في كثير من الأحيان يتجنب الإنسان الاتصال ببعض أصدقائه وقد يطول الزمن وتنقطع العلاقة بسبب الانغماس في أشغال الحياة اليومية، أو لأسباب أخرى. فهل هناك داع لتأنيب الضمير؟ هناك من يقول لا. ويبرر الأمر بالأسباب التالية. من الضروري أن يراعي الصديق حقوق الصداقة وواجباتها. ولكن في بعض الأحيان تدوم فترة انقطاع التواصل مع صديق نتيجة الانغماس في أشغال الحياة اليومية أو لأسباب عائلية أو شخصية. ومن منا لم يعش مثل هذه الحالة ويرى أن التواصل انقطع مع صديق له فجأة دون وجود أي مبرر، ومن منا لم يُجب على مكالمات أو رسائل توصل بها وطال وقت الرد عليها حتى صار يؤنب نفسه. الموقع الألماني المختص بالقضايا الاجتماعية "بونته" يقول إنه لا يجب على الشخص تأنيب ضميره عند انقطاع التواصل بصديق لمدة طويلة. ويدعم ذلك بخمسة أسباب، هي: 1. الطرفان مسؤولان عن هذا الوضع بما أن الصداقة قيمة سامية عليا وتتطلب من الجانبين مراعاة حقوقها وواجباتها فمن المفروض أن يبذل الطرفان جهدا كافيا للمحافظة عليها. وفي حال تأخر أي طرف في السؤال عن الطرف الآخر فلا داعي لتأنيب كل طرف لنفسه وإنما أخذ المبادرة والسؤال عن الصديق، حتى وإن تأخر في الجواب على مكالمة هاتفية أو رسالة إلكترونية. 2. كل إنسان يتطور ويتغير عبر الزمن يجب مراعاة أن التغيير يكون تدريجيا وليس فجأة وبدون سابق إنذار، فكل شيء يتطور ويتغير. والتغيير سمة الحياة، فقط من هو عديم الحركة ثابت. والصديق الذي لا نراه إلا بعد مرور فترات طويلة من الطبيعي أن تتغير صورته الحياتية ومن الطبيعي أن تتغير شخصيته ونظرته للحياة، وقد تصبح لديه آراء مختلفة حول أشياء كنا نتفق عليها سابقا. 3. الحنين إلي الماضي ليس شرطا للصداقة من الطبيعي أن يتجاذب الأصدقاء أطراف الحديث ويتغنوا ويستمتعوا بماضيهم والمغامرات التي خاضوها في فترة الطفولة والمراهقة والشباب. ولكن إذا سيطر جو الحنين إلى الماضي على معظم محادثاتهم فهذا يعني أن الطرفين يقومان باستعراض ذهني من خلال محادثاتهما ولا يتقاسمان سوى شظايا الماضي دون الإلمام بمواضيع حديثة تخصهم. 4. لا يمكن إرضاء الجميع يذكر موقع "بونته" الألماني أنه ليس بوسع أي كان أن يتعامل في جميع الصداقات بنفس الوتيرة وأن يرعى كل واحدة على حدة وأن يحافظ على كل الصداقات في وقت واحد. في بعض الأحيان يرتبط الإنسان تصداقات جديدة ويضطر لإنهاء صداقات أخرى، فلا غرابة لأن هذه هي سنة الحياة. 5. ولكن الحال يختلف بين الصديقين الحقيقيين عندما تكون الصداقة مبنية على أسس حقيقية، وعندما يكون كلا الطرفين متفهما بأن التباعد الذي يحدث سببه ظروف شخصية؛ في هذه الحالة لا يعني الغياب الذي يدوم أسبوع أو شهر أو أكثر شيئا. لأن الطرفين واعيان كل الوعي بأن هذا الانقطاع لا يعني الغياب عن البال. * ينشر بموجب اتفاقية شراكة مع DW عربية