إسرائيلي من أصول مغربية يتولى منصب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي    البطولة: نهضة بركان يقترب من تحقيق اللقب بانتصاره على تطوان وتعادل مثير في مباراة الوداد البيضاوي والفتح    تعليق الدراسة غدا الاثنين 10 مارس 2025 بعدد من أقاليم جهة طنجة تطوان الحسيمة    مقترح لمنع المهاجرين غير النظاميين المرحلين من العودة إلى أوروبا    تعيين أول سفير أمريكي في إفريقيا بالمغرب: خطوة استراتيجية تعكس دور المملكة المحوري في القارة والعالم    نهضة بركان تفوز بثنائية في تطوان    بطل في الملاكمة وبتدخله البطولي ينقذ امرأة من الموت المحقق … !    مباراة الوداد والفتح تنتهي بالتعادل    مبعوث أمريكي يدّعي أن حماس اقترحت هدنة من 5 إلى 10 أعوام بغزة    الشركة متعددة الخدمات الدار البيضاء سطات.. جهود مكثفة لتفادي تجمعات مياه الأمطار وتيسير حركة المرور    جثة امرأة تنتظر التشريح في سطات    الطقس يعلق الدراسة بشمال المغرب    إقليم الحسيمة.. تعبئة متواصلة لإزاحة الثلوج وإعادة فتح المحاور الطرقية    نجم إسبانيول يعرب عن رغبته في الانضمام إلى أسود الأطلس    إدانة مدير أكاديمية درعة تافيلالت الأسبق ومتهمين آخرين ب14.5 سنة سجنا في قضية اختلالات مالية    ندوة تبرز الإنجازات في الصحراء    النيابة العامة تفتح تحقيقا في واقعة سقوط طفلة بركان في بالوعة    وزير الطاقة الإسرائيلي يصدر أمرا بقطع إمدادات الكهرباء عن قطاع غزة    8 مارس ... تكريم حقيقي للمرأة أم مجرد شعارات زائفة؟    الكاف تعلن موعد جمعها العام الاستثنائي في القاهرة    تقرير أممي: المغرب يوفر آفاقًا جذابة للمستثمرين في السياحة    من هو ثاني أسرع لاعب في دوري أبطال أوروبا … !    جهاز الخدمة السرية الأمريكي يطلق النار على رجل مسلح قرب البيت الأبيض    التساقطات المطرية تساهم في الرفع من حقينة سدود المملكة    موظفو الأحياء الجامعية بالمغرب يضربون ويدعون للاحتجاج أمام مقر وزارة التعليم العالي    ارتفاع مثير للمنازل المهجورة في كوريا بسبب شيخوخة السكان    مغربي ضمن الفائزين بجائزة الامارات الدولية للقرآن الكريم    تأثيرات منخفض "جانا" على المغرب    الثلوج الكثيفة تغلق الطريق الوطنية رقم 2 في جبال الريف    انتقادات لنجاعة الرقم الأخضر للتبليغ عن تجاوزات السوق في ظل غياب تسقيف رسمي للأسعار    الغزياني تقود "نساء UMT" بسطات    نحو إدارة موانئ مستدامة    سوريا تحقق في "المجازر المروعة"    وداعًا نعيمة سميح...    نعيمة سميح .. من برامج اكتشاف المواهب إلى صوت المغرب الخالد    عمر أوشن يكتب: ليلة غنت نعيمة سميح للمعتقلين السياسيين "ياك أجرحي"    العملات الرقمية.. استخدام واسع للمغاربة ترافقه أحكام بالإدانة وترقب لصدور قانون مؤطر    القول الفصل فيما يقال في عقوبة الإعدام عقلا وشرعا    الأمازِيغ أخْوالٌ لأئِمّة أهْلِ البيْت    السمنة .. وباء عالمي    اتحاد طنجة يخطف تعادلا من العاصمة العلمية    ملاعب للقرب تفتح أبوابها للشباب بمقاطعة سيدي البرنوصي    عبد الوهاب الدكالي ل "أكورا": نعيمة سميح فنانة استثنائية-فيديو-    المغرب يستورد أزيد من 600 ألف طن من الزيوت النباتية من روسيا    حقيقة الأخبار المتداولة حول خطورة لحوم الأغنام على صحة المغاربة..    الدرك الموريتاني يحبط عملية تهريب مهاجرين بسيارة إسعاف قرب نواذيبو    نورة الولتيتي.. مسار فني متألق في السينما الأمازيغية    المرصد الجهوي للحق في المعلومة بجهة فاس مكناس يصدر تقريراً حول القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات    أمسية رمضانية أدبية احتفالا بإبداع الكاتب جمال الفقير    رحلت عنا مولات "جريت وجاريت"    المغرب وإعادة تشكيل التوازنات الجيوسياسية والاقتصادية في إفريقيا    إيران ترفض دعوات أمريكية للتفاوض    تسجيل أزيد من 24 ألف إصابة بجدري القردة بإفريقيا منذ مطلع 2025    أفضل النصائح لخسارة الوزن    عمرو خالد: هذه ملامح استراتيجية نبوية ناجعة للتعامل مع تقلبات الحياة    اضطراب الشراهة عند تناول الطعام: المرض النفسي الذي يحوله تجار المكملات الغذائية إلى سوق استهلاكي    مقاصد الصيام.. من تحقيق التقوى إلى بناء التوازن الروحي والاجتماعي    خبير يدعو إلى ضرورة أخذ الفئات المستهدفة للتلقيح تجنبا لعودة "بوحمرون"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمازيغية بين مطرقة مخاض الترسيم المتحكم فيه وسندان الضجيج القانوني
نشر في هسبريس يوم 11 - 03 - 2016

يلف الكثير من الغموض مصير ترسيم الامازيغية خصوصا وأن تنزيل المادة الخامسة من الدستور وإصدار القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية وإدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة، أصبح كما لو أنه كرة نار تتقاذفها جميع السلطات والمؤسسات ذات الصلة بالموضوع.
فرغم أن الأمر يتعلق بقانون تنظيمي مهيكل كما أكدت على ذلك الحكومة في التصريح الحكومي المقدم أمام البرلمان شهر يناير 2012، ورغم أن الفصل 86 من الدستور ينص على عرض مشاريع القوانين التنظيمية وجوبا قصد المصادقة عليها من قبل البرلمان في أجل لا يتعدى الولاية التشريعية الحالية والتي ستنتهي بعد أقل من ستة أشهر، رغم كل ذلك يتهرب الفاعل الحكومي والأحزاب السياسية من تحمل مسؤولياتهم في الانتقال بالملف الأمازيغي من مرحلة مخاض الإعتراف الفعلي إلى مرحلة الإنصاف الحقيقي، من خلال تنزيل سليم لترسيم اللغة الأمازيغية.
ولفهم ما يجري والخروج من حالة التيه التي يعيش على إيقاعها كل التواقين لإنصاف الأمازيغية، بسبب الغموض الذي يلف ملف ترسيم الأمازيغية، لا بد من بسط بعض الأسباب التي نعتقد بأنها وراء هذا الوضع الشاذ، ومنها :
أن تحول مقاربات الدولة حيال الملف الأمازيغي والذي أسس له الخطابين الملكيين ليوليو وأكتوبر 2001، لم يؤسسا لتحول بنيوي في تناول الدولة للقضية الأمازيغية، بل أسسا بالدرجة الأولى لتحول في الخطاب. فالخطابين الملكيين لسنة 2001، لم يضعا حدا للأساطير المؤسسة "لوطنية مغربية" قائمة على التمييز لا المساواة وعلى الإحتكار لا المشاركة وعلى الوحدة الظالمة لا على التعدد العادل في ظل الوحدة. كما أن الدولة لم تقر لحد اليوم ببشاعة ما ارتكب في حق الأمازيغية لغة وثقافة وهوية، ولم تعترف بما لحق الأمازيغية من كوارث، إضافة إلى أنها لم تبلور أية إستراتيجية وطنية واضحة المعالم وبأجندة دقيقة لجبر الضرر ومعالجة تلك الكوارث التي ترقى في الكثير من جوانبها إلى مستوى الإبادة اللغوية والثقافية.
أن ترسيم الأمازيغية بالصيغة التي جاء بها في الوثيقة الدستورية وفي ظل الظروف السياسية الحالية وتهرب الجهات المعنية من تحمل مسئولياتها، لن يتجاوز سقف الترسيم المشروط بقانون تنظيمي قد يفرغ مبدأ الترسيم من مضمونه، وذلك بجعل المراحل المشار إليها في المادة الخامسة من الدستور زمن انتظار قد لا ينتهي إلا بعد أن تفقد اللغة الأمازيغية ما تبقى لها من مساحات على الخريطة اللغوية المغربية. كما أن الوظائف المنصوص عليها في ذات الفصل قد لا تتجاوز بعض المجالات الرمزية، حفاظا من الجهات التي يزعجها إنصاف الأمازيغية، على تراتبية لغوية فرضتها سياسات الدولة منذ الإستقلال وانتصارا لدعاة الترسيم الرمزي للأمازيغية بدل الترسيم الفعلي المؤسس على العدالة اللغوية والإنصاف.
أن الحصيلة الهزيلة للسياسة الجديدة للدولة حيال الأمازيغية منذ سنة 2001، والتعاطي السلبي للحكومة وباقي الفاعلين مع مضمون المادة الخامسة من الدستور، قد لا تكون سوى عناوين لتخبط الحكم وتردده في اعتماد الوضوح والشفافية بشأن هوية سياسته حيال الأمازيغية. فما هو متوفر من معطيات لحد الساعة يفيد بأن الأمر يتعلق بسياسة تمييزية للإستيعاب تعتمد التراتبية اللغوية، وتوظف الثقافة لمحو الخصوصية الثقافية الأمازيغية لصالح الثقافة المهيمنة. وهنا لا بد من التساؤل حول أهداف المشرع الدستوري من دسترة الثقافة المغربية بصيغة المفرد وليس الثقافات المغربية بصيغة الجمع، خصوصا وأن كل لغة هي حاملة لثقافتها ولا يمكن تصور الواحدة دون الأخرى.
أن الصراع على اقتسام السلطة بعد الإستقلال بين دعاة الحزب الواحد والقصر، انتهى بانتصار المؤسسة الملكية، التي أصبحت المركز الوحيد الذي سمح بتعددية في حدود قدرته على التحكم فيها. فبعد نجاح النظام السياسي المغربي في إرساء أسس تعددية حزبية وسياسية متحكم فيها وفي خدمة النظام السياسي، يمكن القول بأن التعددية اللغوية والثقافية المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية لن تتجاوز هي الأخرى سقف التعددية المتحكم فيها، والموظفة في لعبة الشرعية ونزع الشرعية.
أن مكونات الحركة الثقافية الأمازيغية لم تكن هي الأخرى في مستوى اللحظة السياسية، فقد اكتفت بالضجيج القانوني والسياسي، من خلال اقتراح بعضها لتصوراتها بشأن تنزيل الترسيم، ولم تبلور ما يكفي من الديناميات المجتمعية الكفيلة باحتضان الشعب لمكسب الترسيم المشروط. فقد أضاعت خمس سنوات في نقاش الصم مع أحزاب سياسية "حليفة" لا يخجل زعماؤها في الإعتراف بأن ملف ترسيم الأمازيغية يتجاوزها وبأنه من اختصاص "الجهات العليا". لم تعي بعد مكونات الحركة الأمازيغية بأن إنصاف الأمازيغية لن يحصل بمجرد صدور قانون تنظيمي ومراسيم ومناشير بل بإنتاج ما يكفي من الديناميات المجتمعية وإقناع شرائح واسعة من الشعب بنبل المقصد وبالأثر الإيجابي للترسيم على مؤشرات العيش المشترك والتنمية.
وحتى إشعار آخر سيبقى مصير الأمازيغية بين مطرقة مخاض الترسيم المتحكم فيه وسندان الضجيج القانوني.
*فاعل حقوقي وباحث في الشأن الأمازيغي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.