منذ انطلاق كرنفال برازيليا، تشهد محلات الأزياء والأقنعة توافدا مهما عليها من قبل ساكنة العاصمة برازيليا ويقصدها آخرون قدموا من مختلف مدن المنطقة، للاستعداد، كما يجب، لواحد من أهم الاحتفالات التي لا يتنازل عنها البرازيليون والسياح على حد سواء. وإذا كان في كل من ساو باولو وريو دي جانيرو استخدام أقنعة ترمز إلى شخصيات سياسية أمرا منبوذا ومخجلا بسبب تورط الساسة في أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد، فإنه في برازيليا، تحقق أقنعة الرئيسة ديلما روسيف والفكاهي تيريريكا أعلى المبيعات إلى جانب التيجان التقليدية، و"قرون الشيطان". وينطوي هذا الجنون والإقبال الكبير على القناعين على كثير من المفارقات، فشعبية الرئيسة البرازيلية تضعها استطلاعات الرأي في أدنى المستويات، بينما يعتبر تيريريكا واسمه الحقيقي فرانسيسكو إيفيراردو اوليفيرا سيلفا، ثاني أفضل المنتخبين في تاريخ ولاية ساو باولو خلال الانتخابات الاتحادية لسنة 2010، في أعقاب حملة اتخذ لها كشعار : "ما الذي يقوم به نائب اتحادي ؟، أنا لا أعرف، ولكن صوتوا علي ولاحقا سأحكي لكم عن ذلك". ويقول ريكاردو ألفيس باربوسا، الذي يدير محلا للأزياء ومنتوجات الاحتفالات، "إن أرقام المبيعات منخفضة على العموم، ولكن بدأنا نلمس طلبا متزايدا خلال شهر يناير ربما لأن الكرنفال بدأ مبكرا خلال هذه السنة". ويضيف أن "موعد انطلاق الاحتفالات لم يكن اختيارا موفقا لأن السنة الدراسية لم تنطلق بعد، والمدارس تشكل أهم زبائن المنتجات التي نبيعها،" مشيرا إلى أنه وبسبب الأزمة الاقتصادية فإن البرازيليين باتوا أكثر تقشفا ويفضلون اقتناء السلع ذات السعر المنخفض. أما إليان باريتو، إحدى البائعات في هذا المتجر المتخصص، فتعتبر أن أنماط الاستهلاك تغيرت جراء الأزمة الاقتصادية، ولكن المبيعات لم تنخفض. "فالناس يبحثون فقط عن أرخص السلع وأدوات الزينة". وقال باريتو إن أقنعة روسيف وتيريريكا لا يتجاوز سعرها عشرة ريالات وهذا ما يفسر الاقبال الشديد عليها على اعتبار أن الناس يقتنون ما كان ثمنه أرخص فأغلب المقتنيات تتراوح ما بين 100 و 150 ريالا للشخص الواحد. وفي كل سنة يشارك في كرنفال برازيليا، الذي ليست شهرته أكبر من كرنفالي باهيا أو ريو دي جانيرو، ما يقارب مليون شخص من المقيمين والسياح. ويقدم كرنفال برازيليا (من 23 يناير إلى 27 فبراير) نحو 80 استعراضا للمجموعات المتنكرة التي عادة ما تنتمي لنفس المدرسة أو نفس الحي، يتم تنظيمها خلال عطلة نهاية الأسبوع في مواقع مختلفة من المدينة. وعلى عكس الدورات السابقة، فقد قررت حكومة المقاطعة الاتحادية تخصيص ميزانية بقيمة 780ألف ريال للكرنفال وللفضاءات التي ستقام بها الاحتفالات وإقصاء مدارس السامبا، والتي، بسبب نقص الموارد، لن يتمكنوا من تقديم عروضهم للسنة الثانية على التوالي. وحسب وزير الثقافة للمقاطعة الاتحادية، غويلهيرم ريس، فإن القرار يجد تفسيره في الأزمة الاقتصادية التي دفعت السلطات المحلية لتمويل المشاريع لكن مع مراعاة معيار الأولويات. وذكر المسؤول البرازيلي مؤخرا لصحيفة "أو غلوبو" أنه "أمام الواقع المالي الحالي لا يمكننا تحويل أموال لفائدة مدارس السامبا"، مشيرا إلى أنه في حال تقديم المساعدات المالية لجميع الفنانين والمجموعات المشاركة في الكرنفال، فإن الحكومة ستكون مضطرة إلى إنفاق ما يقارب 13 مليون ريال وهو مبلغ يتجاوز الميزانية المخصصة لهذه السنة. وأمام هذا الوضع اختارت العديد من المجموعات الاستعراضية أن تجابه حرمانها من الدعم المالي بتنظيم جوائز لتمويل استعراضاتها وذلك لإدخال الفرحة والسرور على قلوب عشاقها الذين لا يترددون في الحضور كل عام إلى مهرجان تبتهج في كل الألوان. * و.م.ع