رغم إيداع الحكومة لمشروع القانون المالي لسنة 2017 لدى مكتب مجلس النواب، إلا أن عدم تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات التشريعية، وتعيين عبد الإله بنكيران رئيسا لها، سيضعه المشروع الذي تم إعداده في مهب الريح. ولن يتمكن رئيس الحكومة المعين من الوفاء بالتزاماته في ما يخص مناقشة المشروع في أجل 30 يوميا بمجلس النواب، التي ينص عليها القانون التنظيمي لقانون المالية؛ وبالتالي لن يكون المشروع مصادقا عليه قبل 31 دجنبر المقبل. وتبعا لذلك ستكون الحكومة مضطرة للعمل بالمادة 50 من القانون التنظيمي للمالية، الذي يحيل على الدستور في فصله 75، الذي ينص على أنه "إذا لم يتم في نهاية السنة المالية التصويت على قانون المالية، فإن الحكومة تفتح بمرسوم الاعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية والقيام بالمهام المنوطة بها، على أساس ما هو مقترح في الميزانية المعروضة على الموافقة". وتؤكد الوثيقة الدستورية أنه يُسترسل العمل، في هذه الحالة، باستخلاص المداخيل طبقا للمقتضيات التشريعية والتنظيمية الجارية، باستثناء المداخيل المقترح إلغاؤها في مشروع قانون المالية؛ أما المداخيل التي ينص المشروع المذكور على تخفيض مقدارها، فتُستخلص على أساس المقدار الجديد المقترح. الدكتور جواد النوحي، أستاذ الميزانية والمالية العامة بجامعة محمد الخامس بالرباط، يرى أنه "مع كل لحظة لتشكيل الحكومة يقع إشكال في الحياة السياسية، هو تأخر قانون المالية"، مرجعا ذلك إلى "أسباب سياسية والأجندة الانتخابية". واستدل النوحي، في تصريح لهسبريس، على هذا التأخر ب"حكومة عبد الرحمان اليوسفي التي لم تتم مناقشة قانون المالية الأول لها إلا في شهر أبريل"، مضيفا أن "الأمر نفسه وقع مع حكومة عبد الإله بنكيران بعد تعيينها سنة 2012، إذ لم تتم مناقشة مشروع القانون ذاته إلا في شهر مارس". ونبه النوحي إلى أن "هناك غيابا للربط بين السنة الانتخابية ووضع مشروع قانون المالية، إذ يتم إجراء الاستحقاقات بين أكتوبر ونونبر"، مسجلا أنه "في التجارب السابقة تضطر الحكومة الجديدة إلى تعديل المشروع مباشرة بعد تشكيلها". "مشروع قانون المالية لسنة 2017 مر بالمساطر وتم إيداعه في مجلس النواب، ولن تتم مناقشته إلا بعد تشكيل الحكومة"، يقول أستاذ التعليم العالي بجامعة الرباط، الذي نبه إلى أن هذا الأمر "ستكون له آثار قانونية، تتمثل في عدم الالتزام بالتصويت على المشروع قبل 31 دجنبر". وأكد المتحدث نفسه في هذا الصدد أن "القانون التنظيمي للمالية، الذي يحدد آجال المصادقة على مشروع القانون المالي أمام البرلمان، لا يتحدث عن جزاءات عدم الوفاء بهذه التواريخ"، مبرزا أنه في "مقابل ذلك يضع جزاءات على البرلمان". وأكد النوحي أن "مجموعة من التدابير ستدخل حيز التنفيذ مع دخول سنة 2017، ضمانا لاستمرار المرفق العام"، مشددا على أن "الحكومة الجديدة لن تلتزم بالمشروع، وبناء على التركيبة التي أفرزتها المفاوضات لتشكيلها يمكن أن تعدل عددا من مواده".