أماطت أرقام المندوبية السامية للتخطيط، في آخر مذكرتها، اللثام عن ضعف علاقة المغاربة بالتنظيمات النقابية والهيئات التي تؤطر العمل النقابي، والتي يبدو أنها لم تعد تحظى بثقة الأجراء للدفاع عنهم وتمثيلهم أمام مرؤوسيهم، حسب الأرقام المقدمة. وكشفت مذكرة إخبارية للمندوبية السامية للتخطيط، حول أهمّ مؤشرات جودة الشغل خلال سنة 2016، عن نكوص كبير في حجم انخراط المغاربة ضمن العمل النقابي، إذ أشارت إلى أن حوالي 96,6 في المائة من الساكنة النشيطة المشتغلة سواء بالقطاع العام أو الخاص؛ أي ما يزيد عن 10 ملايين شخص غير منخرطين في أية نقابة أو منظمة مهنية. وترتفع نسبة مقاطعة العمل النقابي، حسب أرقام وإحصائيات "مندوبية الحليمي"، أكثر في العالم الحضري، حيث 94 في المائة من المشتغلين في المدن والحواضر المغربية لا ينتمون إلى نقابة، فيما سجلت نسبة 90 في المائة في الوسط القروي. وفي تعليقه على هذه الأرقام المتعلقة بسنة 2016، أكد أيوب الدجالي، باحث في القانون العام، أن الموظفين والأجراء في المغرب لم تعد لديهم الثقة في التنظيمات النقابية للدفاع عنهم وعن حقوقهم، فضلا عن ظهور أشكال أخرى للاحتجاج والترافع الاجتماعي ونقل المطالب بطرق تتجاوز تلك الأساليب "التقليدية" التي ما زالت معتمدة من قبل النقابات، وفق قوله. وقال الدجالي، في تصريح لهسبريس، إن "معالجة الملفات المطلبية من قبل النقابات لا يزال يدبر بطرق متقادمة جدا ترتبط بمفاهيم الحوار الاجتماعي وخوض الإضرابات، التي تطرح بدورها إشكالات"، مذكرا بنتائج انتخابات المأجورين ضمن فترة تشكيل هياكل مجلس المستشارين، التي فاز فيها من لا ينتمون إلى تنظيمات نقابية بالرتبة الأولى. ولفت الباحث السياسي إلى وقوع اشتباك بين العمل النقابي وبين الفعل السياسي؛ "بعدما حادت النقابات عن دورها الجوهري المتمثل في تأطير المأجورين والموظفين والدفاع عن مصالحهم أمام مرؤوسيهم وانصب تركيزها على العمل السياسي"، على حد قوله، مستطردا بالقول: "الأجراء لم تبق لديهم الرغبة في الانخراط النقابي لكونه يخدم أهدافا سياسية لا تتماشى مع الأفكار الخاصة والقناعات الشخصية، لذلك غادروا هذه الإطارات". وزاد الدجالي بأن وظائف النقابات أصبحت سياسية وانتهازية، بينما مصلحة الموظفين تقبع في مؤخرة أولويات النقابات، يقول المتحدث ذاته، مشددا على أن الإطار القانوني الذي ينظم النقابات دخل مرحلة التقادم منذ مدة لكونه يرجع تقريبا إلى سنوات الخمسينيات. ومن ثم، يجب إعادة النظر فيه، بالرغم من أن النقابات تدافع على استمراراه لكونه يخدم مصالحها.