لم تكن تشبه أحداً حتى في رحيلك. التقينا عابري سبيل، ثم ها أنت أخذت المنعطف الأيمن، ونحن تواعدنا على الصمود حتى نهاية الطريق. يا لتعساً لذلك المساء الرباطي. كم كنت به من قبل حفياً. فإذا به اليوم، أطنان حزن، وآهات ثكل وفجع. ألم تقل لي، مساء الخميس، إنك غسلت قلبك من العمل الحكومي، وارتديت الازار الأبيض، متوشحاً بالنقاء نحو عالم أرحب. لا شبهة فيه ولا غل ولا حسد. رحمك الله. انك لم تقل لي إنك تعني "الكفن"! لك الله من راحل. حين غبت أسابيع. سيكون الرحيل أقل وقعاً لو لم تعد، تؤكد حديثك الى رئيس الحكومة، بشأن صعلوك هذا السطور. بحثاً عن حوار طال انتظاره. رحمك الله. لم تقل لي أنك جئت من وراء هذا "الأزرق" لتودعني، وان بذريعة الرد على نقاش الحوار مع ابن كيران. يا محمد. لئن اجبت، فلن تضيف غير خصالك التي أعيت رجالاً وأشداء. تلتقيهم ساعة ثم تترك في قلوبهم آثاراً لا تمحى الشهور والسنوات. ماذا تركت لي لأقول لكل الرباط، ومعارض الكتاب. وشارع فرنسا. ومقاهيه وأشيائه وانواره. ثم هذا الخبز الصحافي الذي نتقاسمه. ثم بأي لغة أقدم نعيك للذي جمعنا ذات يوم "ناصر البراق"، ومن ورائك يقول بجرسه التلقائي "طيب. ايش رايك فيه. طيب" كما كنت ستقول "ياك ضريف"، وهو الذي سألني بشق الأنفس: أو تعرف صاحب الصورة؟ أجبت وكيف لا أعرفه. ليضيف: "مات". للحظة لم اهتم. ظننت أن قرب حديثي اليك بالأمس كان شفيعاً لي، لألاقيك ثانية. واكذب رحيلك. لأسأله كرة أخرى: هل تمزح. وأنا الذي يدري أنه لا مزاح مع مهاب كالموت! إذاً رحلت. رحمك الله يامحمد. كنت أخاً في الحياة. وموعظة في الممات. غادرتنا ثم تركت لنا توقيعك الذي طبقته حرفياً "الحياة قصيرة وعمرنا فيها أقصر فاغرسوا فيها ما استطعتم من الخير". من يكون سواك غير الاعلامي المغربي الخلوق جداً، محمد الاسماعيلي العلوي، المستشار الاعلامي لدى عدد من وزراء الحكومة في عهدها الجديد، الذي وافاه الأجل بغتة صباح السبت الماضي. إنا لله وإنا اليه راجعون. *صحافي مغربي، مقيم في السعودية.