رغم تسجيلها أرقاماً أفضل من دول الجوار العربي في القارة الإفريقية، إلا أن صناعة السياحة المغربية سجلت تراجعاً طفيفاً خلال العام الجاري لأسباب إقليمية ودولية أهمها تفجيرات أوروبا (باريس وبروكسل)، والمنافسة التي تنفذها دول مثل إسبانيا وتونس وتركيا. وتظهر أرقام صادرة عن وزارة السياحة، أن عدد السياح الذين زاروا البلاد خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الجاري، شهد تراجعاً بنسبة 0.8٪ مقارنة مع الفترة المناظرة من العام الفائت. وبلغ عدد السياح الذين زاروا المغرب، 2.746 مليون سائح مقارنة مع 2.767 مليوناً خلال نفس الفترة من السنة الماضية بهبوط يبلغ 21 ألف سائح. وقالت وزارة السياحة إن مداخيل قطاعها بلغت 21.5 مليار درهم (2.1 مليار دولار) خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الجاري، بارتفاع قدره 6.4% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي. وأرجع محمد نظيف، الأستاذ الجامعي المتخصص في المجال السياحي تراجع معدل السياح الذين يزورون بلاده مؤخراً، إلى المنافسة الكبيرة للدول المجاورة وتوفيرها لعروض بجودة كبيرة وأسعار منخفضة. وأضاف في حديث للأناضول أن "هناك منافسة كبيرة للمغرب من طرف العديد من دول المنطقة كتونس وإسبانيا وتركيا، التي تعتمد عروضاً لاستقطاب عدد من جنسيات السياح". "السائح في الوقت الحالي قادر على مقارنة أسعار الرحلات السياحية وتكاليفها على المستوى الدولي، سواء من حيث الخدمات وجودتها أو الأسعار، بعدد من الدول عبر استعانته بالانترنت"، وفق "نظيف". وبحسب إحصاءات وزارة السياحة المغربية، تراجع معدل السياح الفرنسيين (يتصدرون السياح الذين يزورون المملكة) ، إضافة إلى تراجع السياح القادمين من كل من ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا، مقابل ارتفاع القادمين من كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية وهولندا. وأوضح "نظيف" أن بعض الدول المجاورة تقدم عروضاً سياحية بجودة كبيرة وثمن منافس لبلاده، وبدأ مواطنو بلاده بزيارة اسبانيا مؤخراً، بسبب الأسعار المنخفضة للخدمات بقطاع السياحة بهذا البلد. وحذر الأستاذ الجامعي من استمرار تراجع معدل السياح الوافدين إلى بلاده "إذا لم يتخذ المسؤولون التدابير لتحسين الجودة واعتماد أسعار مقاربة لدول المنطقة وتحسين شروط الاستقبال". وفي 21 من الشهر الماضي، قال لحسن حداد وزير السياحة المغربي في مؤتمر صحفي: "على الرغم من الظروف العالمية الصعبة، تمكن المغرب من الحفاظ على مستوى مشرف على السياحة الدولية، واستطاع بلوغ هدف 10 ملايين سائح في 2015 الذي كان بمثابة حلم يراود المغرب منذ 2001". ولفت حداد إلى أن عدد السياح الوافدين إلى المغرب كان يسير بوتيرة أكثر تصاعداً "لولا الأحداث الإرهابية التي عرفتها بعض العواصم العالمية كباريس والأزمة الاقتصادية لدى عدد من شركاء المغرب من الدول". وبيذن أن القطاع السياحي يساهم ب 62 مليار درهم (6.3 مليار دولار) في الناتج القومي الخام للبلاد، كما يشغل أزيد من 500 ألف من اليد العاملة. وأعلن السفير المغربي لدى روسيا، عبد القادر لشهب، في مؤتمر صحفي، نهاية الشهر الماضي، أن بلاده تتوقع زيادة في تدفق السياح الروس إلى المغرب بنسبة تصل إلى 60%، منوهاً بحالة الاستقرار الأمني التي تتمتع بها المملكة. وقال لشهب "ننتظر هذه السنة ما بين 80 و100 ألف سائح روسي بزيادة تبلغ نسبتها 50٪ - 60٪". بينما يُنشط السياح المحليون السياحة في المغرب، ويساهمون حسب وزارة السياحة، بإيرادات سنوية تصل إلى 3.1 مليارات دولار، ويقضون 5.3 ملايين ليلة سياحية في الفنادق المصنفة، مما يدفع وزارة السياحة إلى المراهنة على العروض التي ستقدم لهم في الصيف الحالي.