استمعت المفتشية العامة التابعة لوزارة العدل مؤخرا للقاضية أمال حماني ، على خلفية تدوينة لها على موقع التواصل الاجتماعي ، انتقدت فيها المادة 97 من مشروع القانون التنظيمي المعتبر بمثابة النظام الأساسي للقضاة ، و هو ما اعتبرته العديد من المنابر الاعلامية اجهازا على حرية التعبير المكفولة دستوريا للقضاة ، فيما اعتبرته المفتشية العامة في بلاغ غير مسبوق لها أنه جاء في اطار شكاية تقدم بها بعض البرلمانيين بكون التدوينة موضوع البحث شكلت تهديدا لهم . فهل الاستماع الذي باشرته المفتشية العامة تم في اطار القانون و مقتضيات الدستور ، و ماهي الخروقات التي تم رصدها خلال هذه المرحلة ، و ماهي السبل الكفيلة لمعالجتها و تجاوزها ... منح المشرع لوزير العدل -قبل اقرار النصوص التنظيمية -تعيين قاضيا أو عدة قضاة من محكمة النقض أو ممن يزاولون عملهم بالإدارة المركزية بالوزارة للقيام بتفتيش المحاكم غير محكمة النقض ، كما منحهم سلطة عامة للتحري و البحث و استدعاء القضاة للبحث في وقائع محددة. ان السلطة العامة التي منحها القانون للمفتشين للتحري و البحث ليست في نظري سلطة مطلقة غير مقيدة بضوابط حقوقية ، بل على العكس من ذلك فهي مشروطة بضرورة احترام الحقوق الأساسية للقضاة بمقضى الدستور أو الاعلانات الدولية ، لكن الملاحظ أن الأبحاث التي تولت المفتشية العامة انجازها بخصوص وقائع محددة بناء على أمر وزير العدل ، كما هو الأمر بالنسبة للاستماع الذي خضعت له القاضية أمال حماني عرف عدة خروقات سبق لنادي قضاة المغرب أن رصدها في قضايا سابقة و المتمثلة فيما يلي : 1-عدم استدعاء القضاة بشكل كتابي رسمي يتضمن موضوع الاستماع ، اذ يتم الاقتصار على اشعار شفوي من طرف المسؤول القضائي . 2-رفض حق المؤازرة من طرف أحد الزملاء أو المحامين رغم التمسك بذلك ، بعلة عدم وجود نص يبيح ذلك ، 3-عدم تسليم نسخ محاضر الاستماع المنجز ة بعد التوقيع عليها . 4-الاستماع للقضاة بسبب نشاطاتهم الجمعوية . ان الاستماع الذي تباشره المفتشية العامة خلال هذه المرحلة يفتقر لكل الضمانات الدستورية حتى تلك التي يتمتع بها الأجراء بمقتضى المادة 62 مدونة الشغل عند الاستماع اليهم من طرف المشغل بصدد المسطرة التأديبية و التي توجب أن يكون الاستماع خلال الثمانية أيام من تاريخ ارتكاب الفعل المنسوب للأجير ، و أن يتم بحضور الممثل النقابي أو مندوب العمال الذي يتم باختيار الأجير ، أن يسلم نسخة من محضر الاستماع للأجير ، كما اعتبر القضاء أن عدم احترام الاجراءات المحددة في المسطرة التأديبية من طرف المشغل يغني المحكمة عن مناقشة الأخطاء المنسوبة للأجير في حالة تمسكه بها . لا شك أن المجلس الاعلى للقضاء هو المؤسسة الدستورية التي تملك صلاحية و سلطة الرقابة على الابحاث الادارية القبلية التي تتولى المفتشية العامة انجازها و تقدير مدى احترامها للتواجهية و حقوق الدفاع ، لأن ذلك لا يجب ان يقتصر على المحاكمة التأديبية أمامه طبقا للفصل 61 من النظام الأساسي للقضاة ، بل يجب أن يمتد أيضا الى جميع الاجراءات و الأبحاث السابقة لها ، و هو التوجه الذي اعتمده المجلس الأعلى للقضاء بفرنسا في قراره الصادر بتاريخ 11 يوليوز 2013 و الذي جاء فيه" أنه لتقييم مدى احترام حقوق الدفاع و مبدأ التواجهية لا يتعين الاستناد فقط على الحقوق الممنوحة للقاضي المتابع بعد الاحالة على المجلس الاعلى للقضاء و لكن أيضا –واعتبارا لدوره المحدد في جمع العناصر الواقعية الكفيلة بتبرير المتابعة التأديبية – الاستناد على الشروط التي تدير في اطارها المفتشية العامة للمصالح القضائية الاستماع الى القاضي أثناء البحث الاداري الذي تباشره ". ورغم ان مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الاساسي للقضاة نص على امكانية المؤازرة أمام القضاة المقررين بمقتضى المادة 87 من مشروع القانون التنظيمي المنظم للمجلس الأعلى للسلطة القضائية كما صادق عليه مجلس النواب ، الا أنه لم ينظم حقوق القضاة أمام المفتشية العامة للشؤون القضائية ، وهو ما يجب تنظيمه أو على الأقل تطويره في دليل التفتيش بالتشارك مع الجمعيات المهنية القضائية . فدليل التفتيش القضائي الذي سبق للمفتشية العامة التابعة لوزارة العدل اعداده سنة 2005 لم يعد يواكب المبادئ التي أسس عليها دستور 2011 ، اذ بالاطلاع عليه يظهر أنه لم يشر لأية ضمانات للقضاة باستثناء حق الاطلاع على القسم الأول من التقرير المنجز من طرف المفش العام وابداء الملاحظات بشأنه (القاعدة 51) . واذا كانت هذه الملاحظة تتعلق بالشكليات و الضمانات ، فان مناقشة موضوع الاستماع يتطلب هو الاخر في حالة الزميلة امال حماني الكشف عن اسماء البرلمانيين المشتكين ، و تسليم نسخة من الشكاية للقاضية المستمع لها ، خاصة و ان انتقاد مقتضيات المادة 97 من مشروع القانون التنظيمي المعتبر بمثابة النظام الأساسي للقضاة ليس جريمة بل واجب مهني . *عضو بنادي قضاة المغرب و المرصد الوطني لاستقلال السلطة القضائية