كان 2025 .. المغرب يرسخ دولة الاستقرار ويفكك السرديات الجزائرية المضللة    روسيا تنمع استيراد جزء من الطماطم المغربية بعد رصد فيروسين نباتيين    الذهب والفضة عند مستويات قياسية وسط توترات جيوسياسية وتوقعات بخفض الفائدة الأمريكية    أسعار الفضة تتجاوز 75 دولاراً للمرة الأولى    الحكم على مغني الراب "بوز فلو" بالحبس ثلاثة أشهر موقوف التنفيذ وغرامة مالية    تفاصيل إحباط تهريب أطنان من المخدرات بميناء طنجة المتوسط    وفق دراسة جديدة.. اضطراب الساعة البيولوجية قد يسرّع تطور مرض الزهايمر    طقس ممطر وبارد في توقعات اليوم الجمعة بالمغرب    المنتخب يحمس مطاعم ومقاهي طنجة    لاعبو المغرب يؤكدون الجاهزية للفوز    مقاييس التساقطات الثلجية خلال ال 24 ساعة الماضية    الدوزي يكشف أسباب الانسحاب من "أغنية الكان" .. ويأمل تتويج أسود الأطلس    تقرير: النيابات العامة تمكنت من تصفية أزيد من 497 ألف شكاية سنة 2024، بما يفوق عدد الشكايات المسجلة خلال نفس السنة    حادثة سير تخلف إصابة سبعيني بممر للراجلين وسط الحسيمة    كأس إفريقيا.. أنغولا وزيمبابوي في مواجهة مصيرية ضمن المجموعة الثانية        زخات رعدية محليا قوية وتساقطات ثلجية ورياح قوية وطقس بارد من الخميس إلى الأحد بعدد من مناطق المملكة (نشرة إنذارية)    ارتفاع تداولات بورصة الدار البيضاء    ساعف: السياق السياسي بالمغرب يعرف انحدارا كبيرا    الفنان الروسي بيوتر إكولوف يحيي حفلا موسيقيا ببيت الصحافة بطنجة    عقد اتحاد طنجة لجمعه العام العادي رغم طلب العصبة تأجيله يثير جدلًا    مدرب مالي يناشد جماهير الرجاء لدعم نسور مالي أمام المغرب    جمعية تكافل للاطفال مرضى الصرع والإعاقة تقدم البرنامج التحسيسي الخاص بمرض الصرع    نبأ الجميلي تناقش أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة تركيّة    جائزة الملك فيصل بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء تنظمان محاضرة علمية بعنوان: "أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس"    "أسود الأطلس" في اختبار قوي أمام "نسور" مالي لحسم التأهل مبكرا إلى ثمن نهائي "الكان"    حين تفتح سانت بطرسبورغ أبوابها ويخرج المغرب من الضوء    وزارة العدل وجمعية هيئات المحامين تتدارسان جدل القانون المنظم للمهنة    "الكاف" يعاقب الجيش الملكي بحرمان جماهيره من حضور مباراتين في دوري الأبطال    مطار محمد الخامس يكسر حاجز 11 مليون مسافر بفضل كأس إفريقيا    معهد الجيوفيزياء يوضح تفاصيل هزّتَي مكناس وأسباب عودة النشاط الزلزالي    نتائج الجولة الأولى من دور المجموعات        الجزائر تُقرّ قانوناً يجرّم الاستعمار الفرنسي ويطالب باعتذار وتعويضات.. وباريس تندد وتصف الخطوة ب«العدائية»    2025 عام دامٍ للصحافة: غزة تسجل أعلى حصيلة مع 43% من الصحفيين القتلى حول العالم    وزارة العدل الأمريكية تحصل على مليون وثيقة يُحتمل ارتباطها بقضية إبستين    إحراق سيارة تحمل لافتة لمناسبة عيد حانوكا اليهودي في ملبورن الأسترالية    تهنئة مثيرة لترامب تشمل "حثالة اليسار"    "الجمعية" تحمّل السلطات مسؤولية تدهور صحة معطلين مضربين عن الطعام في تادلة وتطالب بفتح الحوار معهما    14 دولة تندد بإقرار إسرائيل إنشاء مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة    إطلاق خط سككي جديد فائق السرعة يربط مدينتين تاريخيتين في الصين    الصين تكتشف حقلا نفطيا جديدا في بحر بوهاي    بالإجماع.. المستشارين يصادق على مشروع قانون إعادة تنظيم مجلس الصحافة    معارض إفريقية متنوعة للصناعة التقليدية بأكادير ضمن فعاليات كأس إفريقيا للأمم 2025    فيدرالية اليسار الديمقراطي تحذر من حالة الشلّل الذي تعيشه جماعة المحمدية    أجواء ممطرة وباردة في توقعات اليوم الخميس بالمغرب        بالملايين.. لائحة الأفلام المغربية المستفيدة من الدعم الحكومي    ندوة علمية بكلية الآداب بن مسيك تناقش فقه السيرة النبوية ورهانات الواقع المعاصر    كيف يمكنني تسلية طفلي في الإجازة بدون أعباء مالية إضافية؟    ملتقى العيون للصحافة يعالج دور الإعلام في الدفاع عن الصحراء المغربية    ‬ال»كان‮«: ‬السياسة والاستيتيقا والمجتمع‮    رباط النغم بين موسكو والرباط.. أكثر من 5 قارات تعزف على وتر واحد ختام يليق بمدينة تتنفس فنا    رهبة الكون تسحق غرور البشر    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها    دراسة: ضوء النهار الطبيعي يساعد في ضبط مستويات الغلوكوز في الدم لدى مرضى السكري    دراسة صينية: تناول الجبن والقشدة يقلل من خطر الإصابة بالخرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكراوي يلامس معطيات وتحديات "اقتصاد الفرس" في المغرب
نشر في هسبريس يوم 11 - 10 - 2016

يختزل اقتصاد الفرس بالمغرب مؤهلات وطاقات كبيرة ومتنوعة؛ إما غير مستعملة استعمالا تاما، إما مستثمرة استثمارا غير كافيا، وأجزاء مهمة منه غير مستكشفة ومستغلة بعد. وتتمثل هذه المؤهلات والطاقات في الأنشطة المرتبطة باستعمال الخيول في الأشغال الفلاحية، والنقل والترفيه، والرياضة، والمواسم، والسياحة، والتغذية، والصناعة التقليدية، والطب، والتربية والتكوين، والبحث البيطري، والأمن، والتراث، والطاقة، والتسويق الدولي لصورة المغرب في الخارج والمحافظة على الهوية الوطنية.
فحسب المعطيات المتوفرة برسم سنة 2014، فإن القطاع يشتمل على 160.000 من الخيول، و520.000 من البغال، ومليون من الحمير. كما يساهم في خلق مناصب شغل مباشرة وغير مباشرة تقدر ب11.500 منصب، ويحقق رقم معاملات للألعاب الفروسية يناهز 1.5 مليار درهم، مساهما بهذا بما نسبته 0.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، أي ما يعادل 4.7 في المائة من الناتج الداخلي الفلاحي.
وهذه المكانة تظهر أن هناك إمكانات حقيقة كبيرة للرفع من هذه النسب إلى مستويات ترقى إلى حجم المؤهلات والطاقات التي يزخر بها هذا القطاع؛ وهو ما أدى إلى وعي متنام لدى صانعي القرار والفاعلين الأساسيين بالأهمية المستقبلية التي يكمن أن يلعبها اقتصاد الفرس داخل الاقتصاد الوطني، وإلى ضرورة رفع المشاكل التي يعيشها.
I- المشاكل الأساسية لاقتصاد الفرس:
تكمن المشاكل والمعيقات التي يعرفها اقتصاد الفرس في عشر نقط رئيسية:
- التناقص المتنامي لحجم القطيع؛ ذلك أن عدد الدواب من خيول وبغال وحمير ينخفض سنة عن سنة. وإذا تواصل هذا الانخفاض وبهذه الوتيرة فقد سيصل حجم القطيع، حسب بعض التقديرات، إلى 15000 رأس فقط في أفق 2020؛
- ضعف إعادة إنتاج القطيع بالوتيرة اللازمة، بالرغم من وجود سياسة ملائمة حديثة بهذا الشأن؛
- التصدير العشوائي والسري غير المنظم وغير المراقب لبعض أصناف القطيع؛
- سيادة الأشكال غير المهيكلة للتربية بعض أصناف الفرس؛
- ضعف تنظيم المسلك، بالرغم من كل المجهودات التي بذلت خلال السنين الأخيرة وتبدل حتى الآن؛
- العجز الحاصل في مجالات التوعية والتحسيس بأهمية هذا الاقتصاد؛
- ضعف البحث الاقتصادي في مجال الفرس؛
- المكانة غير الكافية لدور المؤسسات البنكية في الاستثمار في مجالات المرتبطة باقتصاد الفرس، بالرغم المجهود الحقيقي الذي يبذله القرض الفلاحي للمغرب، وبالرغم من الآفاق الواعدة التي يختزنها؛
- عدم وجود رؤية بين قطاعية موحدة للاستثمار الأمثل لكافة مؤهلات اقتصاد الفرس، خاصة بين قطاعات الفلاحة والصناعة التقليدية والسياحة والثقافة والتكوين المهني والبحث العلمي والقطاعات الأخرى المعنية بصفة مباشرة أو غير مباشرة بإنعاش اقتصاد الفرس؛
- ثم أخيرا عدم وجود دليل وطني يحدد المهن المختصة في اقتصاد الفرس، ومعايير التنمية لهذه المهن وما يتطلبه هذا من زاوية تطوير التكوينات المرتبطة بمهن الفرس طبقا للحاجيات الحالية والمستقبلية التي سيعرفها هذا الاقتصاد.
II- قراءة في معالم السياسة العمومية الحالية للنهوض باقتصاد الفرس:
بفعل الوعي المتنامي بأهمية هذا القطاع، جرى التأسيس تدريجيا لسياسة عمومية للنهوض باقتصاد الفرس؛ من أبرز معالمها:
- التنسيق بين جهود مختلف الفاعلين بهدف تحقيق التكامل بينها؛
- إيلاء الاهتمام اللازم لاستعمالات الخيول مع رسم آفاق لمسلك تربيته؛
- استعمال الفرس للترويج لصورة المغرب كوجهة سياحية عن طريق النهوض بهذا القطاع؛
- إعطاء الأولوية لمقاربة ترتكز أساسا على الحصان المغربي الأصيل.
وترمي هذه السياسة إلى الرفع من حصة مساهمة هذا القطاع في الناتج الداخلي الخام ورفعه من 4.7 مليارات درهم سنة 2009 إلى 7 مليارات درهم سنة 2020.
لكن وبالرغم من طابعها الإرادي وبالرغم من النجاعة التي تميز تنظيم مسلك الخيول من خلال خلق الشركة الملكية لتشجيع الفرس ومراكز تربية الخيل، والهيئات والجمعيات العاملة والمؤطرة للمسلك؛ فإن هذه السياسة، التي توجد في مراحلها الأولى، تنحصر في بعض التدابير التقنية والمالية والتنظيمية. كما أنها لا تشمل كل الأنشطة وكل المهن وكل التخصصات وكل الفاعلين في القطاع. ومن ثمّ، فإننا لسنا أمام خطة وطنية قائمة بذاتها، على غرار المخططات الوطنية الأخرى؛ كمخطط أليوتس، والمغرب الأخضر على سبيل المثال، تنبني على إستراتيجية شمولية ومندمجة، ترصد لها موارد ملائمة، آلياتها ومضامينها وأهدافها ورزمنتها موضوع مداولات على صعيد الجهاز التنفيذي والتشريعي، ويساهم في وضعها كل الفاعلين الأساسيين في القطاع بناء على مقاربة تشاركية؛ وهو ما يوحي بضرورة إعادة التفكير في التوجهات التي يتوجب رسمها للسياسة العمومية في هذا القطاع الهام، وذلك بهدف جعله رافعة إضافية للتنمية ببلادنا.
III- التحديات المستقبلية والتوجهات الضرورية لجعل هذا القطاع رافعة للتنمية ببلادنا
هناك ثلاثة مستويات من التحديات والتوجهات تتعلق بثلاثة جوانب من إشكالية تطوير اقتصاد الفرس ببلادنا:
1- الجانب المعرفي الضروري لبناء السياسة العمومية المستقبلية على أسس علمية دقيقة ومتينة؛
2- الجانب السياسي المتعلق بالاختيارات الكبرى بشأن المكانة المستقبلية لهذا القطاع؛
3- ثم الجانب الذي أسميه بالإستراتيجي اللصيق بإدراج القطاع ضمن الأهداف المرتبطة بالإشعاع الخارجي وبمساهمته في إغناء التراث الحضاري العالمي، ودوره المستقبلي في تقوية الجاذبية العالمية للاقتصاد والوطني وفي الرفع من تنافسية وتقوية الصورة الدولية لبلادنا.
1- الجانب المعرفي:
هناك ثلاثة تمظهرات للتحدي المرتبط بمعرفة القطاع معرفة علمية دقيقة ضرورية لبناء إستراتيجية ناجعة لتطوير الفرس:
- عنصر يتعلق بندرة الدراسات والأبحاث ذات الطابع الاقتصادي وعدم التوفر على المعطيات المتعلقة بالمؤشرات الأساسية للقطاع، باستثناء بعض المؤشرات الماكرو اقتصادية المتعلقة بالخيول فقط؛
- عنصر مرتبط بمعرفة المجالات الترابية القروية للفرس؛
- العنصر المتعلق بمعرفة كافة مكونات الأنشطة والمهن المرتبط باقتصاد الفرس.
وبناء عليه ولرفع هذا التحدي، من الضروري القيام بما يلي:
- تطوير الأبحاث والدراسات في مجالات اقتصاد الفرس؛
- إحداث ماستر داخل إحدى الجامعات المغربية متخصص في اقتصاد الفرس؛
- القيام ببحث ميداني وطني حول الأنشطة والمهن المرتبطة باقتصاد الفرس بجميع مكوناتها؛
- ثم التفكير في إحداث جائزة لفائدة أجود الأبحاث والمؤلفات حول اقتصاد الفرس.
2- الجانب المتعلق بالخيارات الكبرى المرتبطة بالمكانة المستقبلية لاقتصاد الفرس:
هناك توجهان ممكنان لكن ضروريين:
- إما إدراج اقتصاد الفرس كمكون لمخطط المغرب الأخضر؛
- أو بلورة مخطط خاص باقتصاد الفرس قائم بذاته، على غرار مخطط هاليوتس. وهذا ما نراه الاختيار الأنجع.
3- الجانب الإستراتيجي :
إن هذا الجانب يكتسي أهمية بالغة في وقت يبحث فيه المغرب عن ميزات مقارنة، وميزات تنافسية، وميزات إستراتيجية جديدة مرتبطة بمكونات رأسماله غير المادي قصد تقوية إشعاعه الدولي وإغناء عطاءاته للتراث العالمي بهدف تقوية جاذبيته الخارجية.
ولرفع هذا التحدي ذي البعد العالمي، يتعين على بلادنا وضع سياسة تستثمر الحصان المغربي الأصيل كلبنة مستقبلية لتقوية الصورة الإشعاعية الدولية للمغرب. كما يتوجب تطوير شراكات مع بلدان تتوفر على ميزات مقارنة عالية في هذا المجال.
* أستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط | نص المحاضرة التي ألقاها خلال الدورة السادسة للمعرض الدولي للفرس أكتوبر 2015 بالجديدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.