"مْلِّي غَادِي نْقْرْرُّو نْزِيدُو، غَادِي نْجِي عْنْد المُوَاطِنِين في التّلفزيون، وغَادِي نْقُول لِيهُم كِيفَاش غَادِي تْكُون المُسَاعَدة دْيَالْهم بَاشْ مَا يْضْطَرُّوش إلى شراء قْرْعَة دْيَال البُوتَاغَاز اللِّي كَيْطِيْبو بيها بثمن مرتفع..وذلك بالوضوح والتدرج اللازم".. الكلام هنا لعبد الإله بنكيران حين افتتاحه لأشغال المجلس الحكومي يوم 26 فبراير الماضي، عامدا إلى نفي أي استعداد للحكومة لرفع أسعار قنينات الغاز المنزلي. وضمن ذات الموعد الحكومي أقدم بنكيران على اتهام "جهات"، لم يُسمها، بأنها "وراء ترويج إشاعات تتهم استعداد الحكومة لرفع أثمان بعض المواد المدعمة، خاصة غاز البوطان"، وقال: "هناك مشوّشون، هداهم الله، لم يجدوا كيف يستهدفون الحكومة ويعرقلوا عملها سوى ترويج الإشاعات".. وواصل بنكيران: "الحكومة وضعت في ذهنها أن لا تمس بالقدرة الشرائية للمواطنين إلا عند الضرورة التي يمكن تحملها" وفق تعبيره. أسباب التمويه خرجة بنكيران التمويهيّة أتت بعد يومين اثنين من نشر هسبريس، عقب لقاء مع مصدر حكومي رفض الكشف عن هويته، مادّة تثير وجود حسم نهائي لدَى حكومة عبد الإله بنكيران برفع الدعم عن المواد التي يدعمها صندوق المقاصة، وهي غاز البوطان والسكر والدقيق المدعم، حيث كشف المصدر أن رفع الدعم قد تم البت فيه نهائيا وتحديد تواريخ لأجرأته قبل نهاية السنة الجارية. ووفقا لذات المصدر، المصرح لهسبريس وقتها، فإن الحكومة قررت رفع الدعم مع الأخذ بعين الاعتبار المنافع الأساسية التي خلقها استعمال غاز البوطان للمجتمع، خصوصا الاستعمالات المتعددة التي أدت إلى تحرير عدد من النساء القرويات من أزمة الحطب، وما لهذا الأمر من منافع بيئية خصوصا على مجال استنزاف الغابات.. وزاد أن "الدولة تتحمل كامل الدعم الموجه لغاز البوطان بمبلغ 83 درهما عن كل قنينة من فئة 12 كيلوغراما، مما كلف 13,7 مليار درهم برسم سنة 2013، وفي الوقت نفسه تدعم السكر المكرر بما يزيد عن 2,85 درهما لكل كيلوغرام، بمبلغ مالي يناهز 3,5 مليار درهم سنويا" وفق ذات الراغب في التكتم على هويته. ال"بوطا" ب125 درهما أشهرا قبل اتهامات عبد الإله بنكيران ب"ترويج إعلامي للإشاعات"، وتحديدا في بداية شهر دجنبر الماضي، كان رئيس الحكومة ماثلا أمام أعضاء الغرفة الثانية من البرلمان المغربي لأجل مساءلته بخصوص السياسات العامّة في مجلس المستشارين.. ملوحا ببشرى غير سارّة في وجوه المغاربة وهو يقول إن الحكومة قد قررت رفع الدعم عن الغاز وسط لقاء كان مخصصا ل""إشكالات الاستثمار ورهانات المحافظة على تنافسية المقاولة والقدرة الشرائية للمواطنين". وأبرز ذات السياسي المترئس للائتلاف الحكومي الحالي أن السلطة التنفيذية لم تلتزم بأي إجراء مصاحب لعملية رفع الدعم الذي سيجعل المواطن المغربي يقتني القنينة الكبرى من غاز البوطان ب125 درهما، عوض 42 درهما المعمول بها ضمن التسعير الجاري، وشدد على أن حكومته لا يمكنها الاستمرار في دعم هذه المادة.. وقال بنكيران: "رفع الدعم عن غاز البوطان ضروري لأن جهات أخرى، غير المواطنين المنتمين للفئات الفقيرة، تستفيد منه"، مسجلا أنه "من غير المعقول استفادة جميع الفنادق والمطاعم والقطاع الفلاحي بمعدل يقارب 14 مليار درهم سنويا" خلال كلامه تحت قبة البرلمان. البحث عن مخارج بالرغم من تمويهات بنكيران إلاّ أن الحكومة عملت على الإعداد لتفعيل قرارها الحاسم برفع الدعم عن غاز البوطان بتخطيط سيناريوهات تجنبها قسطا من غضب المتضررين المشكلين للشريحة الأكبر من الشعب المغربيّ.. متأرجحة ما بين تقديم "بدل دعم" مباشر، في صيغة أولى، إلى جوار صيغة ثانية لاجئة لخصم من فاتورة الاستهلاك الكهربائي. وسبق لهسبريس، منتصف شهر أبريل الماضي، أن نشرت مادّة تقول إن المعطيات المتحصل عليها تفيد بأن الحكومة ستخصم من فوترة الكهرباء الشهرية ما مجموعه 100 درهم لكل أسرة، وهو ما يعادل ثمن "بوطاغاز ونصف" تقريبا، خاصة وأن سعرها في السوق العالمية يبلغ ما معدله 70 درهما.. حيث أن الاستهداف سيتم على الاستهلاك الكهربائي المعادل ل300 كلواط شهريا، وهو ما يعني أنها ستمس غالبية الأشطر التي حددتها في دفتر تحملات إصلاح وضعية المكتب الوطني للماء والكهرباء. "ذات المعطيات أشارت إلى حرص الحكومة على استفادة المواطنين الذي يستعملون البطائق القابلة للتعبئة في تسوية قيمة استهلاكهم من الكهرباء، والتي يغطي العمل بها العديد من القرى عبر ربوع الوطن، حيث أن المواطنين الذين لا يتجاوز استهلاكهم الشهري 100 درهم سيستفيدون من الإنارة مجانا" وفق ما تم كشفه من لدن هسبريس. الوفا وشجاعة بنكيران الخبر اليقين جاء على لسان محمد الوفا، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، ضمن لقاء له مع فريق الPJD النيابي بالبرلمان، وهو يتحدث عن "تفاصيل خطّة، تنتظر التنفيذ، لرفع الدعم عن البوطان".. "لن نفاجئ أي أحد، وعندنا هامش للتحكم في الأمر، ولا نتعرض لضغوط خارجية، والمؤشرات الاقتصادية جيدة.." يورد الوفا قبل أن يحيّي شجاعة بنكيران، متناسيا سابق تصريحات رئيس الحكومة، ضمن المجلس الحكومي الذي حضره الوفا نفسه قبل 4 أشهر، أرغى وأزبد ضمنها بنكيران وهو يندّد ب"الإشاعات الهامّة حرمان المغاربة من دعم غازهم المنزليّ". الوفا، وضمن ذات الاستضافة البرلمانيّة التي لبّى دعوتها الصادرة عن نواب "حزب بنكيران"، قال إن "خصوم التجربة الحكومية يخافون من الربح السياسي لحزب العدالة والتنمية في هذا الإصلاح"، أضاف أن "الحكومة تراعي الكلفة السياسية لهذا الإصلاح رغم أن رئيس الحكومة مقتنع بما يقوم به من إصلاحات لخدمة البلاد".. لكنّه تجنّب إثارة أي أفق زمني لتفعيل رفع الدعم عن البوطان، وهي الخطوة المرتقبة قبل نهاية 2015.. كما تحاشَى المسؤول الحكومي عن "الحكامة" الحديث، ضمن ذات الخرجة، عن مدَى التزام بنكيران بسابق وعده باللجوء إلى "خطبة تلفزيّة قبل رفع الدعم".