قال فؤاد السرغيني، المدير العام لوكالة التنمية ورد الاعتبار لفاس، إن المدينة العتيقة لفاس نسيج حضري تاريخي عريق ومتنوع يضم حوالي 11 ألف من المباني التاريخية والمآثر العمرانية، التي تعتبر خير شاهد على عراقة وتفرد التراث المعماري لهذه المدينة. وأوضح فؤاد السرغيني، خلال لقاء تواصلي نظم حول موضوع "المدينة القديمة لفاس .. مشاريع التنمية والتأهيل ورد الاعتبار"، إن من بين هذه المعالم التاريخية والحضارية هناك 11 من المدارس العتيقة و43 مدرسة قرآنية و83 ضريحا وزاوية و176 مسجدا من بينها جامع القرويين الذي يعد تحفة فنية عريقة في الهندسة والمعمار، بالإضافة إلى 40 من الحمامات التقليدية فضلا عن 70 كلم من القنوات والشبكات المائية التي تخترق مختلف المناطق والحومات والدروب المشكلة للمدينة القديمة. وبخصوص غنى وتنوع الموروث التاريخي والحضاري للعاصمة العلمية للمملكة، أكد مدير وكالة التنمية ورد الاعتبار لفاس على الأهمية التي تكتسيها بعض هذه المعالم التاريخية والحضارية خاصة مدرسة البوعنانية بساعتها المائية والتي تعتبر جوهرة المدارس العتيقة بالغرب الإسلامي من حيث طبيعة ونوعية هندستها المعمارية والمواد التي استعملت في بنائها والتي تعكس عبقرية الصانع التقليدي المغربي والأيادي التي خطت مثل هذه التحف الفريدة في مجال المعمار والبناء. وأشار السرغيني، خلال هذا اللقاء التواصلي الذي نظم في إطار ملتقيات حول التنمية الحضرية والمجالات الترابية بحوض البحر الأبيض المتوسط التي نظمت بمبادرة من وكالة المدن والمجالات الترابية المتوسطية (أفيتيم)، إلى مجموعة من المعالم التاريخية والحضارية الأخرى التي هي مبثوثة بالعديد من الحومات والأزقة بالمدينة القديمة كضريح مولاي إدريس الأزهر وقصر المنبهي وسقاية وفندق النجارين والمدرسة المصباحية والعديد من الفنادق القديمة وغيرها من المواقع والمآثر التاريخية الأخرى. وأكد السرغيني أن المدينة العتيقة لفاس تعتبر متحفا تراثيا بما تضمه من مواقع ومعالم أثرية يمكن استغلالها عند الانتهاء من عمليات ترميمها وتأهيلها، وجعلها رافعة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومواقع جدب سياحية وثقافية ذات مستوى عالي. وإلى جانب هذه المواقع والتراث المعماري الغني تتوفر المدينة، يقول السرغيني، على حوالي 1276 ورشة مخصصة لمختلف فنون الصناعة التقليدية وحوالي 40 ألف من العاملين في قطاع الصناعة التقليدية بالإضافة إلى 12 من الدروب المتخصصة في قطاع من القطاعات كالنجارين والمشاطين والشرابليين والعطارين والشماعين والصباغين وغيرها، فضلا عن 9600 من المحلات التجارية وثلاثة مدابغ تقليدية قديمة. وشدد على أن المدينة العتيقة لفاس تشكل نموذجا حيا للمدينة المتوسطية أو لمدن شمال إفريقيا والمدن العربية الإسلامية كما تعد مكونا أساسيا ومحوريا على مستوى جهة فاسمكناس. وأبرز أهمية المقاربة التي تم اعتمادها من طرف وكالة التنمية ورد الاعتبار لفاس من أجل تنفيذ استراتيجية ترميم وإعادة تأهيل ورد الاعتبار لمختلف مكونات الموروث التاريخي والحضاري العريق للمدينة العتيقة، مستعرضا أهم برامج الترميم والتأهيل التي خضعت لها مجمل هذه المعالم التاريخية والتي تم الانتهاء من بعضها في حين لا تزال الأشغال تجري في فضاءات ومواقع أخرى. وأكد السرغيني أن الهدف الأساسي الذي تتمحور حوله هذه الاستراتيجية التي يتم إنجازها وفق مقاربة تشاركية هو ضمان استمرارية هذا النسيج المعماري العريق والمحافظة على أدواره التي اضطلع بها ولا يزال في الحياة اليومية للساكنة من خلال تكريس وضمان الأمن للمقيمين ولزوار هذه الفضاءات مع تحسين شروط عيش الساكنة ومحاربة التلوث وضمان التوازن السوسيو-ديموغرافي بمختلف الأحياء والدروب المتواجدة بالمدينة العتيقة. وقال إن وكالة التنمية ورد الاعتبار لفاس تعمل، من خلال العديد من التدخلات والبرامج، على إنقاذ الموروث المعماري والحضاري لفاس وصيانته والمحافظة عليه مع تسهيل عملية اندماجه في الحركية الاقتصادية والاجتماعية كأحد المكونات الأساسية والمحورية لتنمية وتطوير المدينة القديمة مع تنمية الأنشطة التجارية، وكذا قطاعات الصناعة التقليدية والسياحة والثقافة، فضلا عن دعم وتعزيز تنافسية هذه الفضاءات وجعلها قادرة على استقطاب السياح والزوار من مختلف المناطق. يشار إلى أن عدد الساكنة بالمدينة العتيقة لفاس تراجع من حوالي 160 ألف نسمة في عقد الثمانينيات إلى حوالي 117 ألف حاليا.