تظاهر العشرات من الحقوقيين المغاربة في الرباط، تخليدا لليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يصادف العاشر من دجنبر من كل سنة. المسيرة، التي كانت تحت شعار "من أجل مغرب الحقوق والحريات للجميع"، انطلقت اليوم الأحد من ساحة "باب الحد" بالرباط، وصولا إلى البرلمان، ورفعت خلالها شعارات مطالبة بالحرية والعدالة وصون الحقوق في المغرب. ودعت إلى تنظيم هذه المسيرة هيئة متابعة توصيات المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المشكلة من عدد الهيئات الحقوقية والمدنية، كما قدّم خلالها تشخيص للوضع الحقوقي في المغرب خلال العام الجاري. وقال عبد الإله بنعبد السلام، عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في كلمة باسم الهيئة، إن هذه السنة عرفت هدرا للزمن التشريعي من قبل الحكومة، بسبب عدم ضبط الأولويات الحقوقية في برمجة مجموعة من مشاريع القوانين خلال الدورة التشريعية الأخيرة من الولاية السابقة، منتقدا ما اعتبره انفراد الحكومة والبرلمان في إعداد وصياغة القوانين دون إشراك حقيقي لمكونات الحركة الحقوقية والهيئات والمنظمات المعنية. ومن أبرز هذه القوانين، يوضح بنعبد السلام، هناك القانون التنظيمي المتعلق بإعمال مقتضيات ترسيم الأمازيغية كلغة رسمية، والقوانين المتعلقة بالديمقراطية التشاركية، خاصة القانونين المتعلقين بملتمسات التشريع وتقديم العرائض. وفي الوقت الذي سجلت فيه الهيئة بشكل إيجابي مصادقة المغرب على الاتفاقيات الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، دعت الدولة المغربية إلى تفعيل قرار التصديق بإرفاق هذا القرار بالتصريح باعتراف الدولة المغربية باختصاص اللجنة الأممية المعنية بالاختفاء القسري، وفق المادة ال31 من الاتفاقية المذكورة والمتعلقة بتلقي الشكايات والبلاغات الفردية. وأدانت الحركة الحقوقية إصرار الحكومة المغربية على الإبقاء على عقوبة الإعدام في قوانينها الجنائية، والامتناع عن التصويت لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلق بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام، بالرغم من عدم تنفيذ عقوبة الإعدام منذ سنة 1993. ودعت هيئة متابعة توصيات المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان إلى المصادقة على كافة المواثيق الدولية، وملاءمة جميع التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية، وتنفيذ المغرب لكل التزاماته الطوعية أمام هيئة الأممالمتحدة، وإعداد سياسات عمومية وطنية مبنية على مقاربة حقوق الإنسان. وطالبت الجمعيات الحقوقية بردم الهوة بين القوانين وبين الممارسة، من خلال بناء إستراتيجية وطنية لعدم الإفلات من العقاب وربط المسؤولية بالمحاسبة، معتبرة أن الوضعية الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين والمواطنات "جد متدهورة" بسبب ضعف إقرار الحق في الصحة الجيدة والحق في السكن اللائق والحق في الشغل والحق في الغداء الكامل والحق في التعليم، خصوصا مع المخاطر التي باتت تواجهها المدرسة العمومية المغربية والتهديد بضرب مجانية التعليم. وطالب محمد الزهاري، الرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، بتنفيذ ما تبقى من توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي تضمنها تقريرها الصادر في السادس من يناير سنة 2006، داعيا الدولة المغربية إلى "الاعتذار العلني والمسؤول باسم رئيس الحكومة أمام البرلمان عن ما جرى تسجيله من انتهاكات لحقوق الإنسان إبان سنوات الرصاص، وكذا الانضمام الفعلي والعملي إلى اتفاقية روما المتعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية". وقال الزهاري، في تصريح لهسبريس، إن من شأن تنفيذ ما تبقى من هذه التوصيات وضع حد للإفلات من العقاب، والتعامل مع المواطنين والمواطنات على قدم المساواة وفق القانون، مضيفا "المغرب مع كامل الأسف عرف تراجعات خطيرة في قضايا متعددة لحقوق الإنسان". "لا يمكن أن ننسى عندما جاء وزير الداخلية أمام مجلس النواب يوم 15 يوليوز 2015 واتهم الحركة الحقوقية بأنها تخدم أجندة أجنبية وتسيء إلى سمعة البلد"، يقول أمين عام فرع التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات بالمغرب، الذي أضاف أن "عددا من المسؤولين يخافون الحركة الحقوقية ويحاولون التصدي لها بوسائل غير قانونية، وهذا ما يسيء إلى البلد"، على حد تعبيره.