أصدر المجلس العلمي المحلي للرباط مصنفا تحت عنوان "العقيدة الأشعرية" يتضمن أشغال ملتقاه الثقافي والعلمي الثامن، الذي انعقد من 31 أكتوبر إلى 9 نونبر 2015، بين أبحاث ومحاضرات ومداخلات من لدن علماء وعالمات من ذوي الاختصاص في المجالات ذات الصلة بموضوعه. وجاء في تقديم فعاليات هذا الملتقى، الذي نظم تحت إشراف الأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى، وبتعاون مع المندوبية الجهوية للشؤون الإسلامية لجهة الرباطسلاالقنيطرة، وبتنسيق مع ولاية الجهة، أن اختيار موضوع العقيدة الأشعرية له ما هو إلا لبنة من لبنات نشاطه العلمي، الهادف إلى ربط المواطنين بثوابتهم الدينية والوطنية، في محاولة لربط ما هو نظري فكري وتاريخي في مجال العقيدة، بما هو عملي تطبيقي تربوي انطلاقا من قوله تعالى في سورة آل عمران "شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط، لا إله إلا هو العزيز الحكيم". وإضافة إلى التعريف بالإمام أبي الحسن الأشعري ومذهبه العقدي، تضمن هذا المصنف، الذي جاء في 439 صفحة من القطع الكبير، عدة مداخلات ألقيت خلال هذا الملتقى، الذي أشرف على أعماله الأساتذة عبد الله اكديرة، رئيس المجلس المحلي للرباط، ومحمد أصبان وعبد المجيد محيب والعربي المودن، أعضاء المجلس، تناولت مواضيع من بينها "الوسطية والاعتدال في العقيدة الأشعرية"، و"الإنسان في العقيدة الأشعرية.. نظرية الكسب نموذجا"، و"وسطية مذهب الإمام الأشعري"، و"منهج التأليف العقدي في المذهب الأشعري". كما تناولت هذه المداخلات مواضيع "السياق التاريخي للعقيدة الأشعرية"، و"منهج أبي الحسن الأشعري في العقيدة والسلوك"، و"الإمام الأشعري وتأسيس مشروعية علم الكلام من خلال التأصيل القرآني"، و"الإمام أبو الحسن الأشعري ودوره في حماية المجتمع الإسلامي من الانحرافات العقدية"، و"جهود المغاربة في خدمة العقيدة الأشعرية"، و"مسوغات الحضانة الفكرية من خلال العقيدة الأشعرية"، و"التنزيل الديداكتيكي للعقيدة الأشعرية بالمؤسسة التربوية التعليمية"، و"العقيدة الأشعرية في سياقنا الحاضر" و"استراتيجية التفكير في العقيدة الأشعرية". ومن المقاصد التي توخاها هذا الملتقى، بطرحه لموضوع "العقيدة الأشعرية"، ربط المؤمنين بالثوابت الدينية والوطنية التي أجمعت عليها الأمة المغربية، والتعريف بالإمام أبي الحسن الأشعري، وإبراز خصائص عقيدته (الاعتدال، الوسطية والواقعية ...)، وحاجة الدرس العقدي اليوم لمنهج الأشاعرة. وحرص الأساتذة المشاركون على طرح العديد من التساؤلات وتناول العديد من الإشكالات تجيب عن سر تمسك المغاربة بهذا المذهب، مبينين مرتكزات وأسس العقيدة الأشعرية وخصائصها، ومراحل اعتناق المغاربة لهذه العقيدة، ونقاط قوتها التي منحتها التكيف والاستمرارية. وقد أكدت مختلف المداخلات على أهمية اختيار "العقيدة الأشعرية" موضوعا للملتقى الثقافي والعلمي الثامن للمجلس ليكون الأخير محطة وصل واستشراف برهانا على التعبئة المتواصلة لترسيخ قواعد الإيمان وتعميم النفع والوحدة وتحقيق علم التوحيد والسلوك المستقيم المبني على الاعتقاد السوي. واعتبروا أن هذا الملتقى هو صلة وصل تفيد الاستمرارية في منافحة العلماء المغاربة عن العقيدة الأشعرية ومناصرتها لإدراكهم فضائلها ومقاصدها النبيلة، ولما لذلك من دور في ترسيخ التدين الصحيح وتعزيز الهوية وإشاعة قيم الوحدة والطمأنينة والسلم والإجماع وتحسيس الأجيال القادمة بأهمية هذه المعالم التي هي نبراس يهتدى إليها في زمن يمكن اعتباره من أخطر الأزمنة تعقيدا لما راكمه من انحرافات مهددة للإيمان الصحيح وللسلم والأمان. وأبرزوا أن المذهب الأشعري، لكونه يجمع باتزان واتساق بين الإناطة بصميم المنقول كتابا وسنة، وإعمال صريح المعقول برهانا وحجة، ولكونه نهجا عقديا موسوما بالتوسط، محكوما باجتهاد رحيب، يؤلف في ثلاثية بديعية بين النص والعقل من جهة، وبين النص والواقع من جهة ثانية، مما وطن للأمة لاستنباط مضامين عقدية مستمدة من هدي النبي المختار، ومدرسة صحابته الأبرار، بسط الله له القبول في كل حدب وصوب من ربوع أراضي الأمة. *و.م.ع