المنتزه الوطني لتوبقال بالأطلس الكبير التابع لإقليمالحوز، الذي أحدث سنة 1942 والذي تبلغ مساحته 38 ألفا و470 هكتارا، هو منطقة رعوية وغابوية تسهم في المحافظة على التنوع البيئي والبيولوجي وفي تحقيق التنمية المستدامة التي تحترم التوازنات البيئية. وإذا كان الهدف من إحداث المنتزه هو المحافظة على غابات البلوط الأخضر والعرعار الفواح بجهة مراكش وعلى المناطق الجذابة بالسفح الجنوبي والمحافظة على وحيش المنطقة والنباتات التي تتوفر عليها والمتميزة بغناها وتنوعها؛ فإن مشروع "دعم وضع إستراتيجية تشاركية لتدبير الموارد الطبيعية في منطقة الحوز والمنتزه الوطني لتوبقال"، الذي انطلق سنة 2003، يأتي لتقوية معارف الفاعلين المحليين المعنيين بشأن الأهمية الإيكولوجية والثقافية والتراثية والاقتصادية لهذه المنطقة، وكذا حول التنوع البيئي المحلي، ولإطلاعهم على المخاطر المحدقة بالموارد الطبيعية والحلول والميكانيزمات الواجب تبنّيها. وارتكزت أنشطة هذا المشروع حول أربعة محاور موضوعاتية، وهي: تقليص استهلاك الخشب، وتثمين الأعشاب العطرية والطبية، والمحافظة على المناطق الرعوية والتنوع البيئي والبيولوجي، فضلا عن تحسين والرفع من عدد الأنشطة التي تقوم بها الجمعيات والفاعلون المؤسساتيون لفائدة السكان المحليين لحثهم على تقليص استعمال الخشب وإنعاش الطاقات المتجددة من خلال تجهيز البيوت والمساجد بلوحات شمسية ومقعرات محسنة بالنسبة للحمامات. وتهدف هذه المبادرات أيضا إلى تشجيع غرس الشجيرات الغابوية وتطوير مختلف الأنشطة المنجزة بهذه المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالأعشاب الطبية والعطرية؛ فقد أسهم المشروع في تثمين هذه الأعشاب التي تسوق حاليا من قبل السكان المحليين، فضلا عن المحافظة على المؤهلات الإيكولوجية والطبيعية لتقوية السياحة الإيكولوجية وحث الفاعلين المحليين على تدبير الموارد الطبيعية. وفي هذا الصدد، أوضح أحمد الشهبوني، رئيس مركز التنمية لجهة تانسيفت، أن هذا المشروع أسهم في تدبير الموارد الطبيعية بإقليمالحوز والمنتزه الوطني لتوبقال بشكل أفضل. وأبرز المتحدث أن نموذج التدخل همّ حوض المنتزه الوطني لتوبقال الذي يضم 12 دوارا بمنطقة "أغونديس"، حيث ستسهم النتائج المحصل عليها في تحسين عملية التدخل بالمناطق الأخرى المجاورة للمنتزه وفي إقليمالحوز. وأضاف الشهبوني، في تصريح صحافي، أن السكان المحليين الذين يمثلون جماعة إيجوكاك والجمعيات القروية انخرطوا بشكل مباشر في تفعيل هذا المشروع وتتبعه وتقييمه. وأشار رئيس مركز التنمية لجهة تانسيفت إلى أن هدف هذا المشروع هو تعزيز القدرات البنيوية القروية (الجمعيات واللجان ومختلف التمثيليات المحلية)، من أجل تمكينها من المساهمة في تدبير الموارد الطبيعية بشكل ناجع والمحافظة عليها وتثمينها. ومن ضمن الإنجازات التي حققها المشروع، هناك إحداث إطار تشاوري وتدبيري للموارد الطبيعية يضم جميع المتدخلين ليكون بمثابة صلة وصل لتطوير ميكانيزمات أخذ القرار والمرافعة في مجال المحافظة وتدبير الموارد الطبيعية. كما أسهم المركز، يضيف الشهبوني، في مشروع تكوين تقنيين محليين وأطر جمعوية وتجمعات قروية لتمكينهم من الوسائل الكفيلة بالمحافظة على البيئة الغابوية والزراعية (كاديفا). وأوضح رئيس مركز التنمية لجهة تانسيفت أن هذا المشروع استفاد، في إطار مبادرة تشاركية مع برنامج الأممالمتحدة للتنمية والمندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، من دعم لغرس وتجفيف وتسويق المنتوجات المجالية. يذكر أن مشروع "دعم وضع إستراتيجية تشاركية لتدبير الموارد الطبيعية في منطقة الحوز والمنتزه الوطني لتوبقال" واكبه مركز التنمية لجهة تانسفيت، ودعّمته وكالة التعاون الألمانية (جي تي زيد) وبرنامج التمويلات الصغرى التابع للصندوق العالمي للبيئة والمديرية الإقليمية للفلاحة بالأطلس الكبير والمنتزه الوطني لتوبقال وإقليمالحوز. وبفضل الجهود التي قامت بها المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، فقد استطاع هذا المنتزه في السنوات الأخيرة المساهمة في المحافظة على التنوع البيولوجي بأعالي الجبال وفي التنمية الجهوية والمحلية والنهوض بالسياحة المستدامة والإيكولوجية وتحسيس العموم بضرورة الانخراط في مختلف المبادرات الرامية إلى حماية البيئة وتبني أنشطة لإعادة الاعتبار للفضاءات وأنواع الحيوانات وضمان التوازن بين الإنسان والطبيعة وتطوير البحث العلمي. * و.م.ع