الودائع البنكية تتجاوز 1.225 مليار..    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    إصابات وخسائر بعد مواجهات بين فصائل طلابية بكلية القانون بتطوان    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    انخفاض الأرقام الاستدلالية للقيم المتوسطة للواردات ب1,6 بالمائة وارتفاع الأرقام الاستدلالية للصادرات ب 0,5 بالمائة خلال الفصل الثالث من 2024    إطلاق مسابقة لتصميم محطات القطار الفائق السرعة والقطار الإقليمي    وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا في دمشق في أول زيارة غربية رفيعة منذ سقوط الأسد    "آبل" توافق على دفع 95 مليون دولار لتسوية دعوى تنصت متهم بها مساعدها "سيري"    الصين: مطارا شانغهاي يسجلان أكثر من 124 مليون رحلة ركاب في 2024    نهضة بركان يجدد عقدي لبحري وخيري لموسمين    مزور ينفي وجود خلاف مع نواب الحزب    كيوسك الجمعة | الحكومة تكشف أسرار المفتشية العامة للمالية بعد 65 سنة من تأسيسها    الفرقة الوطنية للشرطة القضائية توقف شخص للاشتباه في تورطه في تزوير وثائق رسمية وعرضها للبيع    باب برد وإساكن.. المرتفعات الجبلية لجوهرة الريف تتزين برداء أبيض ناصع    تعليق محاولة توقيف رئيس كوريا الجنوبية    غابة الأمازون البرازيلية سجلت في 2024 أكبر عدد من الحرائق منذ 17 عاما    أعلى حصيلة منذ حرب 1973.. جيش الاحتلال ينشر عدد قتلاه خلال عدوان غزة    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    الشاعرة الأديبة والباحثة المغربية إمهاء مكاوي تتألق بشعرها الوطني الفصيح في مهرجان ملتقى درعة بزاكورة    خبير يكشف عن 4 فوائد أساسية "لفيتامين د" خلال فصل الشتاء    سقوط طائرة ركاب في كازاخستان    المجلس النقابي للاتحاد الإقليمي لنقابات الناظور يصدر بياناً نارياً حول عدد من القضايا بالإقليم    كأس السوبر الإيطالية: الهولندي دمفريس يقود إنتر إلى النهائي بثنائية أمام أتالانتا    السكن : التمويل التشاركي يستقر في 24,5 مليار درهم متم شهر نونبر (بنك المغرب)    الخطوط المغربية تطلق خطا جديدا يربط بين الرباط والداخلة    لفتيت يُقرّ بنصب مقاولين على ضحايا الزلزال ويؤكد الصرامة مع أعوان السلطة المتورطين في الابتزاز والتلاعب    مجازر إسرائيل مستمرة في غزة... 25 شهيدا بينهم قائد الشرطة في القطاع    إحداث أزيد من 11 ألف مقاولة مع متم أكتوبر الماضي بجهة طنجة تطوان الحسيمة    رأس السنة الأمازيغية الجديدة.. "ليلة إيقاعات الأطلس المتوسط" يوم 15 يناير الجاري بالرباط    جدل بعد وفاة سجين بواد زم وإدارة السجن توضح..    الجيش الملكي يضع اللمسات الأخيرة قبل مواجهة مانيما    طنجة: توقيف أربعة أشخاص بتهمة حيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    وفاة أكبر بطلة أولمبية في العالم المجرية أغنيش كيليتي عن 103 أعوام    10.393موظف أمن استفادوا من الترقية برسم السنة المالية 2024    الفيفا تعتبر إبراهيم دياز نقطة تحول في مسار المنتخب الوطني سنة 4202    مدوّنة الأسرة… استنبات الإصلاح في حقل ألغام    بلاغ من المغرب التطواني بخصوص جمهور الوداد    هولندا.. العثور على جثة مهاجر ينحدر من الريف بعد 11 يوما من اختفائه    قطب الريسوني ورشيدة الشانك ومحمد العناز يفتتحون سنة 2025 في دار الشعر بتطوان    بعد إصابته في الرأس ودخوله في غيبوبة.. "الكاك" يكشف عن حالة اللاعب أمين تغزوي    فيفا: رحلة دياز تعيد المغرب إلى القمة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    تأجيل محاكمة مبديع إلى 9 يناير الجاري    تفاقم البطالة والفساد والمديونية.. منظمة نقابية تستعرض إخفاقات الحكومة في 2024    إختتام الدورة السادسة للمهرجان الدولي للسينما و التراث    كلشي بالمكتاب .. الدوزي يختتم 2024 بإصدار جديد    أحكام ‬قضائية ‬‮‬ضد ‬‮"صناع ‬التفاهة" وارتياح ‬كبير ‬لدى ‬للرأي ‬العام    وفاة الكاتب الفرنسي باسكال لينيه الحائز جائزة غونكور عام 1974    دراسة: الصيام المتقطع يساعد في علاج اضطراب التمثيل الغذائي    باحثون يطورون علاجا آمنا وغير مسبب للإدمان لتسكين الآلام    الطهي يتجاوز الفواكه والخضروات باستخدام أجزاء الأشجار    باسل خياط يخالف مبادئه ويقع في الحب ضمن الدراما الاجتماعية الرومانسية "الثمن" على "5MBC"    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياسات السلطة وصناعة التخلف
نشر في هسبريس يوم 27 - 12 - 2016

القراءة السوسيولوجية السريعة للتحولات المجتمعية المعقدة التي تصطبغ بها بلداننا تقدم إضاءات على الخلفية المادية والموضوعية والمعنوية لتوترات اللحظة؛ ذلك أن اتجاهات التطور تحمل مفارقات واضحة بين فرض السلطوية وبين الانفتاح على براديغمات الديمقراطية بما تجره من إحلال للحقوق الذاتية والجماعية والتخوف من المآلات الواقعة على المستقبل... فمن جهة نلحظ نزوعا نحو الحداثة التي تفرض طغيان مقومات الفردانية، تتغذى بالتحولات المتسارعة التي تلحظها الحواضر والأسر ونمط التعليم؛ ومن جهة أخرى عودة قوية لخطابات الهوية وإفراز النخب وفرض حاكمية الاستعلاء، عبر صناعة بروفايلات تخلق الشعور بالديمقراطية والمواطنة عبر خطاباتها، كوسيلة لتشجيع الأفراد على قبول سياسات السلطة... واعتماد ثقافة التفاصيل باعتبارها سلاحا ناجعا لتقديم الوقائع الاجتماعية التي تنزاح عن المكون اليومي لتتحول في ظل السلطوية إلى حدث اجتماعي بارز، يشغل الرأي العام المتوزع بين صوتين (صوت التأييد وصوت الرفض)..
ولا سبيل في نظرنا لوقف سلطوية السياسة إلا بالاحتكام إلى ديمقراطية تتنازع في تنزيلها مقومات الحرية والاختيار والتمكين؛ فالديمقراطية وحدها غير قادرة على إدارة إرادة الجماهير بفعالية تحقق مقاصدها. وتكمن هذه الإرادة الثلاثية في كلمة صناديق الاقتراع التي من شأنها أن تهزم الراغبين في الوثوب إلى السلطة والانقضاض على الحكم لتحقيق سلطوية تناقض حركة التاريخ وقوانينه.
وإذا كانت الديمقراطية، في أدق محدداتها، مدخلا لتنزيل القيم السياسية والحضارية التي من شأنها أن تبيد التخلف والاكتواء بنار الظلم وتحقيق مطلب الرخاء الاجتماعي، وعدم إباحة صعود الديكتاتوريين الذين تعاقبوا على غدارة الشأن العام وتدبيره؛ فإن روح الحراك الاجتماعي كعنوان تاريخي من عناوينها صَوَّلَ فكر فئات عريضة ممن لحقها عَسفُ سنوات التآمر عليها، في سياق وعي حاد وتاريخي بما عرفته الساحة من تحولات عميقة، راحت تحاور اجتهاداتها ومواقفها السابقة؛ عبر تبني مراجعة تقويم وفق ما شهدته الساحة من ثورة أطاحت بأعتى الديكتاتوريات ولم تلبث أن أنشأت بدائل مركزية لم تنتزع طغوة النزوع إلى الإصلاح بعد..
لكل ذلك، عزفت سياسات السلطة أهزوجة لُحنت بخطابات منمقة، خرجت عن سياق تنزيل الديمقراطية إلى محاولة صناعة حكام يراكمون المنافع المادية المدعومة عمليا بسلطة الاستبداد والقهر، ويوظفون آليات نشر التخلف بمستوياته المتعددة لمن تحت ولاياتهم، في ابتعاد عن كل الانتماءات الضيقة التي تقلص حجم ارتباط المواطن بوطنه، ومحاصرة حبه له ورغبته الجِبِليّة في رؤيته ناهضا معافى من علل الإملاءات الخارجية وعلاقات المصالح... والسهر على رعاية التحكم، باعتباره مفهوما نُحت بالموازاة مع عمليات تضخيم السلطوية واستنزاف خيرات الوطن، ومن خلال ما كرسه من قيم قاتلة وثقافة معطوبة... وبكل هذا القرح، انخرطت سياسات السلطة في صناعة نظرياتها، وطفقت تقصي إرادة الشعب من التأسيس والاستناد، باختيار حكامة خشبية مشلولة رسمت قواعد جديدة للانتفاع غير المشروع، ونصَّبت للدولة خُداما ينتزعون حقوق أبناءها بقوة قاهرة، شَجبُها مثار سخرية.
لقد تحوّل في بُرهة دعاة الديمقراطية إلى منافحين عن قوى الاستبداد من فتات السر والعلن.. في انقلاب على التأويلات التي تحققها، يبحثون عن مفاهيم قادرة على تعطيل الإرادة الشعبية وإلغاء اختياراتها، حتى تنتشي خططهم العبثية المهندسة، بلذة التخلف والتراجع، ترقص بعراء على الأحبال، وتلوي أعناق مصطلح السياسة، لتؤبد سلطة الاستبداد والتخلف وتمنحها فسحة وعمرا مديدا..
لقد آمنا بالديمقراطية بوابة لتحقيق التوزيع العادل للثروة التي نجهل مصدرها، تنتفي معها كل تجليات ما صوروه لنا منذ أكثر من قرن بأنه التوزيع المنصف لثروات الوطن، وبأنها حقوق مادية مستحقة لفئات تكد وتتعب من أجل الوطن، وأننا نحن الخاملون الكسالى الذين آلت إليهم طموحات محدودة سخيفة، لم ترق بعد لأن تزاحم طموحات أولئك المستحقين الذين ورثوا الخيرات والثروات... وَهمٌ قاتل تسرب إلينا عبر مسامنا المفتوحة على بهتانهم ومكرهم، وجرعوه لنا على مراحل ودفعات، مستخدمين سلطوية السياسة متعددة التخصصات، مستثمرين ما وقع تحت أيديهم من وسائل وإمكانات.. لننعم بفراش التخلف والتراجع، نترنح فيه ولا نكاد نراوحه ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.