خلصت "لوموند أفريك" إلى أن الدفع نحو فرنسة المنظومة التعليمية بالمغرب غير كاف لإخراجها من دوامة الفشل التي يرزح تحت وطأتها التعليم بالمملكة، من سنوات خلت، رغما عن كون جل النقاشات حول الموضوع تشير بأصابع الاتهام إلى سياسة التعريب التي انطلقت الدعوات إلى اعتمادها منذ 1960، وتم تفعيلها ببداية الثمانينيات من القرن الماضي. واعتبرت صحيفة "لوموند أفريك" أن قرار الملك محمد السادس، خلال المجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 10 فبراير المنصرم، قد كان صادما حين عَمد إلى اعتماد تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية، وجعل الفرنسة تطال المستويات الأولى من التعليم الابتدائي مع الشروع في التعاطي مع اللغة الإنجليزية بالمرحلة ذاتها. وأفادت مادّة صحفية للمصدر عينه بأن الملك لا يعارض سياسة وزيره في التربية الوطنية، رشيد بلمختار، بل يشجعه على فرنسة التعليم، واعتبر ضمن خطاب العرش الأخير، بتاريخ 30 يوليوز 2015، أن "إصلاح التعليم يجب أن يظل بعيدا عن الأنانية، وعن أي حسابات سياسية ترهن مستقبل الأجيال الصاعدة بدعوى الحفاظ على الهوية". "لوموند" قالت إن مختلف الخطوات الإصلاحية التي اعتمدها المغرب، منذ سنوات طويلة، لم تؤت أُكلها، وبقيت بعيدة عن أي نتائج إيجابية ملموسة، مذكرة بالميثاق الوطني للتربية والتعليم المعتمد ما بين 1999 و2012، بالإضافة إلى "البرنامج الاستعجالي" خلال الفترة الممتدة ما بين 2009 و2012، وأخيرا الرؤية الإستراتيجية لإصلاح التعليم السارية من 2015 حتى 2030. الخبير الاقتصادي المغربي يوسف السعداني نبَّه إلى أن "التعليم المغربي أقل من متوسط تعليم البلدان الفقيرة جنوب الصحراء الكبرى"؛ فيما أشار إلى أن 79 بالمائة من التلاميذ المغاربة البالغة أعمارهم 10 سنوات لا يتقنون أساسيات القراءة، رغم أن الموارد المالية المخصصة للقطاع تمثل 6.3 بالمائة من ميزانية الدولة المغربية، وهي أكبر من تلك المخصصة بفرنسا (5.5 بالمائة) وفي كندا (5.3 بالمائة). ورغم أن الرقم المخصص للتربية الوطنية ضمن ميزانية عام 2016 بلغت 45.8 مليارات درهم، فقد توقع الباحث أن تسوء الأوضاع أكثر خلال السنوات القادمة، لافتا إلى أن "التلاميذ ذوي المستوى الضعيف سيَغْدون بدورهم أساتذة في المستقبل وهكذا"، ومضيفا أن المغرب يحتل مراتب متأخرة في أغلب التقارير الدولية والأممية المتعلقة بالتعليم، وأن اللغة هي المشكل الرئيس في تدني مستواه. الصحيفة الفرنسية أشارت بأصابع الاتهام إلى "الارتجالية المعتمدة في القطاع، وفي تحديد البرامج وتكوين المعلمين وتصميم الوسائل التعليمية، والاعتماد على الذاكرة والحفظ دون اللجوء إلى التفاعل والإبداع والخلق، ناهيك عن المناهج والكتب المدرسية التي بقيت جدّ وفية للغة العربية المستمدة من القرآن، بعيدا عن الدارجة المغربية"، مشيرا إلى أن استعمال اللغة الفرنسية في الإدارات المغربية وفي المجال الاقتصادي والأدبي والإعلامي يجب أن تدفع ب"الابتعاد عن اللغة العربية الكلاسيكية المقدسة نحو الدارجة المغربية المَحكِية". واعتبرت "لوموند أفريك" أن تناقضا صارخا تعرفه السياسة التعليمية بالمغرب، مشيرة إلى إشكالية التعليم المعرب من المدرسة الابتدائية إلى مستوى الباكالوريا، وفي جل كليات التعليم العالي، باستثناء كليات العلوم والطب التي تدرس باللغة الفرنسية، الأمر الذي يساهم في "خلق مشاكل خطيرة للخريجين المسجلين في هذه التخصصات ممن سبقت لهم متابعة دراستهم باللغة العربية خلال المستويات السابقة". ولم تفت المنبر الإشارة إلى مفارقة متمثلة في كون أغلب مؤيدي سياسة التعريب بالمغرب، وصانعي القرار والمسؤولين، يعمدون إلى تسجيل أبنائهم في مدارس فرنسية داخل المغرب، باعتبارها النخبة المغربية التي تتوجه بعد ذلك نحو جامعات مرموقة ومدارس عليا بكل من فرنساوكندا وأمريكا، في حين تلجأ الطبقة المتوسطة إلى تسجيل أبنائها في مدارس خاصة متحررة من الضرائب.