أكد هاني أبو زيد، صحافي مصري زار مخيمات تندوف، أن عملية استقطاب إعلاميين وناشطين تتم عبر النصب والاحتيال عن طريق دار نشر اسمها "دار نشر راتمان" التي تتولى إدارتها الشاعرة النانة الرشيد. وحكى هاني أبو زيد عن الأيام التي قضاها في ضيافة جماعة البوليساريو، وعن الوضع المأساوي الذي تعيشه الساكنة هناك، والتي قدر عددها أبو زيد بنحو 50 ألف نسمة، كما تطرق، في لقاء خاص مع هسبريس، لعملية النصب والاحتيال التي تعرض لها من قبل الناشطة في البوليساريو. وإليكم الحوار. زرتم مخيمات تندوف.. وبعد عودتكم إلى مصر كتبتم كتابا بعنوان "عصابة البوليساريو: شهادة صحفي مصري من داخل مخيمات تندوف".. سؤالي كيف جاءتكم فكرة زيارة مخيمات تندوف؟ في الحقيقة أذكر أني تلقيت دعوة قبل عام ونصف عبر زميل وصديق مصري من دار نشر يوجد مقرها بالجزائر اسمها دار نشر رامتان، تديرها الشاعرة النانة رشيد، وهكذا اتصل بي صديق مصري وأخبرني بزيارة إلى الجزائر لحضور مؤتمر بدعوة من دار راتمان التي يوجد مقرها بالعاصمة الجزائرية. سافرنا نحن أربعة صحافيين مصريين لحضور هذا المؤتمر، ولما وصلنا مطار هواري بومدين وجدنا في استقبالنا أحد المسؤولين، وأخبرنا بأنه مندوب الجمهورية الصحراوية، كانت مفاجأتنا أننا لا نعرف هذا الكيان، لأن الرأي العام المصري بمجمله لا يعرف هذا الكيان، وأنا أيضا لم يسبق لي أن سمعت به من ذي قبل. أين ذهبتم بعد ذلك؟ ذهب بنا هذا الشخص إلى فندق بالعاصمة الجزائرية، وبقينا هناك إلى حدود الساعة الثانية ونصف فجرا. وبعدها ذهبنا إلى المطار مرة أخرى واتجهنا ناحية تندوف، وهكذا وصلنا إلى المخيمات بعد ساعتين ونصف تقريبا. لم تحضروا المؤتمر كما قيل لكم؟ لم نحضر المؤتمر، وجدنا أنفسنا ضحية عملية نصب باسم الثقافة والفكر ودار رتمان والشاعرة النانة الرشيد، كما قيل لنا كذبا وزورا. يعني في البداية لم يكن في علمكم أنكم ستذهبون إلى المخيمات في تندوف؟ لم نكن نعرف أننا ذاهبون إلى المخيمات، كنا على علم أننا سنحضر مؤتمرا ثقافيا من تنظيم دار رتمان التي تديرها الشاعرة النانة الرشيد. وصلتم إذن إلى المخيمات.. صف لنا الأجواء هناك؟ لما وصلنا إلى تندوف، كنا نتصور أننا سنذهب إلى فندق نقيم فيه، غير أننا وجدنا أنفسنا في ضيافة الأهالي هناك، والحالة الغريبة التي لاحظناها هناك أن النساء هن من يستقبلنك ويخدمنك على غير عادتنا في المشرق.. لم تكن لدينا معلومات كافية عن هذا المكان من قبل، ولا عن البوليساريو. هل كنتم أنتم المصريون الأربعة أم كان معكم إعلاميون ونشطاء آخرون؟ كان معنا نشطاء من الجزائر وصحافيين من موريتانيا ونائب برلماني موريتاني. بقيتم مقيمين مع الأهالي أم ذهبتم إلى مكان آخر؟ طلبنا الإقامة في فندق لكنهم رفضوا بدعوى أنهم يمتثلون إلى العادات والتقاليد المرعية التي تحض على الاعتناء بالضيف في مساكن مع الأهالي والساكنة. هل تحدثتم مع السكان والأهالي لتتعرفوا على حقيقة الوضع هناك؟ لم يكونوا يسمحون لنا بلقاء الساكنة أبدا، كانت تجلس إلى جانبنا شابة تطالع في الحاسوب وتفتح عدة صفحات وهمية في فيسبوك باسم سفارات البوليساريو في دول متعددة، وهذه صفحات وهمية من إنشاء هذه الشابة، مثلا تجد سفارة الجمهورية الصحراوية في دولة جنوب أفريقيا، في الجزائر، في بعض الدول الأجنبية.. وهكذا. من هي هذه السيدة التي تفتح حسابات في فيسبوك لسفارات وهمية للبوليساريو؟ هي السيدة النانة الرشيد طبعا. طيب.. كم لبثتم في المخيمات؟ عشنا أربعة أيام في المخيمات.. لاحظت حالة مأساوية جدا يعيشها أطفال المخيمات، الأمية ضاربة أطنابها هناك، لا مطاعم ولا فنادق ولا شوارع، لا نستطيع التحرك هناك، كانت الحراسة مضروبة علينا أينما تحركنا، كانوا يمنعونا من اللقاء بسكان المخيمات، أشكال الحراسة غريبة جدا؛ حيث يتكفل بها أناس لا يعرفون الكتابة أو القراءة، وجوههم عابسة والشر يتطاير من أعينهم، ما لاحظته هناك لا يوجد أي مقوم من مقومات الدولة. هل بقيتم في المخيمات أم انتقلتم إلى مكان آخر؟ بل انتقلنا إلى مكان يسمى مدينة تافريتي، سألناهم عن المسافة الفاصلة بين المخيمات وتافريتي قالوا في حدود 120 كلم، وهكذا خرجنا في تمام السادسة صباحا رفقة الوفد عبر ما يزيد عن 40 سيارة، ووصلنا مرهقين جدا مع غروب الشمس، كانت الطريق وعرة جدا وغير معبدة، لم نجد مدينة تافريتي بقدر ما وجدنا ثكنة عسكرية فقط، بقينا هناك أربعة أيام، وجدنا وفودا من موريتانياوالجزائر.. لم تكن هناك أية وسيلة اتصال، لا هاتف ولا إنترنيت، كنا منقطعين عن العالم. حضرنا مناورة عسكرية هناك بمعدات قديمة جدا، وبعدها زرنا ما يسمونه بالمتحف العسكري حيث توجد طائرة محطمة قيل إنها مغربية.. صف لي حال السكان هناك؟ حال تبعث على الرثاء حقيقة، حياة لا آدمية، بيوت طينية وخيام، بيت واحد يتكون من طابق هو بيت الرئيس السابق محمد عبد العزيز.. هل التقيتم بالرئيس السابق للبوليساريو؟ كان من المقرر أن نلتقي به. لماذا لم تلتقوا به؟ لأننا قطعنا الزيارة حين أدركنا أن هؤلاء الناس ليسوا أصحاب قضية، شعرنا بأنهم ضحكوا علينا، كنا نتوقع أن نحضر مؤتمرا في الجزائر فإذا بنا نوجد في مكان آخر. وهكذا قررنا أن نعود إلى العاصمة الجزائرية، وعدنا في سيارة عبر الصحراء وكنا قريبين من الجدار العازل على الحدود المغربية، تهنا وسط الصحراء وحصل عطب للسيارة، قررنا أن نسلم أنفسنا للسلطات المغربية، هذا لم يحصل، قرر السائق أن يكمل الطريق إلى المخيمات تحت حراسة الوكالة الصحراوية للحماية. في تقديرك أنت.. كم عدد السكان في المخيمات؟ في تقديري أنا لا يتعدى عدد السكان خمسين ألفا، وقلتها للأخت النانة صراحة. ماذا قلت لها؟ قلت لها ليس عندكم مقومات دولة. كيف جاءت فكرة الكتاب الذي أصدرته مؤخرا عن زيارتك إلى تندوف؟ لما وصلت إلى القاهرة، اتصلت بي الشاعرة النانة الرشيد، أخبرتها بأني سأكتب عن الزيارة، كانت تترجاني ألا أكتب أي شيء لأني سأؤذيها، حسب ما قالت لي، قلت لها إنك يا سيدتي لست صاحبة قضية. لقد أدركنا من خلال الزيارة إلى تندوف أن النانة الرشيد تستقطب صحافيين وكتابا مصرين عن طريق عمليه نصب، ويفاجأ الزائر بأنه وسط عصابات مسلحه ليس أمامه سوى استكمال الزيارة.