مباشرة بعد وفاة محمد عبد العزيز، زعيم جبهة البوليساريو، يوم الثلاثاء الماضي، طفت على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" مجموعة من الوثائق والأخبار المسربة من داخل المطبخ الداخلي للحركة الانفصالية، أقدم على نشرها تباعا شخص اختار اسما مستعارا هو "نور خان". وتظهر عدد من "الوثائق المسربة" عبر تغريدات حساب "نور خان" معلومات حول العلاقات الداخلية للبوليساريو، بالإضافة إلى قوائم سرية، منها لائحة تضم أسماء اللجنة الوطنية التحضيرية للمؤتمر الاستثنائي للجبهة، ووثيقة عن أموال تحول إلى حساب "كبير الجبهة" الراحل في بنك جزائري. وتفيد وثائق "بوليساريو ليكس"، على غرار "ويكيليكس"، بأن زعيم البوليساريو الذي تم دفنه السبت الماضي، في منطقة "بئر لحلو" المغربية، سبق له أن تلقى في 9 يناير الماضي تحويلا ماليا بقدر 55.400 أورو إلى حسابه بالبنك الوطني للجزائر، من طرف جمعية "أصدقاء الشعب الصحراوي" بإسبانيا. وتشير وثيقة أخرى، عبارة عن تذكرة طائرة سبق لزعيم جبهة البوليساريو الراحل أن امتطاها في اتجاه طاراخونا بإسبانيا، انطلاقا من مطار الهواري بومدين بالعاصمة الجزائر، وذلك على حساب ميزانية الدولة الجزائرية، إذ ركب في "الدرجة الاقتصادية" بالطائرة، بقيمة 450 أورو. وتتضمن وثيقة أخرى مسربة تحمل توقيع خطري أدوه، الذي خلف مؤقتا عبد العزيز، مراسلة داخلية تحيل إلى تشكيل اللجنة الوطنية التحضيرية للمؤتمر الاستثنائي للجبهة، يترأسها إبراهيم غالي، الحامل لصفة "مسؤول أمانة التنظيم"، وعضوية العديد من قيادات الجبهة، منهم مصطفى السيد "وزير الدولة"، ومحمد لمين بوهالي "وزير الإعمار". وفي وثيقة داخلية أخرى، يهاجم البوليساريو بشكل ضارٍ المملكة العربية السعودية بعد انتقال وفد من رجال أعمال سعوديين إلى مناطق صحراوية مغربية قصد دراسة سبل الاستثمار فيها، مبرزة أنها خطوة تخالف مقتضيات الأممالمتحدة، باعتبار أن المنطقة "لم تتمتع بعد بحق تقرير المصير". ولم تكتف الوثيقة ذاتها بمهاجمة المواقف الدبلوماسية للرياض حيال قضية الصحراء، ودعمها لأطروحة الحكم الذاتي التي قدمتها المملكة، بل إنها هاجمت أيضا الإمارات العربية المتحدة لموقفها المؤازر للمغرب. وقالت الوثيقة الداخلية للجبهة إن السعودية والإمارات يسهمان في "إطالة مأساة الشعب الصحراوي". ودعا عبد العزيز، قيد حياته، وفق الوثيقة المنشورة على حساب "نور خان"، السعودية والإمارات، وباقي بلدان الخليج، إلى "الوقف الفوري لمثل هذه الأنشطة غير القانونية وغير الأخلاقية، التي تصب الزيت على النار في منطقة نزاع دولية"، مهددا باتخاذ "الخطوات القانونية اللازمة لنقل هذه الانتهاكات إلى المحاكم الدولية". وتضم الوثائق المنشورة الأخرى بعضا من الأنشطة الداخلية للجبهة الانفصالية، منها تنظيم ما سمي اللجنة الوطنية التحضيرية للمؤتمر الرابع عشر في دجنبر الماضي، فضلا عن مشاركة الانفصاليين في مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، المنعقد في فبراير الماضي في أديس أبابا. ويرى مراقبون أن هذه الوثائق التي حرص ناشرها على وسمها بالسرية، توضح بجلاء خفايا الجبهة الانفصالية، واستشراء الفساد فيها، من قبيل تحويل أموال ضخمة إلى حسابات زعيمها الراحل، ومدى اعتماد البوليساريو على الدعم اللوجستيكي للجزائر، وهي الوثائق التي قد تربك حسابات الجماعة الداعية إلى الانفصال عن سيادة المملكة.