من مبادئ التربية الدامجة ضمان الدولة حق الأطفال المهمشين والمعرضين للإقصاء في الوصول لتعلم جيد وذي جدوى في المدارس الأقرب من محل سكناهم؛ بغض النظر عن جميع الاختلافات المرتبطة باللون والجنس واللغة والدين والعرق والمستوى الاقتصادي والاجتماعي أو بالقدرات الجسدية والذهنية؛ والارتقاء بالتربية المدرسية عبر تطوير الأساليب التيسيرية والحد من المعيقات المادية والبيداغوجية والديدكتيكية التي تحول دون الاستفادة من التربية والتعليم والتكوين ومن العلاقات الإنسانية في فضائها. واعتبار الفروقات الفردية بين المتعلمين مصدر إثراء لا مجرد مشكلة ينبغي القضاء عليها ومحاربتها. لا تكمن معيقات التعلم فقط في أنشطة التعلم المدرسية كالقراءة والكتابة والرياضيات بل يمكنها أن تكون ناتجة عن نظرتنا للطفل وأسلوب التواصل معه داخل القسم؛ وطريقة تعاملنا مع الأخطاء؛ وتوقعاتنا من نجاحه، ومن نظرة الأطفال لبعضهم البعض، ومن قصور البرامج التعليمية في الاستجابة لاحتياجاتهم، وأساليب التقويم وأدواته نفسها. ومن ثمة فإن الحديث عن الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة غدا مفهوما متجاوزا باعتباره يركز على ربط الضعف بالمتعلم(ة) عوضا عن البحث في الظروف والشروط التي توفرها المؤسسات التعليمية لتكون جذابة ومرحبة بجميع المتعلمين. إن الانتقال من الحديث عن "حاجات الأطفال الخاصة" إلى تحسين شروط المشاركة والتعلم للجميع عملية مرتبطة بمنظومة من المتدخلين الذين ليسوا بالضرورة رجال التعليم فقط بل الجماعات المحلية والمجتمع المدني وباقي الشركاء؛ إن التقويم التشخيصي لا يتوجه وفق هذا المنظور إلى التركيز على التعلمات المسطرة في منظومة مسار بل ينبغي أن يستهدف المجالات التالية : المجال الصحي والذهني والنفسي ؛ عبر ملاحظة صحة الطفل البدنية والنفسية كالحواس والحركية الدقيقة والجنبية والنمو الذهني من خلال القدرة على الانتباه والتذكر والتركيز والإدراك ، وتتبع النمو النفسي في كل أبعاده والذي تختلف حاجاته وتمظهراته باختلاف العمر الزمني للطفل ومن الأكيد أن الأطفال يختلفون في هذه المناحي كلها أو بعضها ومعرفتها يسمح للمتدخلين بتحسينها وتطويرها بما يجعلها في خدمة الارتقاء بالتعلم و ضمان الحق في المشاركة. المجال الاجتماعي والانفعالي، ويمكن رصده من خلال استكشاف حياه الطفل الأسرية والوضعية الاجتماعية فالأطفال المعرضون للتهميش والإقصاء المدرسي غالبا ما يعانون من هشاشة أسرية تعود للفقر أو للطلاق أو للبون العاطفي. وبالنسبة للأطفال في وضعية الإعاقة تزداد المشكلات الاجتماعية عند أغلبية الأسر بفعل غياب المرافقة الوالدية والمتخصصين في هذا المجال كما أن الإهمال الوالدي أو الرعاية الزائدة يؤثران سلبا على النمو السليم للمجال الاجتماعي والانفعالي للطفل. يتمثل دور المتدخلين في مساعدة الأسر على تقبل الإعاقة باعتبارها اختلافا طبيعيا بين الأطفال وتشجيعهم على الدمج الاجتماعي للطفل في الوسطين الاسري والمدرسي قبل الشروع في تقديم التعلمات. والتي قد تتحسن لدى الأطفال المهددين بالإقصاء المدرسي تلقائيا كلما نما تقديرهم لذاتهم. وأعتبر من وجهة نظري أن "ميثاق القسم" المبني على تقبل الاختلاف واحترام الآخر والتشجيع المستمر وضمان حق جميع الأطفال في المشاركة والتعلم من أفضل السبل على تطويرها. لايسهم ميثاق القسم فقط في بناء قيم التعاون والتضامن والتسامح بين الأطفال بل إنه فرصة لإثراء الاعتزاز بالتنوع واحترامه. مجال القرائية والتواصل ، يتم تتبع هذا المجال من خلال تقويم تشخيصي للقدرة على الاستماع و التحدث والقراءة و نموالمفردات والكتابة والانتاج الكتابي، وتختلف المكونات باختلاف المستوى الدراسي للأطفال وباختلاف الأطفال أنفسهم، ينبغي على المؤسسات التعليمية احترام اللغة الطبيعية للطفل والانطلاق منها لتطويرها وتحسينها بما ييسر لهم الاندماج والنجاح فكما لا يمكن مطالبة طفل أصم أن يقرأ شفاهيا لا يمكن لطفل كفيف مطالبته بإجراء تقويم كتابي على ورق عادي. مجال الحساب والأعداد ؛ وفي هذا الإطار من الأجدى التأكد من مناسبة الأنشطة لمستوى الأطفال وتغطية البرنامج عبر تقديم مجالات الأعداد والهندسة والقياس في المدرسة الابتدائية وبالنسبة للأطفال ذوي الإعاقة ينبغي تنويع الأنشطة المقدمة بما يمكن من تحديد ما يستطيع للمتعلم(ة) أن ينجزه بمفرده لا ما لا يمكنه، باعتبار أن الهدف من التقويم التشخيصي هو مساعدة الأطفال على التقدم وليس هو اختبارا للعزل أو الإقصاء. استعمال الوسائل التكنولوجية : يعتبر استعمال الوسائل التكنولوجية( باليد أو بالرجل أو بالعين أو بأي شكل آخر) من العمليات التي ينبغي استهدافها بالتقويم التشخيصي وذلك اعتبارا لكونها أصبحت من الوسائل الضرورية للتعلم الذاتي ويمكن تقويمها بأنشطة عملية أو بمهمات مختلفة باختلاف إمكانات الأطفال وقدراتهم. إضافة لماسبق ينبغي أن يحظى الأطفال ذوو الإعاقة وذوو صعوبات التعلم خلال عمليات التقويم التشخيصي بما يلي : أن يكون التقويم التشخيصي فرصة ليظهر الأطفال ما تعلموه، أو ما يمكنهم إنجازه وحدهم دون مساعدة؛ أن يكون الإظهار بأشكال مختلفة: كتابة، أو رسم، أو تسجيل، أو ملف، أو خطاطة، أو غيره من الإنتاجات الفردية؛ أن يستعين الأستاذ(ة) بجميع الوسائل التكنولوجية التي قد تساعد الأطفال في وضعية إعاقة على إظهار قدراتهم الكامنة ( البرانم الرقمية ، التسجيلات الصوتية ، التسجيلات الحركية، الصور ، الرسوم الخ) أن يتم تقديم تعليمات النشاط بشكل فردي أو في مجموعات أو بطريقة مجزأة لحصص متتالية بحسب المعلومة المستهدفة؛ أن يشعر الأطفال بالأمان وبالمتعة خلال التقويم التشخيصي؛ أن يتم تبسيط طريقة طرح السؤال " التعليمة " وألا تكون طويلة؛ أن يراعي السؤال نوعية إعاقة المتعلمين وحدتها؛ لا يمكن للتقويم التشخيصي أن يكون عادلا إلا إذا اعتبر أن الأطفال مختلفين فيما بينهم؛ فتنوعت تبعا لذلك أدواته وأزمنته ومضامينه بما ييسر للأطفال إمكانيات التعبير عن قدراتهم وتم بعد ذلك استثمار نتائجها لتطوير البيئة المدرسية بما يحسن خبرات التعلم الفردي والجماعي ويقوي فرص المشاركة وينمي لدى المجتمع برمته حس المسؤولية تجاه الفئات المهمشة والمهددة بالإنقطاع وخاصة من هم في وضعية إعاقة.