من فقر مدقع إلى تربع اسمه على قوائم أغنياء العالم: إنه ميلود الشعبي الذي فارق الحياة يوم أمس عن سن يناهز 86 سنة، يطابقه وصف "الرجل العصامي"؛ فالرجل الذي ولد بنواحي الصويرة كان في بداياته فقيرا يرعى الغنم، لم يرتد يوما مدرسة أو قسما، تحول إلى ملياردير يرد اسمه في قوائم أغنياء العالم. توارى الشعبي مؤخرا عن الأنظار وأسند إدارة أملاكه إلى أبنائه، إذ ترك بحوزتهم مجموعة "يينا" التي أسسها بنفسه، وهي عبارة عن هولدينغ يضم أكثر من 70 شركة تعمل في أهم المجالات الاقتصادية. تأسيس الشعبي ل"يينا" لم يكن سهلا؛ فالرجل عاش أياما عصيبة في بدايات حياته، إذ سبق أن صرح لهسبريس قائلا: "لقد كانت أسرتي تعيش فقر الصومال، حتى إن أخي توفي متأثرا من الجوع. ماتت البهائم ومرضت. 8 سنوات متتالية من الجفاف والعطش عشناها. لقد كنا نموت من الجوع والعطش". "السنوات العجاف" التي عاشها الشعبي جعلته يفكر في مغادرة مسقط رأسه للبحث عن لقمة العيش في مكان آخر، فكان أن اختار مراكش كأول محطة سرعان ما سيغادرها متوجها إلى القنيطرة التي كانت فأل خير عليه. فبعدما بدأ يعمل مياوما في مجال البناء، وهو المجال الذي سيدر عليه ذهبا في وقت لاحق، أسس، عام 1948، أول شركة خاصة به في مجال البناء، ما فتئت تتطور إلى أن أصبحت اليوم عبارة عن "هولدينغ". وسع الشعبي ثروته بإنشاء سلسلة فنادق "موغادور" والمراكز التجارية "أسواق السلام"، وبات من المستثمرين الأوائل في مجال السكن، خاصة السكن الاقتصادي من خلال "الشعبي للإسكان". خاض الشعبي غمار عالم السياسة، فدخل مجلس النواب عام 2001، ثم انتخب نائبا برلمانيا ممثلا لمدينة الصويرة عام 2007، تلتها محطات سياسية عديدة من بينها انتخابه ناطقا رسميا باسم مجموعة نيابية مستقلة مكونة من خمسة نواب حملت اسم "المستقبل" ساندت حكومة عبد الإله بنكيران في بداياتها قبل أن يعلن استقالته من البرلمان في دجنبر 2014، ويتوارى عن الأنظار، وهو ما عزاه كثيرون إلى تدهور حالته الصحية. قصة ميلود الشعبي التي تشبه إلى حد ما قصص الروايات والأفلام، انتهت يوم أمس بعد أن وافته المنية خارج أرض الوطن، ليخلف وراءه عائلة كبيرة وأعمالا اجتماعية كثيرة تعنى بها مؤسسته "ميلود الشعبي للأعمال الاجتماعية والتضامن" التي تم تأسيسها عام 1965 وهي تتمتع بصفة جمعية ذات المنفعة العامة، لها عدة فروع في جغرافيا المغرب، وتؤدي دورا مهما في مجال تغذية الطلاب والأطفال المتمدرسين وإيوائهم.