احتفاء بروح الفنان الطيب الصديقي، وتحت شعار "الطيب الصديقي أو من أجل حب الإنسانية"، نظمت مؤسسة الطيب الصديقي للثقافة والإبداع ووزارة الثقافة، بالدارالبيضاء، حفلا تكريميا بحضور عائلة الفقيد وعدد كبير من الفنانين ومحبي الفنان الراحل. واستهل الحفل، الذي تم تنظيمه في إطار الدورة 22 للمعرض الدولي للنشر والكتاب في الدارالبيضاء (11-21 فبراير الجاري)، بتلاوة الفنانة ثريا جبران لرسالة التعزية التي بعث بها الملك محمد السادس لأسرة الفقيد. وتضمن الحفل مقاطع موسيقية وقراءات شعرية وزجلية ولقطات مسرحية ومشاهد فيديو وشهادات مؤثرة، اختلطت فيها دموع الحزن لفقدان الطيب الصديقي ودموع الفرح، عند استحضار مستملحاته والإرث الفني الثري الذي خلفه للأجيال المقبلة والأيادي البيضاء التي أسداها للمسرح والثقافة المغربيين عموما. وتناوب فنانون على تقديم قصيدة "المجذوبيات" التي نظمها الفنان الراحل السعيد الصديقي، شقيق الطيب الصديقي، وختم بها هذا الأخير مسرحيته "ديوان سيدي عبد الرحمان المجذوب"، ومقاطع من مسرحية "النقشة" التي اقتبسها الصديقي عن غوغول، كما تم تقديم أغنية فرنسية على القيثارة كان الراحل شغوفا بها. وبالمناسبة ذاتها، قدم وزير السياحة لحسن حداد قصيدة باللغة الفرنسية تتضمن "خواطر وذكريات مع فكر الطيب الصديقي"، وتم عرض مقاطع من فيلم وثائقي من إخراج أيوب العياسي بعنوان "الطيب الصديقي، حكواتي الأزمنة المعاصرة"، سيتم عرضه بالكامل في الذكرى الأربعينية لرحيله. وفي كلمة للكاتب العام لوزارة الثقافة، محمد لطفي المريني، الذي قدم قصيدة زجلية في حق الفنان الراحل، تحدث عن الطيب الصديقي، "أحد أهرامات المغرب والفنان العبقري والرجل غير العادي الذي قدم أعمالا غير عادية"، مضيفا أنه كان "متفردا في شغله وانشغالاته". وفي إطار العمل على الحفاظ على ذكرى الراحل ونقل تراثه الفني للأجيال القادمة، استعرض محمد بكر الصديقي، نجل الفقيد، باسم مؤسسة الطيب الصديقي للفن والإبداع، الأعمال التي تعتزم القيام بها من قبيل تنظيم احتفالية كبرى في نهاية شهر مارس القادم وطبع المخطوطات الغزيرة التي خلفها والتي تجاوزت مائة عمل غير منشور. كما تمت تلاوة رسالة من الناقد الفرنسي جان فرنسوا كليمون صاحب كتاب "الطيب الصديقي ومسرح الناس"، استعرض فيه التجربة الفذة للفنان الراحل. وفي كلمة تلاها الفنان محمد زهير بالنيابة، تحدث الكاتب الصحافي عبد الله الستوكي عن علاقته الوطيدة بالفنان الراحل التي امتدت لعقود من الزمن، مؤكدا أن رحيل الطيب الصديقي خلف فراغا كبيرا "فبالرغم من أن فقدانه كان منتظرا إلا أن الجميع كان يخشى الاعتراف بهذه الحقيقة". وأبرز الأستاذ أحمد مسعاية الذي شغل في وقت سابق منصب مدير المعهد العالي للفن المسرحي جوانب من شخصية الطيب الصديقي الذي "كان يقدر الذكاء ويحتقر التفاهة، ويبين أحيانا عن تواضع كبير"، في حين استحضرت الفنانة خديجة أسد عددا من ذكرياتها الفنية مع الطيب الصديقي الذي "كان يملك كاريزما خاصة، وكان مرحا، خفيف الروح ومنضبطا يحترم مهنته والآخرين، محبا للحياة، يغطي على عاطفته الزائدة بإظهار الصرامة والشدة في العمل" . من جانبه رأى الشاعر عدنان ياسين في الطيب الصديقي "معلما كبيرا، ومثقفا شموليا وموسوعيا من طراز نادر"، اطلع على الثقافتين العربية والغربية من مصادرها الأصلية، و"خرج كل الفنانين المغاربة من معطفه كما خرج كتاب القصة من معطف غوغول، وفقدت الثقافة المغربية ،التي اطلع عليها في مروياتها، برحيله أحد أعمدتها الكبرى". وتدخل الفنان عبد اللطيف الزين ، باسم نقابة الفنانين التشكيليين المغاربة، والممثلون حميد الزوغي ومصطفى الصعري ورشيد فكاك وزهير التربي وبوشعيب قمري مبرزين تعدد اهتمامات الفنان الراحل، معتبرين أنه كان فنانا حكيما.