تعرف شوارع العديد من المدن المغربية، انتشارا مهولا لظاهرة التسول، إذ تشير الأرقام إلى ارتفاع في عدد المتسولين وتفشي الظاهرة في صفوف الشباب، بينما باتت شوارع العاصمة الرباط، تعرف أعدادا كبيرة ومتزايدة من المتسولين والمتسولات، عدد كبير منهم من فئة الأطفال. وأفصحت "ن.ا"، لجريدة هسبريس الإلكترونية، عن الظروف التي أدت بها إلى "امتهان" التسول في شوارع الرباط..بصوت خافت وأعين خائفة ومرعوبة تقول نعيمة، يتيمة الأبوين: "هربت من دارنا في تطوان بعد إساءة خوتي المعاملة ديالي.. وهربت من الخيرية حيت مابغيتشي نتخلى على شرفي". ولجأت نعيمة إلى الجمعيات الخيرية، وكانت أولها بالرباط، حيث تعرضت ل"محاولات اغتصاب" على حد قولها، متابعة: "خرجت من الخيرية متوجهة إلى المستشفى، فأرسلوني إلى خيرية شفشاون التي تعرضت فيها كذلك للاعتداء نفسه، وبعدها خيرية سلا التي تكررت فيها القصة نفسها"، ليكون خيارها الوحيد هو الخروج إلى الشارع. من جهة أخرى تقول حليمة، وقد لفحت الشمس الحارقة محياها، رفقة ابنها علاء، البالغ من العمر ثلاث سنوات: "كنت أشتغل ولكنني أصبت بمرض على مستوى القلب والشرايين، وزوجي بداء السرطان، فاضطررت إلى الخروج إلى الشارع للتسول. أنا أم لثلاثة أطفال، اثنان يدرسان وعلاء يرافقني". وأجابت أم علاء بعد سؤالنا عن الأسباب وراء وضعها لثاما يخفي وجهها، بعد تنهد طويل: "ابنتي أنا مكنرضاش، أو بزاف ديال ناس لي كيعرفوني، زيد عليها بزاف ديال ناس كيعيروني" . في المقابل، وبتأسف شديد يقول يونس: "أصبحنا لا ندري من المحتاج ومن المخادع..أنا مثلا أعرف شابا في حينا، دائما أعطيه صدقات، لكنني لما رأيته يدخن ويشرب القهوة بمقهى قريب، اكتشفت أنه ليس محتاجا، فلو كان فقيرا لما دخن". بدورها، قالت فاطمة ضاحكة: "الظاهرة انتشرت بكثرة، والسبب أن الأغلبية أصبحت عاجزة عن العمل، ووجدت الوسيلة السهلة لاكتساب المال في التسول ببساطة؛ أما المحتاجون الحقيقيون فلا نسمع أصواتهم، لأنهم يتوجعون في صمت". من جهة أخرى، قال أسامة لحلو، وهو أخصائي ومعالج نفساني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن التسول في المغرب يعبر عن نقصان واحتياج وحرمان المتسول وعدم قدرته على تلبية احتياجاته الأساسية. وترجع أسباب انتشار التسول بالمغرب، وفق لحلو دائما، إلى غياب مؤسسات لاستقبال المتسولين، بالإضافة إلى عوامل أخرى، كالأمية والبطالة والفقر، وزاد: "هذا يجعلنا نتساءل عن واقع مرير، وهو ظاهرة الفقر في المغرب، التي يرجع انتشارها إلى مجموعة من العوامل النفسية والاجتماعية". ويوضح لحلو: "ثقافيا واجتماعيا، كلما كان الإنسان كريما كلما كانت له صورة جيدة في محيطة، والعكس صحيح"، وزاد: "عندما نقول إن شخصا ما رجل طيب ففي الغالب يتم اختزاله في أنه يعطي المال لمن حوله. إذن فالعطاء له معنى سوسيو أنتوبولوجي في مجتمعنا، أي إننا نعطي لكي تكون لنا مكانة في المجتمع، ليس لأن الآخر محتاج". *صحافية متدربة