على غير عادته، تخلّص الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، المشارك في الحكومة، من هدوئه وهو يتحدث عن وضعية الأمازيغية بالمغرب، في الجلسة الافتتاحية للدورة الثامنة للجامعة الشعبية، المنظمة تحت شعار "الأمازيغية أساس قيم التنوع المناهضة للتطرف". امحند العنصر لم يلُك كلماته كثيرا ليُعبّر عن عدم رضاه عن التأخر الحاصل في إخراج القوانين التنظيمية المتعلقة بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وطريقة تحضيرها، قائلا: "لابد من الإشراك الواسع للجميع، لأن الأمازيغية خرجت من الدائرة الثقافية المحضة إلى الدائرة السياسية"، وأضاف "بْغينا أو كْرَهْنا، يجب أن يقوم الفاعل السياسي بدوره بدون تعصب". وذهب العنصر إلى التحذير من مغبّة أن يؤدّي التماطل في النهوض بالأمازيغية وإيلائها الأهمية التي تستحق، إلى بروز "تطرّف مضادّ"، واستدل، في هذا السياق، ببعض ردود الفعل الرافضة للمكوّن الأمازيغي، قائلا: "قبل مجيئي إلى هنا، قرأت مقالا في أحد المواقع الإلكترونية عن الأمازيغية، وعندما اطلعت على تعليقات القرّاء وما تتسم به من رفض، لْقيتْ داكْشّي كايْخْلَعْ". العنصر قال إنه لا يمكن تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية "بين عشية وضحاها"، وأبدى "تفهمه" لوجود قضايا لها أولويات كبرى، مثل التعليم، لكن شدد على أن ذلك لا يجب أن يكون مبررا لتأخر تطبيق ما جاء به الدستور بشأن الأمازيغية، قائلا: "حذار أن تكون هذه المبررات ذريعة لإقبار القضية الأمازيغية، لأن التطرّف الذي نشهده لن يبقى في الحدود الحالية، بل سيصير تطرفا زائدا هو دْيال الأمازيغية". وأضاف المتحدث أن مثل ردود الفعل هذه "سيؤدي إلى تطرف آخر، ورد فعل عنيف، ولا نتمنى أن نسقط في هذا المطب"، داعيا إلى العمل على تقوية وحماية الأمازيغية، "لأن هذه الحماية هي التي ستقوي الهوية المغربية، وبدون هذه الحماية فإن المواطن المغربي غادي يْولي واحد آخر، ولن يظل الشخص الذي نعرفه"، يقول الأمين العام لحزب الحركة الشعبية. واستطرد المتحدث أن هناك لُبسا فيما يتعلق بعلاقة العربية والأمازيغية، قائلا: "بعض الأشخاص، ومنهم أنا، عندما نتحدث عن الأمازيغية في المغرب يتبادر إلى الذهن ثنائية الأمازيغية-العربية، بينما في المغرب هذا الإشكال غير مطروح، لأن المغاربة أمازيغ، منهم من هو مستعرب ومنهم من حافظ على لغته، ويجب نزع هذا الخلط الذي يضفي غموضا على هذه القضية". وفي الوقت الذي تتنامى فيه مخاطر التطرّف وعدم التسامح، فإن العنصر دعا إلى التمسك بالقيم المغربية، وعاد، في هذا السياق، إلى سنوات الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، قائلا إنها كانت تتسم بتسامح المغاربة، خاصة في البوادي، مع الآخر، "حيث يعيش اليهودي والنصراني إلى جانب المسلم، ولم يكن هناك إشكال بتاتا"، يقول العنصر. وبخصوص علاقة الأمازيغ بالإسلام، خاصة في ظل دعوة عدد من مكونات الحركة الأمازيغية إلى تبني النظام العلماني، قال العنصر إن ما يتم الترويج له من كون جزء من الأمازيغ ضد الإسلام ينطوي على مغالطات شديدة، ومضى يقول: "الأمازيغية لا مشكل لها مع الإسلام، بل على العكس، تسامح الأمازيغ هو الذي جعل من المغرب بلدا مسلما، والتقاليد الأمازيغية تتماشي مع تقاليد الإسلام ومع ما يعيشه وليس هناك مشكل بتاتا". واعتبر العنصر أن الظرف الراهن الذي يمرّ به العالم، وما يعرفه من تصاعد التطرّف، يقتضي إحياء القيم المغربية، مشيرا إلى أن "المغرب بلد متضامن له مكونات عديدة، والمغربي سيظل مغربيا معتزا بشخصيته وبهويته؛ ومنها الهوية الأمازيغية"، بتعبير العنصر.