السياق العام والإطار المفاهيمي تعتبر المراسم الاجتماعية أو الطقوس les rites بمختلف أنواعها أحد أبرز السمات التي تطبع كل المجتمعات البشرية عبر العصور، و هي كما عرفها إميل دوركايم Emile Durkheim: لا تقتصر على الأنواع المختلفة من طقوس العبادة، أو الأسرار المقدسة في بعض الأديان أو الطوائف فقط، ولكنها تمتد أيضًا لتشمل طقوس العبور في بعض المجتمعات وطقوس الكفارة، وطقوس التطهير، وقسم الولاء، ومراسم التتويج، والافتتاحات الرئاسية، ومراسم الزواج، والجنازات، وتقاليد الدراسة والتخرج، والاجتماعات، والأحداث الرياضية وحفلات الهالووين (Halloween) ، ومواكب المحاربين القدامى، وموسم تسوق عيد الميلاد، وغيرها الكثير. وهناك العديد من الأنشطة التي يتم تنفيذها ظاهريًّا لأغراض محددة، مثل؛ المحاكمات، وتنفيذ عقوبة الإعدام في المجرمين والمؤتمرات العلمية ولكنها مليئة بالإجراءات الرمزية التي تتحكم فيها القوانين أو التقاليد، ولذا تعتبر مثل تلك الإجراءات مراسم وطقوس بالفطرة. وعلاوة على ذلك، فإن كل الأفعال العامة التي نقوم بها يوميًّا مثل المصافحة أو حتى كلمة آلو (hello) تندرج تحت مسمى المراسم والطقوس. ويُستخدم مصطلح طقوس في علم النفس أحيانًا ليشير إلى السلوكيات المتكررة التي يقوم بها الفرد لتقليل أو منع الخوف، وتعد أحد أعراض الوسواس القهري l'obsession compulsive. بعض طقوس العبور بالمجتمع المغربي ما يهمنا من خلال محاولة مقاربة بعض الطقوس الاجتماعية هي تلك المتعلقة بطقوس العبور في مجتمعنا المغربي، وما يكتنفها من سجال حول طريقة الاحتفاء بها وممارستها نظرا لرمزيتها وأهميتها في المجتمع حيث ما فتأت تعرف تطورات متعددة واكبت ممارستها و الاحتفاء بها نظرا ،لارتباطها بالعنصرين الديني والسوسيولوجي وأحيانا تداخلهما، وسنحاول طرح أربعة طقوس أساسية للعبور،إذ تشكل منعطفا مهما في انتقال الفرد من مرحلة اجتماعية إلى أخرى و هي الولادة ، الختان، الزواج و الوفاة وما يطبع خصوصية المجتمع في عملية الاحتفاء هذه من تعقيد مقارنة بمجتمعات أخرى. مفهوم طقس العبورRites de passage ظهرت عبارة "طقس العبور" للمرة الأولى على لسان فان جينيب(1909) Arnold van gennep ،فكل إنسان يمر،حسب نظرته،بمراحل عدة خلال حياته،وتتواكب هذه التحولات بطقوس مختلفة طبقا لكل مجتمع.فالولادة هي المناسبة الأولى لطقوس العبور,ويمكن للطفولة أن تنقسم إلى مراحل عدة، ولكن العبور إلى سن النضوج هو الذي يترافق مع طقوس المسارة.ويشكل الزواج بحسب فان جينيب أيضا جزءا من هذه الطقوس،كما يتم إعلان المرأة أما مستقبلية لدى الحمل،ثم أما بالفعل في لحظة الولادة،وهناك أيضا الطقوس الخاصة بالأب والتي يقل عددها عن الطقوس الخاصة بالأم.وآخر طقوس العبور هي تلك الخاصة بالموت والتي تقوم على منح الميت صفات جديدة تتيح أو لا تتيح إقامة علاقات مستقبلية مع الأحياء،كما توجد طقوس عبور خاصة بتولي منصب مهني أو ديني أو سياسي أو غيره، تمثل جميع هذه الطقوس من الناحية الشكلية بنية ثلاثية تضم،حسب فان جينيب، المرحلة الانفصالية حيث يخرج الفرد من حالته السابقة ،والمرحلة الكامنة حيث يكون الفرد بين حالتين، ومرحلة الاندماج حيث يكتسب الفرد وضعه الجديد،وتختلف هذه المراحل الثلاث حسب أنواع الانتقال من حالة لأخرى،فردية أو جماعية،كما تعيد تحديد الأوضاع و الأدوار. وتميل هذه الطقوس المتعددة في المجتمعات "التقليدية" الصغيرة، إلى نوع من المفارقة في المجتمعات الحديثة و الصناعية.بينما يشير كلوكمان (1962) إلى أنه يمكن للفرد في المجتمعات التقليدية ،لعب أدوار عدة تحددها الطقوس بينما لا يلعب الفرد سوى دور واحد في المجتمعات الحديثة. أهم الطقوس الاجتماعية المغربية و مميزاتها: طقسي الولادة و الختان 1- طقوس الولادة : تستمد طقوس الولادة و الختان في عمومها من الموروث الثقافي الإسلامي،حيث تستمد عملية الاحتفاء بهما من النص الديني الذي يسميها ب"العقيقة"، وهي ممارسة تأتي بهدف تكريم المولود الجديد والترحيب بقدومه، غير أن الملاحظ في هذا الصدد هو أن عملية الاحتفاء هذه قد ظلت لوقت طويل تقتصر على المواليد الذكور وتتجاهل المواليد من الإناث وهو ما شكل نوعا من التمييز حسب النوع أو طبيعة المجتمع الذكوري الباترياركي، وتتمثل عملية الاحتفاء بضرورة ذبح كبش ودعوة عدد من دوي الأبوين و الجيران وقد كان لقرون عدة يقتصر الحضور على حفظة القرآن غير أن هذه العادة بدأت في الانقراض بعد تدخل العادات الاجتماعية و التقاليد ودرجة الوعي خصوصا في الحواضر غير أن هناك عناصر أساسية لازالت حاضرة في عملية الاحتفاء و تتمثل أساسا في الزغرودة (ثلاث زغرودات بالنسبة للمولود الذكر وزغرودة واحدة بالنسبة للأنثى ) و التكبير في الأذن اليمنى ثم اليسرى و الاحتفال في اليوم السابع بعد الولادة وأكلتي "الرفيسة" و"الزرورة".وتحرص العائلات على تزويد المواليد الجدد و الأمهات بنظام غذائي خاص ويتمثل أساسا في مشروبات ساخنة "كحب الرشاد" مع الحليب للأم و "اللويزة" للمولود الجديد، كذلك يطهى للأم الدجاج البلدي بأعشاب خاصة تختارها بعناية والدتها ويتم الحرص على أكلها للبيض. -2 الختان : أو كما يصطلح عليه ب"الطهارة" بمعنى تطهر الطفل و دخوله للإسلام،وحسب التقاليد القديمة كان معظم المغاربة يختنون أبناءهم في عيد المولد لما لذلك من رمزية،وغالبا ما كانت تتم هذه العملية أمام حشد من الناس في زاوية أو مكان مخصص لذلك وكانت تراعى الحد الأدنى من شروط السلامة الصحية،وغالبا ما كان يحضر عدد من الأطفال يحملون في أيديهم مناديل و خرق وفي العادة يكون خلفهم جوق أو مجموعة موسيقية بمزامير(الغياطة) و يعزفون بشكل متناسق وموحد و ينطلقون من بيت الطفل إلى مكان الختان، أما إن كان الختان سيتم في بيت الطفل ،فإنهم ينطلقون من البيت في جولة قصيرة قبل الختان ثم العودة إلى البيت إيذانا بالشروع في عملية الختان. وكان في العادة كل طفل يمتطي حصانا يغطى سراجه بقماش أحمر مزركش ويواكبه والداه إلى أن يشرع في عملية الختان، أما لباسه فيكون مميزا وهي عبارة عن عباءة من نسيج أبيض . غير أن الملاحظ في الفترة الأخيرة هو أن هذه الطقوس بالشكل الذي تحدثنا عنه قد أخذت في الانحسار وبدأت تتركز في نطاق ضيق لعدة اعتبارات منها ما هو اقتصادي ومنها أن العديد من الأسر أصبحت تقوم بختان أبناءها في المصحات أو بشكل سري وغير معلن. طقوس الزواج تعتبر طقوس الزواج كتعبير عن الانتقال من مرحلة العزوبة إلى مرحلة الزواج وبناء أسرة وما يحمله ذلك من رمزية ومن قيم حضارية متوارثة، وعلى الرغم من وجود بعض الاختلافات التي تطبع عملية الاحتفال هذه بين منطقة وأخرى ، إلا أن جوهرها يبقى متشابه إلى حد كبير وتخضع لتداخل المنطق الديني الذي تستمد منه هذه الطقوس مشروعيتها والمتجلي بالخصوص في ما يسمى "إشهار الزواج" أو "الهدية" أو "الصداق"، فإذا كانت الحضارة الغربية تتسم في عمومها بالبساطة في ممارسة هذه الطقوس والتركيز على "الفستان الأبيض" ودعوة بعض الحضور إلى الكنيسة لمباركة الزواج من طرف الراهب أو القس عند العائلات المتدينة وذلك بعض عقد القران المدني،ومن تم تناول عشاء بسيط مع إمكانية عرض موسيقي لوقت محدد ومن تم الانصراف، فإنه وبخلاف ذلك ففي المجتمع المغربي يتم التشدد إلى حد كبير في ممارسة هذا الطقس كما يتسم في مجمله بالتعقيد و المبالغة والتشدد(زواج ليلة تدبيره عام)، حيث يخضع لعدة مراحل،كما يستمر لعدة أيام ففي شمال المغرب مثلا يستمر الاحتفال لأربعة أيام كاملة.وتبدأ الاحتفالات بالمرحلة الأولى وهي الخطبة، وتقديم أهل العريس لهدية الخطبة وتكون في الغالب عبارة عن كسوة للعروس و سكر و حناء بالإضافة إلى ما سيأتون به من ألبسة..غير أن هدية السكر هي أحد أهم الطقوس التقليدية التي يحرص عليها الكل، مهما أختلف المستوى المادي ومن تم الاتفاق على تحديد سقف زمني محدد لحفل الزفاف في حالة الموافقة على الشروط الموضوعة من طرف أهل العروس ومن بينها تحديد قيمة الصداق أو التراضي بين الطرفين وفي حالة الرفض يتم إرجاع الهدايا . وفي المرحلة الثانية يأتي الاستعداد لإقامة حفل العرس، وتجهيز لباس العروس الذي لا يقل عن ثلاث أو أربع أطقم، وقد يصل إلى أربع عشرة للعروس ميسورة الحال. وتقوم على تزيين العروس امرأة تعرف ب " النكافة ". ويتم حجز " النكافات" قبل العرس بمدة طويلة؛ لكثرة الطلب في مواسم الزواج وخصوصا في فترة الصيف، وقد باتت أيام العرس المغربي ثلاثا في حين كانت سبعة أيام من قبل ، لكل يوم خصوصيته و طقوسه، وتنقسم الأيام الثلاثة عموما إلى ما يسمى يوم الحمًام حيث تذهب العروس في الصباح الباكر إلى جانب صديقاتها وأخواتها وبنات العائلة وتتخلل هذا الطقس إطلاق زغاريد متواصلة، ثم يوم الحناء في اليوم الثاني حيث يعتبر نقش الحناء من الطقوس الأصيلة للزفاف المغربي نظرا لرمزيتها واعتبارها مصدرا للتفاؤل بالنسبة للحياة الزوجية للعروس وترتدي العروس لباسا تقليديا، أخضر في الغالب، و تقوم الفتيات العازبات الحاضرات يوم نقش الحناء بالتناوب على" النقّاشة" التي يعهد إليها بتزيين يدي العروس ورجليها بنقوش جميلة تعبر عن مشاعر البهجة والسرور، وعلى أمل أن يكون حظ هؤلاء الفتيات مثل حظ العروس يتم نقش سبابة وإبهام كل بنت بنفس الحناء التي استعملت لتزيين العروس. من باب" الفأل الحسن" بقدوم عريس إليهن كما يتخلل هذا اليوم استقبال ما يسمى "بالدفوع" وهو يحتوي على كل ما يخص العروس من ملابس وهدايا وقطع ذهبية وغيرها مقدمة في ما يسمى ب "الطيافر" وهي عبارة عن أواني نحاسية مغطاة. و أخيرا هناك اليوم الثالث و الذي يعتبر الطقس الرئيسي في الزفاف المغربي ففيه تُزفُّ العروس لزوجها. في هذا اليوم يتم إحضار " النكافة" و هي سيدة تتكفل بزينة و لباس العروس فتعتبر النكافة المغربية بمثابة عامل رئيسي لإنجاح حفل العرس بل يعتبر وجودها ضروري للغاية، وهي تحرص على أن تلبس العروس في الزفاف أكثر من لباس تقليدي يكون مختلفا و يمثل بعض مناطق المغرب كاللباس الفاسي و الشمالي و الأمازيغي و مختلف أنواع القفطان المغربي إضافة إلى ملابس و أزياء أخرى مثل الزيّ الهندي و الخليجي و التونسي مثلا، لكن الإطلالة الأخيرة للعروس في حفل الزفاف تكون بالثوب الأبيض الذي ترتديه الأوروبيات في زفافهن. كما تتكلف النكافة إثر كل تغيير يطرأ على لباس العروس باختيار الإكسسوارات الملائمة له ، حيث يصبح العرس المغربي بمثابة عرض أزياء متكامل مما يشكل فعلا مصدر إرهاق فعلي للعروسين ! و يرافق عادة عرض الأزياء هذا تشكيلة موسيقية متنوعة جدا تعزفها الأجواق التي تختار موسيقى متناسبة مع لباس العروس ، كما تعزف خليطا من الأغاني الشرقية و المغربية إضافة للفولكلور الشعبي .. أيضا لا ننسى وجود " الدقايقية" و الذين يقومون بتنشيط العرس بطريقة غير عادية عبر أغانيهم ونغماتهم، علاوة على ذلك تقدم ولائم بالنسبة للضيوف وهي في الغالب ما ترتكز على وجبات غنية بالبروتينات وتركز كثيرا على اللحوم بأنواعها البيضاء والحمراء والمواد الذهنية علاوة على الحلويات بأنواعها والمشروبات الغازية و الفواكه وهي في الغالب ما تقدم في وقت متأخر من الليل،كما تجدر الإشارة إلى أنه في الأحياء الشعبية وفي كثير من المدن غالبا ما يتم الاحتفاء بالزفاف أثناء الليل وتستمر هذه الطقوس الاحتفالية حتى مطلع الفجر كما تستعمل في ذلك مكبرات الصوت. وخلال هذه الأجواء الصاخبة يتم حمل العروس في ما يعرف " بالعمارية المغربية" و اللف بها في كل مكان العرس. وفي الختام وبالضبط صبيحة الليلة الرئيسية لحفل الزفاف يأتي ما يعرف بيوم "الصباحية" حيث يرسل أهل العروس طعام الإفطار لها ولزوجها ولضيوفهما الذين يترددون عليها للتهنئة، ويتكون عموما من أنواع مختلفة من الحلويات و التمور المحشوة باللوز والمأكولات الغنية بالبروتينات والمواد الذهنية وأنواع مختلفة من المشروبات الباردة و الساخنة. ويمكن الإشارة في هذا المضمار وكما أسلفنا من قبل، أنه إذا كانت النصوص الدينية تنص على بساطة علاقة الزواج والحث على ضرورة تيسيره وجعله متاحا وأن العنصر الأهم يبقى هو "التقوى" والتحلي بالأخلاق الحميدة، فإن العادات و التقاليد المغربية تفرض قيودا كثيرة فيما يخص طقوس الزواج الشيء الذي يجعلها في نظر الكثير من الملاحظين مكلفة من الناحية المادية ،إذ في الغالب ما يتم اللجوء إلى القروض البنكية لتمويل نفقات العرس أو اضطرار أهل العروس للمساهمة في تمويل حفل الزفاف، كما يمكن الإشارة إلى أن هذه الطقوس ونظرا لطول مدتها وتعقيدها مقارنة مع مجتمعات أخرى قد أصبحت تشكل مصدر إرهاق بدني و نفسي بالنسبة للعروسين بل وحتى لذويهما كما يمكن أن تكون في بعض الأحيان عاملا من عوامل زعزعة الثقة والعلاقة بين الطرفين في حالة ما إذا اعترى أي خلل مسار تلك الطقوس الاحتفالية نظرا لأهميتها القصوى بالنسبة للعروس على الخصوص واعتبارها بمثابة "ليلة العمر" وما يمليه ذلك من أنه ينبغي الترتيب لكل شيء بشكل دقيق وبدون أدنى خطأ وذلك بغية إبهار الحاضرين والمدعوين أو على الأقل تفادي أي نوع من الانتقاد أو ما يعتبر "إخراسا للأفواه" مهما تطلب الأمر من ترتيبات. طقس الوفاة تتنوع هذه الطقوس وتختلف حسب الثقافات والشعوب والمعتقدات الدينية، غير أن هناك شبه إجماع أن الموت ما هي إلا محطة من محطات الانتقال و العبور من الحياة التي نعيشها إلى حياة أخرى وعالم آخر وأن الموت ليس نهاية المطاف بالنسبة للفرد بل بداية لمرحلة جديدة ،غير أن هناك بعض الاختلاف فيما يخص مسألة الحلول وتناسخ الأرواح ،ففي الثقافات الأسيوية عموما والثقافة البوذية التبتية يعتقد معتنقوها بأن الشخص الذي يحتضر فهو بحاجة إلى تعليمات تساعده على ما يسمونه بالميتة الجيدة وتدوم الطقوس لمدة 49 يوما حيث يهتف المشيعون ب ”السوترات“ يوميا للمساعدة على توجيه روح الميت والتأكد بأنها ستحظى بفرصة كبيرة لتحقيق السعادة القادمة التي يطلق عليها اسم ”نيبانا Nibbana.“ ويقومون بعدها بحرق الجثة ويبدأ البحث بين الرماد عن مواد محترقة ملونة تسمى ”اللوتس“ كدليل على العمل الصالح الذي قام به الشخص خلال حياته. أما عند أتباع الكنيسة الأرثوذوكسية كروسيا فالإعلان عن وجود جنازة يكون عن طريق ترنيمة معينة منبعثة من الكنيسة و غالبا ما تكون من نوتة عالية إلى منخفضة ،وتعقد الجنائز عامة في اليوم الثالث بعد وفاة شخص ما، حيث تجتمع العائلة والأقرباء لتناول عشاء خاص بالجنازة، يُعتقد أن الروح تغادر الجسد في اليوم التاسع بعد الموت، فيعاد فيه عقد اجتماع وعشاء خاص في الكنيسة، أما بعد مضي 40 يوما فتنتقل الروح إلى العالم الآخر حسب المعتقد الأرثوذوكسي،.يجري التقليد في كل عشاء بوضع كأس من مشروب الفودكا مغطى بقطعة خبز أسود بجانب الجثمان، وهناك تقليد معكوس لهذا الأخير يقوم فيه الروس بكسر قطعة خبز أسود بدلا من وضعها على الكأس عندما يلتقون بشخص ما للمرة الأولى. و يترك جسد الميت بدون غطاء لمدة ثلاثة أيام في صندوق خشبي ،و هو تقليد ظل معمولا به لقرون إلا أنه أصبح يعتبر أمرا مكلفا، لذا أصبح حرق الجسد كما في الثقافة البوذية شائعاً كحل أقل تكلفة. أما في المجتمع المغربي فيلعب العنصر الديني الإسلامي دورا محوريا في هذه الطقوس، حيث ٌيٍعمد إلى غسل الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، باستثناء حالات معينة حيث يدفن الميت دون غسل مثل حالة الشهيد بحسب المعتقد الإسلامي ولا يتم تكفينه بغير ثيابه التي قتل فيها (موسوعة الفتاوى ). غير أنه و بعد عملية الدفن والعودة من المقبرة يقوم الجيران بجلب الكسكس إلى منزل الميت كنوع من العمل التضامني ،كما يتوجب على أهل الميت أثناء نفس الليلة أو الليلة الموالية القيام بما يسمى "عشاء الميت" أو "النعي" أو هناك من يعتبرها "صدقة" تكريما لروح الميت حيث يتخلله تلاوة القرآن والأدعية و بعض دروس الوعظ.وقد عرفت هذه الطقوس بدورها تطورا ملحوظا، حيث أصبح طقس العشاء هذا أقرب إلى الجو الاحتفالي منه إلى المأتم، و أصبح يقدم فيه للمدعوين أطباق من اللحوم بالإضافة إلى أنواع معينة من الحلويات و البيض و المشروبات الغازية وأحيانا الفواكه، وفي حالة عجز أهل الميت عن القيام بهذا الطقس إكراما لروح الميت حسب المعتقدات السائدة، يقوم الجيران والأقارب بجمع التبرعات لتمويل ما يسمى بعشاء الميت الشيء الذي يجعله محاطا بنوع من الإكراه والإلزام وأقرب إلى منطق التباهي أو إرضاء الخواطر أو إخراس للأفواه.