انطلقت، بالمدينة الحمراء، تظاهرة ثقافية وعلمية وفنية احتفالا بالذكرى 30 لإعلان مراكش تراثا عالميا للإنسانية من طرف منظمة "يونسكو" سنة 1985، ينظمها المجلس الجماعي بشراكة مع كل من مجلس الجهة والعمالة وولاية مراكش، بالإضافة إلى وزارة الثقافة ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وكذا الجمعيات التي تعنى بالحفاظ على التراث الثقافي لعاصمة النخيل. محمد أمين الصبيحي، وزير الثقافة، أكد في كلمته على البعد التاريخي والفني للمدينة، "التي تشكل نموذجا للتعايش المتجانس، لحاضرة لازالت تعتبر مفخرة للحضارة المغربية"، مشيرا إلى أن المغرب من الدول القلائل التي تتوفر على مدن وقصبات عتيقة، تحظى بمكانة متميزة ضمن دول العالم، مفيدا بأن الحكومة الحالية استطاعت أن تكسب الاعتراف العالمي بفنون مغربية متعددة ونباتات (شجرة الأركان)، وأن تدرجها في مجال التراث اللامادي. مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، اعتبر أن مراكش كانت منبعا للمقاومة والعلم والتسامح والمستقبل، موضحا أن المغرب يُعرف بها، "حيث وقِّعت بها معاهدتان دوليتان، الأولى تتعلق بالاتفاقية المنشئة لمنظمة التجارة الدولية، والثانية للمنظمة العالمية للملكية الفكرية"، مسجلا أن "ما تزخر به مراكش من تنوع ثقافي وتعايش يعتبر أكبر سلاح لمواجهة العولمة المتوحشة، التي تسعى لتذويب الثقافات الأخرى وتنميطها". أما ثريا إقبال، عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، فشددت على أن النموذج المعماري لمدينة البهجة يشكل لحظة هامة في تطور العمران خلال الزمن المرابطي، مؤكدة أن "مراكش لا تضاهيها مدينة أخرى، إذ تساكن فيها المسلم واليهودي والمسيحي، كما شكلت فضاء للفرجة والدعابة والزهد في الآن ذاته". وقال رئيس جماعة مراكش، محمد العربي بلقايد، في كلمة ألقاها خلال حفل الافتتاح، "نقف اليوم لنحتفل بمدينة عمرت 100 عام، لاستلهام معاني التاريخ كمحرك للحاضر في اتجاه المستقبل"، مضيفا أن "مدينة سبعة رجال تجمع على أرضها تراثا زاخرا يعبّر عن التنوع الثقافي، النابع من قيم التسامح والتعايش والانفتاح"، مبرزا أن "الاحتفال يحمل معنى مساءلة حصيلة التدابير المتخذة للحفاظ على المدينة كتراث إنساني"، مقترحا تأسيس "شبكة للمدن المغربية المصنفة تراثا عالميا". ميكائيل ملوالد، ممثل "اليونيسكو" بالرباط، أشار إلى أن اللجنة التي صادقت على اعتبار مراكش تراثا إنسانيا لم تخطئ في قرارها، منبها إلى أن المدينة العتيقة مطالبة بالتوفيق والملاءمة بين التوسع العمراني والاقتصادي والحفاظ على الإرث الحضاري لها، مما يستوجب، بحسب المتحدث، تنمية وعي السكان بضرورة المشاركة في حماية الرأسمال الرمزي للمدن القديمة. في حين ذكّر محمد يونس، عن "الاسيسكو"، بارتباط مدينة مراكش بالمرابطين كأعظم إمبراطورية اهتمت بالعلم، داعيا إلى التفكير في تاريخ السابقين، لأن الآثار دليل ثبوتي لهذا الرأسمال الذي يشكل ذاكرة الأمة وحصنها ضد نزعات التطرف، التي تدعو إلى هدم المآثر التاريخية، مذكرا بأن الإسلام دين إعمار لا تخريب ودمار. التظاهرة تميزت بتوقيع اتفاقية مراكش من طرف عمداء المدن المغربية المصنفة تراثا عالميا، ويتضمن برنامجها الذي سيختتم يوم الأحد، مداخلات لخبراء مغاربة وأجانب حول المحافظة على التراث، وأعمال الترميم للمعالم الدينية بمراكش، وعرض تجربة لمدينة برتغالية في حماية التراث، ومقاربة التراث اللامادي في قلب التدبير الحضري، كما سيعلن عن خزانة للتراث بمدينة مراكش.