتحدث ذاته، فقد وصل عدد القصبات التي استفادت من هذا المشروع حوالي عشر قصبات، في انتظار ترميم القصبات الأخرى التي تعتبر مرآة النقوب.
وذكر الباحث في تاريخ منطقة النقوب وتراثها بأن "على جميع المسؤولين الإداريين والمنتخبين العمل على ترميم القصبات، التي بدأ الإهمال يظهر على واجهات بعضها، بسبب عدة عوامل أهمها الطبيعية.
السياحة.. غياب التعريف
تعدّ السياحة مصدر عيش أغلب العائلات ببلدة النقوب، نظرا لما تزخر به البلدة المذكورة من مؤهلات طبيعية سياحية ومآثر تاريخية جعلتها قبلة للسياح، خاصة في فصل الصيف، إضافة إلى سلسلة الجبال المحيطة بها التي تجذب عشاق السياحة الجبلية والقادمين من مختلف الدول الأوروبية والأسيوية.
أحمد آيت حميد، رئيس جمعية الاستقبال السياحي، قال، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن منطقة النقوب تتوفر على حوالي اثني عشر مشروعا سياحيا، إضافة إلى خمسة مشاريع سياحة أخرى جبلية عبارة عن مأوي مرحلية.
وشدد المتحدث على أن السياحة بمنطقة النقوب تعاني عدة مشاكل؛ أهمها التسويق والتعريف بالمؤهلات التي تزخر بها المنطقة سالفة الذكر ونواحيها، مذكرا بأن اللوحات الإشهارية تلعب دورا مهما في التعريف بالسياحة؛ وهو ما لا يوجد ببلدة النقوب، حسب تعبيره.
كما دعا رئيس جمعية الاستقبال السياحي السلطات الإدارية والمنتخبة إلى ضرورة تطبيق قانون توحيد صباغة الواجهات بلون القصبات بغية الحفاظ على أصالتهما ولونهما الأصلي، والذي وصفه آيت حميد ب"الجاذب".
من جهته، قال منعش سياحي آخر، فضّل عدم الكشف عن هويته، إن الوزارة المكلفة بقطاع السياحة لا تهتم بهذه المناطق التي وصفها ب"غير النافعة" لهم، مضيفا: "منطقتنا فيها جميع المواصفات التي ستجعلها تنافس المدن السياحية؛ ولكن الدولة لها رأي آخر، وتعتبر المنطقة سجنا للمساجين وليس جنة السياح"، حسب تعبير المتحدث.
واستطرد المتحدث، وعلى وجهه علامات اليأس، بالقول إن "مسؤولي قطاع السياحة ليست لديهم خطة واضحة لإنقاذ المغرب، وخاصة مناطق الجنوب الشرقي من الإفلاس السياحي"، مردفا بقوله: "نطالب جلالة الملك بزيارة مناطقنا لتحريكها سياحيا واقتصاديا؛ لأنه بدون زيارته فالمسؤولون لا يهتمون بمشاكل القطاع والعباد"، يضيف المتحدث.
وعلى بعد 12 كيلومترا عن مركز بلدة النقوب في اتجاه جبال صاغرو، وبالضبط المنطقة التي تسمى "أودراز" توجد بعض المآثر التاريخية "الصخور النقشية"، والتي تنتظر تصنيفها من لدن القطاع الوصي، للمساهمة في الترويج السياحي والتعريف بالمنطقة.
ودعا أحمد آيت حميد، رئيس جمعية الاستقبال السياحي، وزارة الثقافة ومنظمة اليونسيكو الدولية إلى العمل على تصنيف النقوش الصخرية التي توجد ب"أودراز" والقصبات الخمس والأربعين بوسط بلد النقوب ضمن التراث العالمي.
غياب برامج تنموية
وخلال الجولة التي قامت بها هسبريس ببلدة النقوب، التقت بعدد من المواطنين، الذين يشتكون غياب برامج تنموية تنقدهم وأبناءهم من شبح البطالة الذي لازمهم منذ سنوات، مطالبين الجهات المسؤولة بإعداد برنامج تنموي كفيل بإنقاذهم من الوضعية المزرية التي باتوا يعيشون في ظلها.
ويقول صالح، الذي يبلغ من العمر حوالي 54 سنة، إن "منطقة النقوب هي جنة؛ لكن مسؤوليها جعلوها جهنم تلتهم الشباب"، وزاد: "بسبب غياب فرص عمل، فأولادنا يستهلكون المخدرات والممنوعات، التي تجعلهم غرباء وسط بلدتهم وعائلتهم".
وطالب المتحدث "المسؤولين برد الاعتبار إلى القطاعين السياحي والثقافي ببلدة النقوب، حتى تتمكن شريحة مهمة من الشباب بالظفر بفرصة عمل تقيهم عذاب البطالة ومرارتها"، وفق تعبيره.
وحاولت هسبريس الاتصال برئيس جماعة النقوب، والقائمين على تدبير مندوبية وزارة الثقافة، لاستفسارهم حول الموضوع؛ لكن هواتفهم ظلت ترن دون ردّ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.