أوصت لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب ب"الاستمرار في دعم المواد ذات الطابع الاجتماعي، من دقيق وسكر وغاز البوطان، مع إيجاد الحلول المناسبة لترشيد هذا الدعم في أفق تفعيل برنامج الاستهداف". وجاء في تقرير أعدته اللجنة حول صندوق المقاصة، وتمت مناقشته اليوم الأربعاء خلال جلسة عمومية بمجلس النواب، أنه يتعين وضع برنامج عملي، واضح المعالم بآفاق زمنية محددة، لإصلاح منظومة المقاصة، ودراسة إعداد برنامج واضح للدعم المباشر، يستهدف الفئات الفقيرة والطبقة المتوسطة، مع إيجاد آلية فعالة وآمنة لتفعيل الاستهداف. كما أكدت اللجنة، التي استندت في إعداد التقرير على مجموعة من الوثائق والتقارير الصادرة بالخصوص عن المجلس الاعلى للحسابات ووزارة الاقتصاد والمالية، والوزارة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة، على ضرورة وضع إجراءات مواكبة للمقاولة لدعم تنافسيتها، وتوجيه الاموال الموفرة من رفع الدعم إلى الاستثمار في الاوراش المهيكلة للاقتصاد الوطني، ولتحسين تنافسية المقاولات، وإنجاز مركب مينائي للغاز الطبيعي. كما شددت اللجنة على استهداف مستوى معين من تكاليف وتحملات المقاصة بتبويب مستقل في قانون المالية، بدلا من استمرار إدماجها في فصل التحملات المشتركة، وربط هذه التحملات بالنسبة للسنة المالية المتعلقة بها، مع تسجيل الاعتمادات الكافية في الميزانية لتغطية التحمل الحقيقي للمقاصة، وتفادي متأخرات جديدة على مستوى الاداء. ودعت اللجنة إلى تحيين الترسانة القانونية والتنظيمية الخاصة بصندوق المقاصة والمكتب الوطني للحبوب والقطاني، وتفعيل المراقبة في سلسلة المواد المدعمة (الدقيق والسكر وغاز البوطان). كما شددت على ضرورة إحداث لجنة اليقظة المتعلقة بالمقاصة؛ تتكلف بتقديم الاستشارة للحكومة حول الاستراتيجيات والآليات الواجب وضعها من أجل عقلنة نظام المقاصة، وتعميم برامج محددة ذات بعد وطني، خاصة الالواح الشمسية لقطاع الفلاحة وسخانات المياه ،تتكلف بالاشراف عليها مؤسسات عمومية قادرة على تفعيل برامج كبرى، على غرار برنامج الكهربة القروية وبرنامج تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب. ودعت الجنة، أيضا، إلى اتخاذ إجراءات تلزم استعمال المصابيح ذات الاستهلاك المنخفض في الإدارات العمومية والجماعات الترابية، والمؤسسات العمومية الاخرى، وتشجيع تعميمها على مختلف المستهلكين، وإصدار قانون بمنع استيراد المصابيح العادية واستهلاكها. اللجنة أوصت كذلك بالتقليص من استعمال غاز البوطان في الفلاحة، وتشجيع استعمال الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية بدلا عنه، في الفلاحة وفي المنازل والادارات وفي قطاعات اخرى، مؤكدة ضرورة الرفع من مستوى المردودية والانتاجية على صعيد سلسلة القمح الطري والزراعات السكرية. من جهة أخرى، أكد الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة، محمد الوفا، أنه "لا داعي للتخوف بشأن احتياطي المغرب من المواد النفطية"، مبرزا توفر احتياطي يغطي شهرا واحدا من هذه المواد، وأوضح، ضمن رده على تدخلات مناقشي تقرير لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب حول صندوق المقاصة، أن احتياطي الغازوال يكفي ل32 يوما والبنزين ل 26 يوما والبوتان ل34 يوما. وأكد الوزير أنه يتم أيضا استغلال الطاقة التخزينية لميناء طنجة المتوسط، التي لم تكن مستعملة من قبل، عبر إلزام الشركات بتوفير شهر من التخزين .. وذكر أن مقاربة الحكومة في الإصلاح المتعلق بهذه المواد قامت على التدرج، ابتداء من زيادة الأسعار ثم اعتماد نظام المقايسة الذي كان معمولا في فترة ما قبل التخلي عنه، وصولا إلى مواكبة الشركات في تحديد الأسعار قبل أن يرفع الدعم كليا ابتداء من يناير 2016. وبخصوص غاز البوتان، أشار الوفا إلى أن الحكومة عملت على جمع سلسلة الغاز، التي كانت مشتتة بين الموردين ومراكز التعبئة البالغ عددها اليوم 37 وتجار الجملة والتقسيط، في نص تنظيمي واحد. وسجل أن ملف إصلاح الدعم في موضوع الغاز جاهز لدى الحكومة بناء على أربع سيناريوهات، ولكنها تريثت في إنجازه لعدة اعتبارات اجتماعية، قد تدفع بعض الأسر والفئات، خاصة في العالم القروي، إلى التخلي عن استهلاك غاز البوتان والعودة لاستهلاك الحطب. وأكد الوزير أن الحكومة تعاملت بجدية مع التوصيات التي تضمنها تقرير لجنة مراقبة المالية العامة حول صندوق المقاصة، مشيرا إلى أن 80 في المئة من توصياته تتقاطع مع التوصيات والاقتراحات التي قدمها صندوق المقاصة أثناء إنجاز التقرير. كما نوه بعمل اللجنة الذي يؤسس لثقافة جديدة في مراقبة المالية العمومية، قائلا إنه "رغم الاختلاف في مقاربات الإصلاح، إلا أن هناك اتفاقا على ضرورة إجرائه، لأن صندوق المقاصة أثر بشكل كبير على اقتصاد المغرب والمالية العامة".