"أخاصمك اه..اسيبك لا"،عذرا نانسي ان استعرت جملتك للحديث عن علاقتي الشخصية بقنواتنا التلفزية،فانتقادي لها بين الفينة والأخرى لا يعني بتاتا أنني أتنكر لجميلها بعدما كانت السبب الأول وراء اكتشاف المغاربة للتلفاز منذ انطلاق القناة الأولى سنة 1962،وبعدما طورت كثيرا من لغتنا العربية فاكتشفنا مصطلحات جديدة من قبيل "اوشلا يمتطي لمباركي" و "غابة من الأرجل"،وبعدما ركزت في أذهاننا برامج ممتازة من قبيل "أسبوع الفرس" بموسيقاه الجميلة،و"حالة الطقس" بكل ما تحمله من (تنبؤات صادقة)،بالإضافة الى الخطابات الميلودرامية لمصطفى العلوي... لذلك،ف"التقويسة" على بعض برامج قنواتنا،ليست من تلك التقويسات التي تصيبها بالمرض،على اعتبار أنها مريضة أصلا،وإنما هي مجرد ملاحظات على الهوامش للتعبير عن تطلعات مواطن لا يتمنى سوى التطور لهذه القنوات... -1 برنامج "الخيط الأبيض" لمقدمته نسيمة الحر والذي يبث كل اثنين على شاشة القناة الثانية،يثير الكثير من التساؤلات،فلو انطلقنا من نية البرنامج وهي نية حسنة وتتعلق بوظيفة الصلح بين الناس،فان هذه الوظيفة لا تناط بالبرامج التلفزية عادة،لأنها توفر للعالم فرصة التفرج على مشاكل الضيوف،وكان هذا بالضبط ما سببه هذا البرنامج،فقد اكتشف العالم ان كثيرا من المغاربة يكرهون بعضهم البعض،وان الأم قد تطرد أولادها،والأب قد يتزوج بامرأة ثانية دون علم زوجته،والأخ قد يكره أخاه بسبب قطعة ارض،ليفلح البرنامج في تقديم صورة سيئة عن المغاربة بدل تلميع هذه الصورة المهتزة أصلا عند الآخر الأجنبي... الصلح بين الناس لا يتم بهذه الطريقة،لان المشاكل يتم حلها في بين جدران الغرف وليس في استوديوهات القنوات،ومن يتقدم للبرنامج بحل مشكلته يزيد من تعقيد الأمر بدل حله،لأنه حتى ولو تم الصلح،فالجميع سيتذكر كيف ان هذا الابن وقف مواجها لامه أمام ملايين المشاهدين لكي يقول لها "اذنبتي في حقي"،وبالتالي فالصورة التي تترسخ عند الناس،هي الصورة الأولية للخصام وليس الصورة النهائية للصلح،هذا دون إعادة التذكير بان النصيحة أمام الجماعة فضيحة،ولا ادري أصلا لماذا يتم التقدم الى هذا البرنامج،ما دامت الكثير من فرص الصلح متوافرة،فلهذا خلق الله العائلات والأصدقاء والأقارب،وحتى لو لم يفعل احد من هؤلاء شيئا،فهناك القانون الذي يصلح بين الناس ضدا عنهم،لكي يريحونا ويريحوا أنفسهم من كل هذا العناء... لذلك نصيحتي إليك نسيمة ،فكري في برنامج آخر يناسب طلعتك البهية وصوتك القوي بدل خيطك الأبيض الذي قد يتحول الى خيط اسود بينك وبين المشاهدين.... -2 فكرة برنامج "كوميديا" هي فكرة متميزة،فاشد ما نحتاج إليه مؤخرا في عصر الفقصة هو بعض الضحك،لكن مشكلة البرنامج هي انه يكرس نفس المعنى الضيق لمفهوم الكوميديا،وذلك بتوقفه فقط على الكوميديا الشفوية وتغييبه لكوميديا المواقف،فللأسف،يبدو ان البرنامج يذهب في اتجاه تكوين كوميديين أمثال الخياري و قشبال وزروال والثنائي لهبال،وهي نماذج مل منها المتلقي المغربي الذي صار يهرب الى يفضل مشاهدة شارلي شابلان وتوم وجيري عوض الإنصات لمثل هذا التنكيت المتواصل... جميل جدا ان تجد فنانة متميزة مثل لطيفة أحرار في مثل هذه البرامج،وجميل جدا ان يتم دعم الطاقات الشابة بالمغرب،لكن الأجمل سيكون توجيه هذه الطاقات نحو الإبداع الحقيقي،وليس "صبغهم" كل مرة بأنهم الأحسن والأقوى والأروع،فللأسف،بلغ التصفيق حدا لا يوصف في هذا البرنامج،فكلما يتحدث المترشح بنصف جملة حتى تعلو التصفيقات من جمهور صارت هذه هي وظيفته الوحيدة.. لذلك فمن المفروض ان يتم البحث عن صيغة جديدة للكوميديا بالمغرب،وإلا فنسقط مرة أخرى في نفس المشكل القائم على إنتاج سيتكومات "كتهجرو" للمغاربة بدل أضحاهم،ومن يقول العكس،فليرى سلسلة "شاف جواج" للسنة الماضية ليدرك أننا لا نتقدم الى الإمام وإنما نعود خطوات الى الوراء... -3 في كل مرة أشاهد فيها قناة المغربية إلا ويسترعيني ذلك الشريط الأحمر أسفل الشاشة والذي تمر فيه مجموعة من الأخبار،فصراحة من العيب ان تكتب الأخبار بهذه الطريقة المليئة بالأخطاء اللغوية وبالتعابير الفضفاضة التي لا تؤدي أي معنى،ولا ادري هل معد هذه الأخبار يعاني من مشكلة في فن التلخيص أم ماذا،لأنه يرتكب مجازر حقيقة في السياق اللغوي بهذه الأخبار،كما أنها تتكرر لوقت طويل دون ان يطرأ عليها أي تحديث،هذا بالإضافة الى عدم أهميتها أصلا ما دام نصفها مليء بالأنشطة الملكية وبتصريحات غير مقنعة لأشخاص غير معروفين حول قضية الصحراء،التي اتاكد يوما بعد يوم،أنها قضية عادلة لكن المحامون الذين يدافعون عنها يعانون من الفشل... وعلى وزن إدريس العراقي،فإذا قلت كل هذا ف"راه غير باش نستهلكوا برامج هاد التلفزة بلا ما نتهلكوا..." [email protected] http://www.facebook.com/ismailoazzam