عاد ملف مساعي سكان منطقة "القبايل" بالجزائر، لنيل الحكم الذاتي لتدبير شؤونهم، إلى الواجهة من جديد، بعد أن طالب المغرب منظمة الأممالمتحدة ومختلف هيئاتها، لإدراج حماية حقوق شعب "القبايل" ضمن جدول أعمالها، فيما قابل زعماء "القبايل" المبادرة المغربية بكير من الاحتفاء. وكانت البعثة المغربية بالأممالمتحدة بنيويورك قد دعت المنظمة إلى أن لا تتواطأ مع الصمت الذي فرض بالقوة على شعب القبايل، معتبرة أن الشعب القبايلي هو الشعب الأصيل الوحيد بإفريقيا الذي ما زال يعاني من التمييز الممنهج، والحرمان من أبسط حقوقه الأساسية. وقال الدكتور إدريس قصوري، الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، معلقا على موضوع مطلب "القبايل" لنظام الحكم الذاتي بأنه مطلب لا معنى له، بالنظر إلى المعطيات الدولية التي تسير في اتجاه التكتلات الإقليمية، وبناء دول قوية وموحدة، وباعتبار معطى استقرار الخريطة السياسية العالمية.. وأكمل قصوري، في تصريحات لجريدة هسبريس، بأن تقرير المصير صار مطلبا متجاوزا، لأن الشعوب ترنو إلى أن تكون دولها قوية ومتماسكة، وتتسم بعلاقات مندمجة، وبمؤسسات ديمقراطية، بعيدا عن واقع التشرذم والتشتت، وذلك لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة. واستدرك المحلل ذاته بالقول إنه إذا أخذنا بعين الاعتبار طبيعة سياسة الدولة الجزائرية، وتاريخ معاداة حكامها لمصالح المملكة، وإثارة نعرة الانفصال، وخلق مشاكل لدول الجوار، فإنه يتعين على الجزائر أن يكون لديها مقياس واحد في التعاطي مع هذا الموضوع" على حد تعبيره. ويشرح قصوري بأنه في خضم السياسة التي تنهجها الجزائر بدعم الانفصال وعرقلة التنمية بالأقاليم الصحراوية للمملكة، فإن مطلب "القبايل" للحكم الذاتي يعد اختبارا صعبا لحكام هذا البلد، مبرزا أن "الجزائر الشوفينية والطاغية والعسكرية لن تكون حتى في مستوى عُشر ما قدمه المغرب لتحقيق الحكم الذاتي بالصحراء. وأكد المتحدث على أن مطلب الحكم الذاتي لمنطقة القبايل بالجزائر يعد تحديا لن تنجح فيه الجزائر التي تخوض حربا بالوكالة ضد المغرب، ولن تعطي فيه أقل ما منحته الرباط من أجل حل نزاع الصحراء المفتعل، مشيرا إلى أن المملكة مهدت لتطبيق الحكم الذاتي بالصحراء بسن الجهوية الموسعة. وأورد قصوري بأن مطلب الحكم الذاتي في منطقة القبايل قد يكون شرارة تختبر مدى جدية الجزائر في سياستها الإقليمية، كما أنها لن تستطيع تطويقه، ولا أن تجد مخرجا له، إلا بالاضطرار لاستخدام العنف"، قبل أن يجدد التأكيد على أنه من وجهة نظر جيوسياسية، فإن مطلب الحكم الذاتي في خضم إدماج الشعوب، يظل بلا معنى. ولم يرد عن الحكومة الجزائرية رد رسمي بشأن دعوة المغرب في الأممالمتحدة بحماية حقوق "القبايل" بالجارة الشرقية، فيما انبرت صحف جزائرية قريبة من النظام الحاكم في البلاد، إلى توزيعه تهمها ضد المغرب، وقالت إن الرباط "تصرف مشاكلها الداخلية بإثارة مشكلة القبايل. وتقع منطقة القبايل في شمال شرق الجزائر، وتقطنها غالبية أمازيغية تصل إلى 10 ملايين نسمة، يغطون عدة ولايات جزائرية، هي تيزي وزو، وبجاية، والبويرة، وبومرداس، ومناطق أخرى. وتشهد "القبايل" كل سنة إحياء ما يعرف بالربيع الأمازيغي، وهي ذكرى تؤرخ لمظاهرات عارمة في سنة 1980.