أجمعت مداخلات رئيس الحكومة وفرق الأغلبية والمعارضة، اليوم الأربعاء بمجلس المستشارين، على ما تعانيه ساكنة العالم القروي من مشاكل رغم سعي الحكومات المتعاقبة على فك العزلة عنها وتحقيق التنمية فيها. وأقر رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، خلال جلسة المساءلة الشهرية حول السياسيات العامة التي خصصت للعالم القروي، بتقصير حكومته في هذا المجال.. مؤكدا استعداد للتجاوب مع جميع المقترحات التي من شأنها حل مشاكل قرى المملكة، وخصوصا تلك التي يمكن أن تأتي من فرق المعارضة. الجلسة تميزت، على غير العادة، بهدوء بين طرفي المساءلة.. وأكد ضمنها رئيس الحكومة أنه لا يتوفر على عقدة تمنعه من الاعتراف بالتقصير في الملفات التي لم يحقق ضمنها ما يتمناه، وفي مقدمتها العالم القروي والتشغيل وحوادث السير، موضحا أن "الحكومات السابقة، عندما تمثل أمام البرلمان، تكون جميع أعمالها جيدة، وكَتْخْرْج عينِيها". وبعدما أكد رئيس الحكومة أن "الساكنة القروية لا يجب أن نغرس فيها الحقد، لكونها العمق الحقيقي للمغرب، ودفاع ساكنتها عن حوزة البلاد"، أشار إلى أن "ما قامت به الدولة كثير للعالم القروي، ولكنه لم يقع بطريقة متوازنة، حيث أن القرى كانت ولاتزال موضوع برامج وتدخلات قطاعية متعددة". "الساكنة في العالم القروي لا تزال تعاني من اختلالات بنيوية تهم مجالات أساسية كالفلاحة والتعليم والصحة والطرق والبنيات التحية والولوجية إلى المرافق العمومية الحيوية، بالإضافة إلى ضعف الاستثمارات" يقول رئيس الحكومة الذي أوضح أن هذا الامر "انعكس سلبا على تنافسية الاقتصاد القروي وعلى بنياته الإنتاجية والاجتماعية وبالتالي على المستوى المعيشي للساكنة". وسجل بنكيران أن "مكانة العالم القروي داخل منظومة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، من جهة، وحجم الخصاص الذي يسجله على مستوى البنيات التحتية والخدمات الأساسية وضعف الاستثمارات، وكذا التأثيرات المرتبطة بالتغيرات المناخية التي أضحت واقعا ملموسا، يؤثر سلبا على نظام الإنتاج"، داعيا إلى "تغيير مقاربة إشكالية تنمية العالم القروي، بالانتقال من منظور يختزل التنمية القروية في التنمية الزراعية، التي تبقى مع ذلك رافعة حيوية، إلى مقاربة إدماجية تستحضر تدخل مختلف القطاعات وفق رؤية تنموية شمولية". مداخلات النواب أجمعت على سيادة السوداوية بالعالم القروي، حيث اعتبر حكيم بنشماش، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بالغرفة الثانية، أن "المغاربة في العالم القروي وَاصلة فيهم للعظم، إذ يعيش المواطنون فيه قساوة وتحديات"، منبها إلى أن "هذا الجزء من الوطن فيه فرص مهضومة، ويعيش الناس وسطه ظروفا ومقومات مقترنة بالأبرتايْد الإجتماعي". وتساءل بنشماش: "كيف أن الملك يصول ويجول وينصت للفقراء، بينما يشعر سكان العالم القروي أنهم منسيون ومقصيون"، مسجلا أن "الوضعية الصحية في العالم القروي يجب أن تشعرنا بالخجل لأنها تذكرنا بالقرون الوسطى"، ليحذر من أن "الظلم قد يتحول إلى شرارة تطاردنا جميعا، لذلك يجب تدارك ما يمكن تداركه" وفق تعبيره.