"هاد الشي اللي وقع فمصر وتونس، واللي واقع دابا فليبيا والمغرب راه مؤامرة ديال إسرائيل ضد المسلمين.."، هكذا كان تعليق سائق سيارة أجرة أقلني يوم الأحد 13 مارس من جانب مقر الحزب الإشتراكي الموحد، مضيفا "شتي واحد ولد عمتي جا من ليبيا كيدعي فهادوك المساخيط.. قالي حنا عايشين بيخير مع القدافي، واكلين شاربين، و حتى ليسانس رخيص". هذا لم يقله زميلي في الطاكسي من فراغ بل نقلا عن الرئيس " السيكليس" حميد شباط الذي ما إن فرغ من تبشير المغاربة بأن فاس مذكورة في الحديث النبوي، حتى أوحى إليه شيطانه " الأمي" بأن يخرج على المغاربة قائلا: بأن ثورتي تونس ومصر هما مؤامرة إسرائيلية على الديكتاتوريين العربيين المأسوف عليهما، وأن هذا مذكور في كتاب "بروتوكولات حكماء صهيون"، وهو لمن لا يعرفه كتاب مجهول المؤلف، شبيه بكتب "الضمياطي.. وتقوية الجماع.. وأهوال القبور"، التي يقبل عليها المراهقون والمخبولون، وبعض السكليسات طبعا. غير بعيد، خلال جولة لي على الانترنت أثارتني مقالة في إحدى المواقع العربية، عن كون "انفلونزا الطيور" مؤامرة عالمية نسجتها شركات الأدوية الأميركية والأوروبية لانتزاع ثروات الدول العربية من خلال نشر المرض وإنهاك الموازنات العربية بشراء الأدوية والعقاقير والعلاج. وفي إيران تخوض قوى اجتماعية معارك مستمرة من أجل الحريات السياسية والفردية للتخلص من ثقل عقود من ديكتاتورية آيات الله، هذه المعارك ما هي في الواقع إلا مؤامرة إسرائيلية- أميركية من أجل إسقاط جبهة الممانعة والتصدي التي يجسدها نظام ولاية "الفقيه الرئيس" أحمدي نجاد. خسارة مصر أمام الولاياتالمتحدة في بطولة كأس القارات لسنة2009 مؤامرة أميركية على مصر، لأن أمريكا ضغطت على حكومة مبارك التي ضغطت على المدرب واللاعبين من أجل الانصياع لأوامر الجهات العليا وترك أمريكا تفوز. نفس الشيء فعله اللاعبون المغاربة مع منتخب السعودية في مونديال 1994، حينما انخرط اللاعبون بقيادة المدرب عبد الله بليندة في " مؤامرة الخسارة أمام السعودية، لوجه النفط، ومساندة القضية الوطنية"! القائلون بتقرير المصير في الصحراء هم جزء من "مؤامرة مدبرة من طرف جبهة البوليساريو والحكومة الجزائرية لشق الإجماع المغربي حول الوحدة الترابية للمغرب". البوليساريو والجزائر ومعهم إسبانيا لم يتوقفوا عند هذا الحد بل دبروا مؤامرة أخرى اسمها: حركة 20 فبراير. مسيرة 20 مارس للمطالبة بمزيد من الإصلاحات وإسقاط الفاسي من سلم الحكومة وفسخ مجلس "ممثلي الشعب" مؤامرة على ماجاء به خطاب الملك "التاريخي" ليوم 9مارس 2011 المبشر بإصلاحات، ثقبت سقف مطالب "الأحزاب الشرعية"، تضاربت مواقف السياسيين ونشطاء المجتمع المدني حول مضامين هذا الخطاب "التاريخي"، فهناك من قال أنه محاولة للإلتفاف على نداء الشارع المغربي، وهناك من قال أنه لا يرقى إلى تطلعات المغاربة، وهناك من قال أنه قفزة جادة ستنقل المغرب من مرحلة الانتقال الديمقراطي إلى بر الديمقراطية مباشرة. المهم ان هؤلاء وأولئك اتفقوا أن لا يتفقوا. بعد أحداث 13 مارس بالبيضاء صار كل من الطرفين يدافع بشدة عن نسخته لما حدث، فرجال الأمن صرحوا لوسائل الإعلام المخزني أن تدخلهم كان بناء على توصلهم بخبر يفيد بنية تنظيم جماعة "العدل والإحسان" لمسيرة غير مرخص لها (إنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى...وفي هذه الحالة القمع والهراوة). أما المحتجون فيشجبون وينددون ويستنكرون القمع الذي ووجهوا به من طرف رجال الأمن، وبدورهم صرحوا للصحافة بأنهم لن يسمحوا بمرور هذا الانتهاك السافر لحقوق الإنسان دون محاسبة. هذا الحدث أثر كثيرا على صورة البلد الديمقراطي التي اكتسبها المغرب بعد الخطاب الملكي الأخير، فالإعلام الغربي ركز على التدخل الأمني العنيف، الشيء الذي جعل بعض الجهات تتحدث عن "مؤامرة تدبرها جيوب مقاومة لعرقلة مسيرة الإصلاحات الدستورية التي أعلن الملك عن انطلاقتها". مسلسل "المؤامرة" في العالم العربي تجربة ناجحة في المزج بين دراما المسلسلات التركية، وأزلية المسلسلات المكسيكية..