تصوير: منير امحيمدات من يتابع أطوار محاكمة الصحفي رشيد نيني صاحب العمود الأشهر في المغرب "شوف تشوف"، يسجل بدون أدنى جهد حضور جماعة العدل والإحسان القوي في هذا الملف منذ الأيام الأولى لتفجره. حيث إن الجماعة لم تكتف بإدانة اعتقال رشيد نيني، بل كانت أول من شجب ما حدث على لسان هيئة تحرير موقعها الالكتروني الرسميaljamaa.net بلهجة شديدة النبرة واعتبرت اعتقاله محاولة لوأد الأقلام الحرة. ثم بعد ذلك كان البيان الصادر عن "مكتب الإعلام" وهو أعلى هيئة إعلامية داخل الجماعة تختص بتسطير السياسات الإعلامية والدعاية للجماعة ورموزها الذي أدان هو الآخر بشدة الاعتقال واعتبره شاهدا على زيف شعارات الديمقراطية والحرية في المغرب، ومؤامرة لتصفية الحسابات : ".ولا يخفى على كل متتبع أن الذين مسهم رشيد نيني وفضحهم في مقالاته الأخيرة هم من يريدون الزج بهذا الوطن إلى ما لا تحمد عقباه. إنها مناسبة أخرى ليعرف من صدقوا بهرجة 'الإصلاحات' التي يهلل لها المخزن " وكانت الهيئة الحقوقية -وهي منظمة مختصة بالدفاع عن حقوق الإنسان داخل الجماعة- أكثر حدة إذ أنها لم تكتف بالإدانة فقط بل أرسلت رسالة مبطنة إلى الدولة تعلن عن تبنيها لملف رشيد نيني حين دعت "كافة المنظمات الحقوقية المغربية والدولية، وحركة 20 فبراير، وكافة الشعب المغربي لوقفة حازمة من أجل وقف فوري للمحاكمات الصورية، وكشف حقائق الفساد والنهب والانتهاكات الحقوقية، وحقيقة الخلايا الإرهابية، والتفجيرات الإجرامية ومن يقف وراءها" ثم كان الموقف العملي المتمثل: أولا:في المشاركة القوية للعديد من قيادات الجماعة السياسية في الوقفات الاحتجاجية والندوات الصحافية ك الدكتور محمد منار والأستاذ عمر احرشان عضوي الأمانة العامة للدائرة السياسية والأستاذ حسن بن ناجح مدير مكتب الناطق الرسمي باسم الجماعة. ثانيا: الحضور اللافت لهيئة دفاع الجماعة في جلسات المحاكمة ممثلة في عشرات المحامين على رأسهم المحامي المعروف محمد أغناج، وهو حضور لا يلاحظ إلا في محاكمة الجماعة. ثالثا: تنظيم العديد من الوقفات التي تحمل بصمات الجماعة من حيث الكثافة والنظام في كل من البيضاء والرباط وبن سليمان. مما يطرح السؤال حول علاقة الجماعة بهذا الصحافي المشاغب المغضوب عليه رسميا من لوبيات السلطة والفساد. هل الأمر يدخل في إطار مواقف الجماعة المبدئية الداعمة لحرية الصحافة والصحفيين في المغرب؟ أم أن الأمر يتعلق برد الجميل للصحافي رشيد نيني، إذ أن العدل والإحسان هي التنظيم الوحيد الذي لم يتعرض له نيني ولا لرموزه في عموده بسوء على الإطلاق، ولم يشارك في حملات المخزن الإعلامية على الجماعة من قريب أو بعيد؟ أم أن الجماعة تحاول قطع الطريق عن المخزن الذي يحاول الاستفراد بصحافي -مع ما يمكن أن يسجل عليه من ملاحظات- يظل معولا إعلاميا من أهم معاول هدم الفساد وفضحه في هذا البلد؟ أم أنها من خلال مناصرة إعلاميين مثل رشيد نيني تخدم الجماعة أجندتها السياسية القائمة على فضح المخزن وتعرية وفضح الشعارات الفارغة التي يروج لها المخزن؟ أم أن الأمر يعود للروابط العائلية إذ أن مجموعة من أفراد نيني هم أعضاء نشطون في العدل والإحسان؟. كل هذه احتمالات قائمة وتحتمل النقاش، لكن ما يحسب للجماعة أيا كانت أسبابها أنها الهيئة السياسية الوحيدة، التي عبرت قولا وعملا، عن مساندتها اللامشروطة لصحافي من أبناء الشعب ظل وفيا لجذوره الشعبية، ومدافعا صلبا عن هموم أبناء الشعب والطبقات المطحونة، ورفض أن يكون بوقا من أبواق الدعاية المخزنية الصفراء الرديئة. *كاتب مغربي