بعد مرور أكثر من سنتين ونصف عما سمي بزواج الصغيرة؛ انكشف للعيان أن هذه القضية مفبركة مفتعلة! جعلت ذريعة للنيل من أكثر من 67 جمعية لتحفيظ القرآن الكريم، وأن هذه المؤامرة حيكت من طرف حزب الأصالة والمعاصرة بإيعاز ومباركة مادية ومعنوية من جهات خارجية. فقد سبق لكل من فؤاد عالي الهمة وإلياس العماري أن صرحا دون مواربة وفي أكثر من مناسبة بأنهما حلا في الحقل السياسي لمحاربة ما أسموه "المد الوهابي"؛ ونحن نتذكر جميعا أنه مباشرة بعد صدور القرار الجائر بإغلاق أكثر من 67 جمعية في مجموع التراب الوطني بدعوى صلتها بالدكتور المغراوي، تقدمت مجموعة من الفرق النيابة في البرلمان بأسئلة شفوية حول قرار الإغلاق، فعلقت جريدة الأحداث في عددها رقم 3553/أكتوبر 2008م على مواقف كل من فريق الأصالة والمعاصرة وفريق الاستقلال وفريق العدالة والتنمية، بقولها: "فيما فضل الفريق الاستقلالي بمجلس النواب عدم التعبير عن موقف سياسي إزاء إغلاق مصالح وزارة الداخلية لدور القرآن؛ حرص فريق الأصالة والمعاصرة على التعبير عن موقف حداثي وحازم ومؤيد للموقف الرسمي من هذه المسألة وهو ما كاد يكلفهم هجوم فريق العدالة والتنمية الذي عبر عن موقف محافظ". وقد وصف أحمد التهامي عن فريق الأصالة والمعاصرة فكر رواد دور القرآن الكريم آنذاك بالفكر المتطرف والمتخلف (الأحداث)، واعتبر النائب البرلماني وضع دور القرآن وضعا شاذا غير مقبول لا أخلاقيا ولا قانونيا!!! وعلقت جريدة الأحداث وغيرها من المنابر العلمانية على الموقف المتحامل و"المفبرك" لفريق الأصالة والمعاصرة ب"الحداثي" وساندت طرحه بقوة، وطبلت وزمرت لطرحه في كثير من أعدادها؛ ليتضح جليا للرأي العام الوطني كيف وُظِّف الإعلام العلماني المغرض في النيل من دور لم يكن همها سوى خدمة كتاب الله تعالى ولم تكن لها صلة من قريب ولا بعيد بما يسمونه "وهابية". هذا الإعلام اللامسؤول -الذي جعل همه التسويق للفكر والسلوك المنحرف بكل أشكاله- تواطأ مع حزب الأصالة والمعاصرة لمحاصرة ما أسموه زورا وبهتانا "المد الوهابي" والذي يقصدون به الصحوة الإسلامية بكل أشكالها وأطيافها. وهذا الحزب الذي جمع شتات العلمانيين الحاقدين والانتهازيين والوصوليين جعل شعاره الحداثة ومحاربة التدين وإقصاء ومحاصرة كل من يتجرأ على نشر أو حتى دعم ما يخدم دين المغاربة من قريب أو بعيد، وأما تستره وتواريه وراء الخطب الملكية والدفاع عن المذهب المالكي وثوابت البلاد فلا شيء يدعمه من الناحية العملية اللهم إلا النفاق، لكون الملكية والمذهب والثوابت كلها تتعارض مع المرجعية العلمانية. فلم يكن هجوم هذا الحزب العلماني ومن ورائه الصحف الداعمة له والقناة الثانية على الدكتور المغراوي دفاعا عن البنات الصغيرات؛ لا أبدا.. وإنما هو دفاع عن رؤية العلمانيين للكون الذي يريدونه دون إله، وعن الإنسان الذي يريدونه متحللا من كل خلق ودين، وعن الحياة التي يريدونها شهوة ولذة. والمغرب اليوم يمر بمرحلة تاريخية مفصلية؛ تعاد فيها صياغة الدستور ويسرح السجناء الرأي؛ وتفتح صفحة جديد مع كل الأطياف الإسلامية واليسارية على حد سواء؛ فلا ينبغي أبدا ونحن نمر بهذه المرحة الحرجة أن تقصى الجمعيات القرآنية من مسار الإصلاح هذا؛ وقد بات واجبا اليوم أكثر من أي وقت مضى أن يعاد فتحها ويرفع الجور والظلم الذي طال المستفيدين من أنشطتها.